لا شك أن الأطفال في مجتمعاتنا العربية أكثر عرضة للكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية، ولهذا أسباب كثيرة منها ما هو أسري ومنها ما هو نفسي ومنها ما هو بسبب الحروب والنزاعات.
واليوم نتحدث عن الانطواء عند الأطفال تعريفه وأسبابه وفي المقال القادم نحدد العلاج والدواء.
بداية يعرف الانطواء بالانفصال والانعزال عن الآخرين، والرغبة دوماً في الاعتزال وعدم إقامة صداقات وعلاقات اجتماعية فضلاً عن عدم الاهتمام بالأحداث سواء الأسرية أو العامة، فيقال أن فلاناً شخص معزول عن واقعه منفصل عن محيطه منطوٍ على ذاته، والأطفال من الشريحة التي تصاب بهذا الأمر، فهو ليس مقيد بسن أو نوع.
ولذلك فإن أسباب الانطواء عند الأطفال تتمثل بالآتي:
- أولاً: ضعف الثقة
والمعنى ضعف ثقة الطفل بنفسه مما يدفعه للبعد عن الأهل والأصدقاء، ويظهر ذلك جلياً في الحضانات والمدارس. فكثيراً ما يتم استدعاء الأم للجهات التعليمية ويكون السبب أن الابن منعزل عن زملائه فلا يشاركهم أو يلعب معهم، والسبب أن ثقته بنفسه منعدمة فأحدثت نفوراً من المشاركة خوفاً من الفشل وما يتبعه من آثار نفسية عليه مجدداً.
- ثانياً: الضرب المنزلي
إن ضرب الأطفال من قبل الآباء والأمهات يجعلهم في وضع استضعاف وخوف وفزع دائم، فيحدث أن يفر الولد سريعاً إلى غرفته مغلقاً عليه بابه رافضا أن يفتحه لأحد. فتبدأ عزلته ويألفها وتألفه خشية من الضرب والقسوة والعنف الأسري الذي يجده خارج غرفته، وعليه فالأب والأم يتسببان دون فهم للتربية في جعل الطفل شديد الخوف كثير البكاء ضعيف الشخصية، انطوائياً بسبب العقاب والضرب الذي لا يضيف له أي جديد، فاللين هنا أولى ومقدم وما كان الرفق في شيء إلا زانه.
- ثالثاً: العنف المدرسي
فكما أن هناك عنف أسري وقسوة منزلية هناك الكثير من المعلمين والمعلمات الذين ينتهجون نهج الضرب ظناً منهم أن هذا يصحح مسير الطفل، وقد يكون صغيراً في المراحل الأولى كالروضة، أو الحضانة، ولا يأبه المعلم والمعلمة بذلك فتحدث له هزة نفسية في صغره نتيجة ضربه، في الوقت الذي يحتاج لكل يد حنونة تسعده.
وعليه فالمدرسة أو الحضانة هى المحضن التربوي الثاني واستقرارها ونجاحها في التعامل مع الطفل وتحبيبه في المؤسسة من عوامل حسن فهم المعلم والمعلمة لذلك، فالمهمة ثقيلة وتشاركية.
- رابعاً: سوء إدارة البيت
والمعنى المقصود هنا هو مدى فهم الأب كربان سفينة البيت في التعامل مع أولاده جميعاً بلا تمييز وبمنتهى السواسية، وكثير ما يقول لنا الأطفال في جلسات العلاج أن والدي يحب أخي أكثر مني ويميز أختي عني. نعم يحدث هذا ولا يجد الطفل إلا الميل للبعد عن الأب الذي يحب غيره أو كما يبدو له ومن أخوته الذين يتنعمون بعطايا والدهم دونه.
وعليه فالأب مطالب بالعدل بين أبنائه حتى قيل لو قبّل واحداً لابد أن يقبّل الآخر، فالمساواة بين الأبناء حب فوق الحب.
- خامساً: النقد المباشر
إن نقد التصرفات الخاصة بالأطفال مباشرة وأمام الناس سواء أقارب أو عامة وتوجيه اللوم وتعنيف صنيعهم هذا أيضاً من أسباب الميل للعزلة والانطواء، فالنقد المباشر غالباً ما يسبب جرحاً في مشاعر الطفل. ولا داعي للاستخفاف بمشاعره أو التقليل من نقد الآباء والأمهات له، فمثلاً لو هناك طفل لديه مشكلة تبول لا إرادي ثم يصرح الأب بذلك أمام أقرانه من الأقارب فتلك صفعة قاسية على قلب وعقل الطفل الصغير لم يتوقعها من أبيه وعليه يكون اللجوء لترك هذا المجتمع الفاضح لمشكلاته حلاً ونجاة تحفظ له على الاقل احترامه لنفسه وثقته بذاته التي يتم التسفيه منها.
ختاما
هذه أسباب بسيطة تجعل شخصية الطفل راغبة فى البعد عن الأهل والأصدقاء في الوقت الذي من صفاته أنه حركي ونشيط ويلعب طوال الوقت، ويقيناً لا أحد يحب أن يرى فلذة كبده في هذا الوضع الذى لو طال بلا علاج ربما يسبب مشاكل نفسية كبيرة في المستقبل، لذلك فعلى الجميع العمل بمسئولية والتربية بفهم حتى نصل بأبنائنا لبر الأمان في دنيا لا مكان فيها لمعدومي الثقة والشخصية.