3 أمور غير عادلة يتوقعها الآباء من أبنائهم!

الرئيسية » بصائر تربوية » 3 أمور غير عادلة يتوقعها الآباء من أبنائهم!
Fathers121

التربية من أكثر التحديات التي قد يواجهها أي إنسان سيما الآباء، بيد أن الأوليات في التربية تختلف بين الآباء وكذا توقعاتهم من أبنائهم.
بعض التوقعات قد تكون واقعية ومحبذة سيما إذا جاءت متوافقة مع عمر الطفل، وطباعه وتكوينه الجسدي والنفسي، والبيئة التي نشأ فيها. بيد أن بعض التوقعات قد لا تكون منصفة إذا حدث تضارب أو أكثر بين تلك الأمور، وبالتالي يغدو بناء التوقعات ظلمًا يُلحقه الآباء بالأبناء. وهنا عرض لأبرز 3 توقعات من شأنها أن تسبب الضرر للأبناء:

1- وضعهم في وَسَط ما، وتوقع نتيجة عكسية:

فهناك الكثير من الآباء الذين يرغبون أن ينشأ أبناؤهم نشأة إسلامية سوية، ثم تجد ذات الآباء يُلحقون أطفالهم بمدارس أجنبية يقوم بالتدريس فيها أجانب غير مسلمين. والأغرب أنهم يُذهَلون حين تأتي بناتهن وهن يرغبن في ارتداء ملابس مكشوفة وهن في سن الحجاب، أو أن يرغب الولد في اتخاذ صديقة له وهو في مرحلة المراهقة!

إن الكثير من الآباء مع الأسف لا يدركون أهمية المحاكاة في حياة الأطفال . فإذا أردت أن تُعلِّم طفلًا أمرًا، فهذا لا يكون بإعطائه محاضرة وعظية تربوية، ولكن بأن تقدم له مثلًا يحاكيه أو أن تكونه أنت إذا أمكن.

ولا يجب الاكتفاء بذلك، بل يجب أن يحرص الآباء على ألا يُعرِّضوا أبناءهم لأوساط متناقضة، ثم يطلبوا منهم أن يتخذوا قرارات حكيمة بالانتماء للبيئة الصحيحة. فيكون وسط البيت متدينًا ومحافظًا، ووسط المدرسة غربيًا متفتحًا، ثم تتوقع أنت أن يظل الطفل محافظًا على دينه من تلقاء نفسه رغم الوسط المدرسي الغربي الذي يمضي فيه وقتًا أكثر مما يمضيه في البيت!

يجب أن يحرص الآباء على ألا يُعرِّضوا أبناءهم لأوساط متناقضة، ثم يطلبوا منهم أن يتخذوا قرارات حكيمة بالانتماء للبيئة الصحيحة

إن الكبار أنفسهم يتأثرون بالأوساط التي يكونون فيها، وكم من أناس تغيروا للأفضل، أو انحرفوا لأسفل سافلين، فقط بسبب الوسط الذي وُضعوا فيه أو وَضعوا أنفسهم فيه. فما بالكم بالأطفال الذين يَسهُل تشكيلهم في تلك السن الغضة، أليس من الظلم أن نتوقع منهم اختيار الطريق والمنهاج الصحيحين، ونحن قد ألقينا بهم في أعاصير من التناقض الفكري والنفسي والقلبي؟! أليس من الظلم أن نلقي بهم في أوساط متناقضة بشكل صارخ، ثم نطالبهم أن ينافحوا ويكافحوا ليختاروا الطريق الصحيح من تلقاء أنفسهم وباعتمادهم على فطرتهم بشكل كلي، وكأنهم ليسوا بشرًا مثلنا يتأثرون وينبهرون ويرغبون بالتقليد؟!

هناك الكثيرون ممن نجحوا في التأقلم مع أوساط مغايرة وحافظوا على عقيدتهم وثقافتهم سواء من الكبار أو الصغار. ولكن تلك تظل حالات نادرة لا يجب القياس عليها، فالأطفال ليسوا كائنات خارقة لنتوقع منهم تصرفات وردود فعل خارجة عن العادة!  

