المجلس التشريعي الفلسطيني من التعليق إلى التطليق

الرئيسية » بأقلامكم » المجلس التشريعي الفلسطيني من التعليق إلى التطليق
VRmH9

لطالما هدد عباسُ حماسَ وتوعدها بأن القادم أخطر، مؤكداً بأنه سيكسر رأسها دون أن تتناثر دماءها على ملابس الشعب، كي لا يُقال عنه أنه سبب تلويث ملابسهم، كناية عن أنه سيفرض عقوبات انتقامية على حماس دون أن يتأثر المواطن العادي، حتى وصلت تهديداته لتطال هذه المرة رأس الشرعية الفلسطينية في خطوة اعتبرها أهل القانون _ الذين يحترمون أنفسهم ويحترمون القانون_ زلزال على مقياس عباس، خاصة أنه نصّب نفسه ناطقاً باسم المحكمة الدستورية _ التي أنشئت خلافاً للدستور والتي لم نسمع لأحدٍ منهم رِكزا _ وأعلن عن حل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات خلال ستة أشهر.

فبعد 12 عاما قضاها المجلس في مرحلة التعليق، نظراً لعدم اجتماع الكتل البرلمانية كلها تحت سقف واحد، رغم المناشدات التي بُح صوت أصحابها من ضرورة النظر للتشريعي على أنه "صوت الشعب" ، وصلنا أخيراً إلى مرحلة "التطليق".

لكن لماذا التطليق؟ وهل هذا التطليق قانوني؟ وهل سيكون هذا الطلاق بائناً بينونة صغرى أم كبرى؟ وهل سيتدخل رجال الإصلاح ليصلحوا؟ وهل سينجحون؟

التطليق فكرة قديمة _ بعد فوز حماس بأغلبية التشريعي_ أسّرها عباس في نفسه حتى تأتي الفرصة الأمثل لإخراجها إلى حيز التنفيذ، فهو يهدف إلى سحب ورقة مهمة من يد حماس رغم أنها حصلت عليها بطريقة شرعية، وإحداث فراغ تشريعي لتمرير ما يناسبه دون حسيب أو رقيب، وإحداث بلبلة في الشارع الفلسطيني وزيادة الضغط على حماس كي لتدخل بيت الطاعة العباسية، وادخال قضية حل التشريعي ضمن مساومات جولات المصالحة.

لكن ما رأي القانون الفلسطيني بما فعله عباس؟

لدي قناعة تامة بأن القانون في العالم العربي لا وجود له إلا في الاطار النظري الجامعي، ولا يجد رصيداً له في الحياة اليومية الرسمية أو الشعبية إلا نادراً جداً، ونحن في فلسطين نعاني كغيرنا من نوم القانون في حضن السياسة.

ثمة مادة (47مكرّر ) في القانون الفلسطيني وضعها أهل القانون في عهد حكومات قادتها فتح، تقول (تنتهي مدة المجلس التشريعي القائم عند أداء أعضاء المجلس الجديد المنتخب اليمين الدستورية)، حتى أن كتلة فتح البرلمانية في زمن الرئيس السابق ياسر عرفات، رفضت اقتراحه بمنح رئيس السلطة صلاحية حل المجلس، وأصرّت على أداء عمله إلى حين انتخاب مجلس جديد، على اعتبار أن بقاء المجلس لا يعيق إجراء الانتخابات.

والملاحظ في هذا القرار عدم تطرقه لفكرة اجراء انتخابات رئاسية، رغم أن القانون يفيد بشغور الموقع في حال الوفاة أو الاستقالة أو مرور أربعة أعوام على انتخابه، وها هو عباس يدخل عامه الثاني عشر في منصبه، فهو حسب القانون، غير قانوني، بينما التشريعي هو القانوني، وهذا يحيلنا لمسألة إحالته موظفين شباب للتقاعد رغم أنهم لم يبلغوا السن القانوني لذلك ولم يطلبوا ذلك، وهو قد بلغ من السن فوق 80 عاماً، إنها السياسة.

ثم إن الشواهد تؤكد أن خطة تدمير النظام السياسي الفلسطيني من طرف عباس جارية على قدمٍ وساق انسجاماً مع مبدأ (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)، وهذا يرجح دخول القطيعة في مرحلة البينونة الكبرى، وبالطبع سيتدخل رجال الإصلاح لتهدئة خواطر الحريصين دون أن يلزموا عباس بشيء، فالتدخل سيكون لمنع حماس ذات الأغلبية في التشريعي مع حلفائها إلى نزع الشرعية عن عباس، أو تأليف حكومة موازية تتمتع بثقة المجلس التشريعي، لكن هل ستلجأ حماس لذلك أم تكتفي بالمعارضة فقط على اعتبار أن كل رجال القانون والسياسة العقلاء ينظرون إلى صنيع عباس على أنه باطل، أو أن التشريعي سيمارس دوره كأن شيئاً لم يكن ؟ لنرى ماذا ستفعل حماس؟

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

الحكمة من الزلازل

يؤمن المسلم بأن في كل أفعال الله حكمة بالغة؛ سواء أدركها أو أدرك بعضها أم …