إن اللغة العربية هي لغة القرآن ولغة الصلاة وبها دُونت الشعائر الدينية للمسلمين ولغير المسلمين.
تُعد اللغة العربية من اللغات الرسمية الست في منظمة الأمم المتحدة، ويتم الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في 18 ديسمبر من كل عام.
لقد سُميت اللغة العربية بـ (لغة الضاد) وذلك لأن هذا الحرف (ض) لا يوجد في لغة أخرى سوى اللغة العربية، وأن أصحاب اللغات الأخرى يجدون صعوبة في تعلمه وفي نطقه، ومن لا يستقيم لسانه بهذا الحرف لا يستقيم في قراءة القرآن ولا في تذوق اللغة العربية وأدبها.
لقد اعتنى العرب باللغة العربية قبل الإسلام عناية بالغة وحفظوها من التغيير، فعدوا الخطأ فيها عيباً يُعير به الإنسان، ولقد كانوا يُعلنون عن بدائع شعرهم وخطبهم في أسواقهم المشهورة أيام مواسم الحج، فكان علمهم الحق هو أدب لغتهم، وهو علمهم العقلي الوحيد.
بعد ظهور الإسلام استمر هذا الاهتمام باللغة العربية وعلومها فهبّ اللغويون يجمعون اللغة، ويدونونها خوفاً من تداخل الألسن واللهجات، فارتحلوا إلى البوادي التي لم يختلط أهلها بالأعاجم، وشافهوا الأعراب، ودوَّنوا عنهم اللغة.
- قال الإمام الشافعي رحمه الله: "على كل مسلم أن يتعلّم من لسان العرب ما بلغه جهده حتى يشهد به أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله تعالى، وينطق بالذكر فيما افتُرِض عليه من التكبير، وأُمِر به من التسبيح والتشهّد وغير ذلك. وما ازداد من العلم باللسان الذي جعله الله لسان من ختم به نبوّته، وأنزل به آخر كتبه، كان خيراً له".
يقول الإمام الزمخشري في بيان فضل العربية: "لا غناء لعلم من علوم الشريعة عنها".
رغم كل ما سبق يلاحظ أن هناك إهمالاً ملحوظاً من أهل اللغة العربية في شأنها والحفاظ عليها مما أدى إلى سيطرة لغات أخرى.
من مظاهر هذا الإهمال أن المناهج الدراسية قد أصبحت تدرَّس باللغات الأجنبية، والمؤتمرات تعقد باللغات الأجنبية، والوظائف تتطلب خبرة في اللغات الأجنبية، ولافتات الشركات تكتب باللغات الأجنبية، بل ويتهافت الناس على المنتجات ذات الماركات الأجنبية...الخ.
إن كل هذه المقدمات أدت إلى خروج جيل لا يعتز بعروبته ولا يجعلها له قِبلة ولا يجعل الاستقرار في بلادها أملاً أو طموحاً.
ومما زاد الطين بلة أن أدى هذا الهوس بكل ما هو أجنبي وهذا النهم في تعلم اللغات الأجنبية إلى ظهور لغة بين الشباب يسمونها (فرانكو أراب) أو (عربيزي) يدمجون فيها الحروف العربية مع الحروف الأجنبية لتخرج لغة شبابية جديدة يتواصلون بها ويتفاهمون من خلالها فأصبحوا مَسخاً جديداً ما أنزل الله تعالى به من سلطان ولا عرفت له البشرية مثيل من قبل.
أولاً: أهمية اللغة العربية في القرآن الكريم
لقد ذكرت اللغة العربية في آيات عديدة من القرآن الكريم، نذكر منها:-
قال تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {2}" (سورة يوسف).
قال تعالى: "وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً {113}" (سورة طه).
قال تعالى: "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ {195}" (سورة الشعراء).
قال تعالى: "قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ {28}" (سورة الزمر).
قال تعالى: "كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ {3}" (سورة فصلت).
قال تعالى: "إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ {3}" ( سورة الزخرف).
إن كل ما سبق يجعل تعلم اللغة العربية واجب على المسلمين كل بقدره وعلمه ودرجته ومهمته لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب لذلك كتب الفاروق عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: "أما بعد: فتفقهوا في السنَّة، وتفقهوا في اللغة العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي".
ثانياً: أقوال أعلام الأمة عن اللغة العربية
هناك العديد من العبارات والأقوال المأثورة عن أعلام المسلمين في شأن اللغة العربية والتواصي بالاهتمام بها، نذكر منها:-
قال الفاروق عمر رضي الله عنه: "تعلموا العربية فإنها تزيد في المروءة. وتعلموا العربية فإنها من الدين".
وقال شعبة: "تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل".
وقال عبد الملك بن مروان: " أصلحوا ألسنتكم فإن المرء تنوبه النائبة فيستعير الثوب والدابة ولا يمكنه أن يستعير اللسان، وجمال الرجل فصاحته".
وقال الثعالبي: " من أحبّ الله أحبّ رسوله ﷺ، ومن أحبّ النبي العربي أحبّ العرب، ومن أحبّ العرب أحبّ العربية التي بها نزل أفضل الكتب على أفضل العجم والعرب".
وقال أحد العلماء: "إن الله لمَّا أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مُبلغاً عنه الكتاب والحكمة بلسان عربي، ولم يكن من سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان فصارت معرفته من الدين".
اللهم احفظ لغتنا واحفظ القائمين على أمرها وفقهنا في علومها وأطلق ألسنتنا بفصيحها