التمييز في المعاملة ربما يكون من أخطر المآسي التي يتعرض لها الأطفال، خاصة التوائم والمتقاربين منهم في العمر، وتقول بعض الدراسات إن الكثير من الآباء والمدرسين قد يقومون ببعض الإجراءات أو التصرفات التي قد تسبب الأذى للإخوة التوائم بحسن نية، دون ملاحظة خطر التصرف أو الإجراء.
فإليكم أبرز الأمور التي يتمّ بها التمييز بين التوائم، وقد تتسبب بالضرر النفسي عليهم -سواء على المدى القريب أو البعيد-:
1- معاملتهم كشخص واحد، والمقارنات المستمرة:
فالمساواة في المعاملة التي يحرص عليها الكثير من الآباء بالذات لئلا يتسببوا في إشعال الغلّ أو الضغينة شيء، والمقارنة المستمرة بينهما في محاولة لجعلهما شخصًا واحدًا شيء آخر، فالكثير من الآباء والأمهات يقارنون -شاؤوا أم أَبَوْا- بين المستويات الدراسية للتوائم، وحتى بين مواهبهم وهواياتهم، وطريقة تصرفهم وحديثهم، وينسى أو يتناسى الكثير من الآباء أن التوأمين وإن تطابقا في الشكل -وهذا كثيرًا ما لا يحدث- وغيرها من الصفات والطباع، فإنهما ما يزالان شخصين مختلفين، ويجب التعامل معهما على هذا الأساس.
فأن يُحرَم أحد التوأمين من الذهاب إلى رحلة ما، أو أداء نشاط معين؛ لأن الأخ أو الأخت التوأم لا يرغب في ذلك، ليس من المساواة في شيء، وهذا التصرف يعادل تمامًا من يمنع إنسانًا من فعل أمر، فقط لأن أخاه -الذي يفترض الجميع تشابههما إلى حد التطابق النفسي والعقلي- لا يريد ذلك، فقد نرى نفس هؤلاء الآباء لا يمانعون في أن يذهب أي من أبنائهم الآخرين من الذين يملكون فرقًا عمريًا -مقبولًا من وجهة نظرهم- قد يصل لعدة سنوات.
أن يُحرَم أحد التوأمين من الذهاب إلى رحلة ما أو أداء نشاط معين؛ لأن الأخ أو الأخت التوأم لا ترغب في ذلك، ليس من المساواة في شيء
2- المقارنات المدرسية، لا تتوقف:
صحيح أننا ذكرنا المقارنات في المستوى الدراسي في النقطة السابقة، غير أننا رأينا أهمية إفراد نقطة مخصصة للتحدث عن ذلك النوع من المقارنات تحديدًا؛ ذلك أنه لا يشمل الآباء فحسب، وإنما المدرسون كذلك، فكثيرًا ما كنت أسمع مدرسات يعاتبن إحدى التوأمين في فصلنا أثناء تصحيح الامتحانات، أو حتى الدفاتر قائلة: "انظري كيف أختك منظمة؟"، "كيف تنجحين وترسب أختك"؟، "علّميها الرسم كما تتقنينه أنت؟".
ومن أكثر الأمور غير العادلة كذلك، هو ما كان يتعلق بتصحيح المقالات ومواضيع الإنشاء، فتجد المُدرِّسة تقول: "صححتُ لواحدة منكما، فلتنظر الأخرى في دفترها، وترى الملاحظات والتصويبات التي قمت بها!"، فقد وصل الجهل بحقيقة وطبيعة التوائم بأن تتعامل المدرسات معهم على أنهم نسخ متطابقة في العقلية والتفكير والمستوى الدراسي ، فإن عزينا مقارنة الآباء والأمهات للجهل أو ضعف المستوى الثقافي، فما هي العلّة لدى المدرسات يا ترى، واللاتي من المفترض أنهن يملكن شهادة، ليس فحسب في المادة اللاتي يدرسنها ولكن كذلك في التربية؟!
3- التمييز في مستوى التعليم:
فقد شهدنا بعض الآباء الذين يرسلون أحد التوأمين لمدرسة أغلى وأرقى من أخيه أو أخته، وهذا لا ريب تمييز في المعاملة ، فأن ترسل أحد الأطفال لمدرسة للغات أو ذات مستوى "تعليمي أرقى"، لا مستوى "مادي أعلى" أمر يمكن تفهمه، فليس كل الطلبة متساوين في المستوى التعليمي كما أسلفنا الذكر، ولكن التفرقة في مستوى التعليم -من الناحية المادية- أو الهدايا، أو أي نوع من الرفاهية بين الإخوة بصفة عامة، والتوائم بالذات أمر مرفوض تمامًا، وغير مبرر البتة.
التفرقة في مستوى التعليم -من الناحية المادية- أو الهدايا أو أي نوع من الرفاهية بين الإخوة بصفة عامة، والتوائم بالذات أمر مرفوض تمامًا وغير مبرر البتة
4- إجبارهما على البقاء سويًا:
فالكثير من الإخوة التوائم كذلك قد يحدث بينهما اختلاف كبير في الطباع والعقليات والهوايات، فقد يكون أحد التوأمين منطويًا وأخوه اجتماعياً ، ولأجل أن يكون هذان التوأمين معًا على الدوام، فلا يوجد حل إلا إجبار أحدهما على حضور مناسبات اجتماعية لا يرغب فيها، أو حرمان الآخر منها، لذا أن يحرص الأبوان على التقارب بين الإخوة والحفاظ على علاقات طيبة بينهما أمر، وأن يُجبرا بعض الإخوة أن يغيروا طباعهم وهواياتهم؛ ليتوافقوا مع غيرهم من أخوتهم أمر مختلف تمامًا، أما الأول فمحبذ ومطلوب، وبالنسبة للثاني فهو أمر مزعج وغير منصف لأفراد الأسرة بشكل عام، والإخوة على نحو خاص.الإنصاف من أكثر الأمور التي تغيب عن بال الكثير من الآباء أثناء محاولتهم تحقيق الأنسب والأصح لأبنائهم من وجهة نظرهم، غير أن هذه الأمور تعدّ من أكثر الأشياء التي تؤثر على نفسية الأبناء، وقد يتسبب في إحداث عقد نفسية أو أمراض جسمانية، فعلى الآباء أن يحرصوا على تحقيق الإنصاف بين الأبناء في كل الأمور ما استطاعوا لذلك سبيلًا.