"إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا"
سبق أن ذكرنا بعض الأدلة النقلية التي تؤكد على حجية السنة، كما قمنا بتعريف السنة وأقسامها وبعض الآيات التي تدل على حجيتها.
ثالثاً: بعض الآيات التي تحذر من عصيان النبي ﷺ ومن عدمِ اتباع أمره:
1- قال تعالى: "فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً {65}" (سورة النساء).
2- قال تعالى: "وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً {115}" (سورة النساء).
3- قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً {57}" (سورة الأحزاب).
4- قال تعالى: "وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ {14}" (سورة النساء).
رابعاً: بعض الأحاديث التي تدلُّ على حجية السنَّة النبويَّة المطهَّرة:
لقد أمَرنا النبي ﷺ باتباع ما جاء به وما سنَّه لنا، بل أمرنا ﷺ أن نعَضَّ على سنَّته بالنواجذ، حتى لا نضِلَّ ولا نقع فيما وقعَتْ فيه الأمم السابقة بسبب اختلافهم على أنبيائهم.
1- عن المقدامِ بن معد يكرب الكندي رضي الله عنه: أن النبي ﷺ وسلم قال: "يوشِك الرجل مُتكئًا على أريكته يُحدث بحديثٍ من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل، ما وجَدْنا فيه من حلالٍ استحللناه، وما وجدنا فيه من حرامٍ حرَّمناه، ألا وإن ما حرَّم رسولُ الله ﷺ مثلُ ما حرَّم الله" (رواه ابن ماجه).
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "مَن أطاعني فقد أطاع اللهَ، ومَن عصاني فقد عصى الله، ومَن أطاع أميري فقد أطاعني، ومَن عصى أميري فقد عصاني" (رواه البخاري).
3- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ ﷺ قال: "كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا مَن أبى"، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: "مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى" (رواه البخاري).
4- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ ﷺ قال: "تركتُ فيكم شيئينِ، لن تضلوا بعدهما: كتابَ الله، وسنَّتي، ولن يتفرَّقا حتى يرِدَا علَيَّ الحوضَ" (صححه الألباني).
5- عن العِرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمعِ والطاعة، وإن أُمِّرَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ، فإنه مَن يَعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء المَهْديين الراشدين، تمسَّكوا بها، وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومُحدَثاتِ الأمور؛ فإن كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ" (صححه الألباني).
خامساً: مدى اتباعِ الصحابة رضي الله عنهم للنبيِّ ﷺ:
لقد ضرَب الصحابةُ رضوان الله عليهم المَثَل في الوفاء للنبي ﷺ، وحُسن اتباع ما جاء به، فلقد كان أحدهم يسقُطُ سوطه وهو راكب على دابته، فينزل ليأخذ سوطه ولا يطلب من أحد أن يناوله؛ لأنه بايَع رسول الله ﷺ على ألا يسأل الناسَ شيئًا، أعطَوْه أو منعوه. ولقد كان الصحابي يروي الحديث عن النبي ﷺ فيشير مثلما كان يشير، ويقول: هكذا رأيت النبي ﷺ يفعل.
1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "بينما رسولُ الله ﷺ يُصلي بأصحابه، إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القومُ ألقَوا نعالهم، فلما قضى رسول الله ﷺ صلاته، قال: "ما حملكم على إلقائكم نعالَكم؟"، قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال رسول الله ﷺ : "إن جبريلَ ﷺ أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا، وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذًى فليمسحه وليُصَلِّ فيهما" (صححه الألباني).
2- عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه جاء إلى الحَجَر الأسود فقبَّله، فقال: "إني أعلم أنك حجرٌ، لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبيَّ ﷺ يقبِّلُك ما قبَّلتُك" (رواه البخاري).
3- جاء في البداية والنهاية: "أشار كثيرٌ من الناس على الصِّدِّيق ألا يُنفِذَ جيش أسامة؛ لاحتياجِه إليه فيما هو أهمُّ الآنَ مما جُهِّز بسببه في حال السلامة، وكان مِن جملة مَن أشار بذلك عمر بن الخطاب، فامتنع الصِّدِّيق من ذلك، وأبى أشدَّ الإباء إلا أن ينفذ جيش أسامة، وقال: والله لا أحُلُّ عقدةً عقَدها رسول الله ﷺ، ولو أن الطيرَ تَخَطَّفنا، والسباع مِن حول المدينة، ولو أن الكلاب جرَّتْ بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامة".
إن ما ذكر هنا من آيات وأحاديث ومواقف للصحابة الكرام للدلالة على حجية السنة ما هو إلا غيض من فيض ومن امتلأ قلبه بالإيمان يكفيه من ذلك أقل القليل بل يكفيه مجرد الأمر بالاتباع دون البحث عن أدلة.