أليس من الظلم أن نتوقع من الأبناء اختيار الطريق والمنهاج الصحيحين، ونحن قد ألقينا بهم في أعاصير من التناقض الفكري والنفسي والقلبي؟!

2- عدم وجود قدوة وتوقع المثالية:

ربما تكون هذه النقطة من أبرز آفات التربية في عصرنا الحالي. فمعظم الآباء لا يحرصون على فهم ودراسة أصول التربية. كما لا يمثلونها بفطرتهم بشكل جيد. وإنما يربون أبناءهم كما رباهم آباؤهم سواء كانت طرق التربية تلك صحيحة أم لا. وأسوأ تلك الأساليب على الإطلاق هي توقع الآباء من الأبناء أن يتصرفوا بمثالية لا يقوم بها الآباء أنفسهم . فتطلب الأم من أبنائها مثلًا عدم الانفعال والتحدث بهدوء، وهم لا يرونها إلا منفعلة وعصبية! ويطلب الأب من أبنائه ألا يتأخروا عن مواعيد النوم والاستيقاظ والذهاب إلى المدرسة، ثم لا يلتزم هو بالمواعيد ويتأخر عن عمله!

صحيح أن الآباء ليسوا ملائكة والخطأ وارد، فإذا تجاوزوا عن الخطأ لأنفسهم وهم الكبار الراشدون الواعون، أفلا يتجاوزون عن الأطفال البُرآء ويعطوهم فرصة واثنتين وثلاثة وأكثر، وفقًا لما يتطلبه عمرهم، واستيعابهم العقلي، وظروفهم النفسية والبيئية؟! وقبل كل هذا، أليس عليهم أن يحرصوا قبل محاسبة أبنائهم أن يحاسبوا أنفسهم وأن يكونوا قدوة حسنة؟!

3- سماع الكلام غير المشروط:

بعض الآباء مع الأسف يظنون أنهم يعيشون في ثكنة عسكرية، ولا يتوقفون عن إصدار الأوامر لأبنائهم، وتوقع إجابات بالموافقة على الدوام دون أي قيد أو شرط أو نقاش. والكثير من الآباء يَخلِط للأسف بين الطاعة والبرِّ التي أُمر الأبناء بها، وبين الاستقلالية والحرية الشخصية التي يتوجب عليهم منحها لأبنائهم. فليس من البر أو الطاعة أن يفرض الآباء على أبنائهم دراسة مجال ما، أو الزواج في سن ما من شخص بعينه! وإذا رفض الأبناء تلك الأمور فهذا ليس عقوقًا. وإنما هي حرية شخصية تتعلق بشؤون حياتهم هم طالما لا يضرون أحدًا.

ليس من البر أو الطاعة أن يفرض الآباء على أبنائهم دراسة مجال ما، أو الزواج في سن ما من شخص بعينه! وإذا رفض الأبناء تلك الأمور فهذا ليس عقوقًا!

وكذلك بالنسبة للأطفال، ففرض نوع معين من اللباس، أو الطعام، أو الألعاب على الطفل (دون وجود مبرِّر أو ضرر من استعمال غيرها) يعد تسلطًا من الآباء وليس حرصًا أو رعاية. ورفض الأطفال هنا ليس عقوقًا ولا تمردًا بل هو حق طبيعي في الاستقالية والاختيار الفردي لأمور تتعلق بهم هم شخصيًا، طالما لم يضروا أنفسهم أو غيرهم باختياراتهم.

فإذن، التوقعات غير المنصفة هي من أسوأ أساليب التربية، وهي من آفات أساليب التربية التقليدية التي ورثها الكثير من الناس أبًا عن جد. والحقيقة أنه آن الأوان لأن يدرس الآباء فنون التربية أو تُدرَّس لهم قبل أن يصيروا جزءًا من حياة إنسان يسيّروها كما شاؤوا بلا حسيب أو رقيب وبلا حدود أو قيود .

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …