ذكرنا في الجزء الأول من الموضوع أن عالم الأطفال يمتاز ويختص ببعض الصفات والخصائص الأساسية التي تحدد مرحلة الطفولة ونوهنا فيها عن:
1. كثرة الحركة وعدم الاستقرار
2. شدة التقليد
3. ذاكرة حادة وآلية
4. عدم التمييز بين الصواب والخطأ
وفي الجزء الثاني من الموضوع نستكمل سوياً مجموعة أخرى من الخصائص والصفات ومنها:
5. كثرة الأسئلة:
ومن الطبيعي والفطري ومما لا شك فيه أن الطفل الذي غابت عنه الرؤية في بطن أمه لمدة تسعة أشهر وغاب عنه الحديث والإدراك لمعاني وفهم الأمور المسموعة المرئية والأشياء الملموسة من حوله أنه وعندما يكون قادراً على الحديث والتعبير أن يكون كثير الأسئلة مكرراً للاستفهام والاستفسار عن الأشياء والأحداث من حوله لأنها تمثل لغزاً كبيراً.
فلماذا تفعلون كذا؟
ولماذا لم تفعلوا كذا؟
وما معنى كذا؟
وما صوت كذا؟
إلى آخر هذا الأمر من الأسئلة والتي قد تطرق لمجال من المجالات التي لا علم للمربي بها أو مجالات لم يسأل المربي تلك الأسئلة فيها من قبل، وفي أحيان كثيرة تكون هذه الأسئلة محرجة للمربي مسببة للإزعاج والارتباك لديه (المربي) مما تضطر البعض إلى الكذب والخداع، والبعض الآخر للغضب والتعصب، وآخرون إلى منع الأطفال من السؤال والاستفسار.
توصيات تربوية للوالدين:
- عدم منع الأطفال من السؤال أياً كانت الأسباب و أياً كان مجال السؤال و أياً كان عجز الوالدين والمربين على الإجابة عن الأسئلة.
- عليك باللجوء للمختصين للإجابة على الأسئلة التي لا تعلم الإجابة عليها ولا تعرفها؛ فهم أجدر على القيام بذلك.
- عدم الكذب نهائياً للإجابة على أسئلة الأطفال فما نعرفه نجيب وما لا نعرفه نرجئ الإجابة عليه لحين سؤال المختصين.
- ضبط الانفعالات عند طرح الأسئلة من الأطفال (أسئلة عقدية – أسئلة جنسية – أسئلة عاطفية – الخ) كلها أسئلة صادرة عن طفل يتعامل بشكل فطري فإن لم نكن نحن مصدر الترحيب والإجابة على استفساراتهم فسوف يسعون للحصول على الإجابة من مصدر آخر.
- تبسيط الإجابة على الاستفسارات المطروحة من الأطفال لتكون مفهومة وبشكل سريع للأطفال، مما لا يجعلهم يطرحون سلسلة من الأسئلة نتيجة عدم وضوح الإجابة.
- تحديد زمن محدد يومياً للأطفال من قبل المربين للإجابة على أسئلتهم، وهذا التنظيم مفيد جداً حتى لا يضطرنا لمنعهم من الأسئلة ولا تضييع الوقت يومياً في الإجابة على أسئلتهم.
تذكروا أن الأطفال في مرحلة المعرفة والإدراك والوعي ومساعدتنا لهم في التعرف على العالم من حولهم من أهم عوامل وركائز صناعة التفكير الإبداعي لديهم.
إن لم نكن نحن مصدر الترحيب والإجابة على استفسارات الأطفال فسوف يسعون للحصول على الإجابة من مصدر آخر
6. العناد:
والأغلبية من المربين والوالدين ينظرون إلى العناد على أنه شر كامل وصفة سيئة في الأطفال فضلاً عن أنها سيئة في الإنسان عموماً دونما أن ينظروا إلى كونها مظهراً إيجابياً ومعبر عن عدة أمور جيدة:
- معبرة عن استقلالية الشخصية.
- معبرة عن الإباء ورفض السيطرة.
- معبرة عن الكبرياء والعزة في العديد من المواقف.
مما يضطر هؤلاء المربين للجوء إلى محاولة كسر هذا العناد ومحاربته ومحوه في الأطفال عبر فرض مزيد من الأوامر والسلطة واستخدام وسائل للترهيب والعقاب والتعنيف البدني والمعنوي.
وهنا نود التذكير بأن العناد لا يعالج بالعناد ولا يعالج بكسر العناد ولكنه يعالج بالاحتواء والإقناع والعاطفة مما يدفع الأطفال إلى العودة للسلوك الإيجابي دونما أن نكسر فيهم الاستقلال والكبرياء والإباء بل ونعزز ذلك فيهم.
العناد لا يعالج بالعناد ولا يعالج بكسر العناد ولكنه يعالج بالاحتواء والإقناع والعاطفة مما يدفع الأطفال إلى العودة للسلوك الإيجابي دونما أن نكسر فيهم الاستقلال والكبرياء والإباء بل ونعزز ذلك فيهم
توصيات تربوية للوالدين:
- التشجيع الدائم والتحفيز الدائم للأطفال يدفعهم لعدم العناد بل لاتباع السلوكيات الإيجابية والأفعال الحسنة المرغوب فيها.
- الامتناع عن استخدام التعنيف البدني (الضرب وما شابهه) والتعنيف المعنوي (الغمز – السخرية – التأنيب – الخ) كوسائل لمواجهة العناد.
- اللجوء للاحتواء عبر تهدئة الطفل وطلب التأجيل لنقاش الأمور أو إرجائها لوقت آخر يكون فيه الطرفين أهدأ وفي حالة تجعل النقاش مثمر.
- ذكر الأمثلة والقصص والنماذج و مآلات الأمور لدى المعاندين والمجادلين ومن أهم تلك الأمثلة (الشيطان) وكبره واستعلائه وعناده.
العناد خاصية في الأطفال أفلح من استطاع استثمارها وتحويلها للإيجاب وهدى الله من لم يهتدي بعد لذلك.
7. النمو اللغوي السريع:
فمن العجيب أن الأطفال (من نسميهم وننعتهم بالصغار) هم الأسرع والأكثر تقبلاً للنمو اللغوي وبشكل سريع وفائق لتصوراتنا، والنمو اللغوي هنا المقصود به (معجم الطفل لمعاني الكلمات والألفاظ) والذي يعبر عنه حديث الطفل واختياره للكلمات وهذه الصفة والخاصية تعود وبشكل كبير لمستوى الأسرة الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
فالأسرة هي المنهل الأول والقاموس الأهم والمصدر الأقوى للمعجم اللغوي للأطفال، كما أن صحة الطفل ومستوى التغذية لديه والاهتمام والرعاية التي يتلقاها من أهم العوامل المؤثرة في ذلك الأمر.
توصيات تربوية للوالدين:
- الكشف الصحي الدوري على الأطفال خاصة الأذن للاطمئنان على حالة الطفل.
- تشجيع الطفل على الاستماع للكارتون والأفلام التي تتحدث باللغة العربية الفصحى مع مراعاة مشاركته في هذا الأمر لمتابعته.
- إبعاد الأطفال عن الألفاظ السيئة والشتائم والسباب قدر الإمكان مع التنبيه المستمر عليه بأنها أمور مرفوضة وغير مقبولة كما أن الله يكره ذلك الفعل من المسلم والبشر بشكل عام (فإن الله يكره الفاحش البذيء).
- الاهتمام بتعليم الأطفال اللغة العربية بشكل صحيح وسليم ومشوق.
الطفولة هي أهم مراحل العمر لدى الإنسان فهي المرحلة التي تنبني عليها كل مراحله القادمة من حياته والتي يسهل فيها التعليم ويثبت فيها وتترسخ خلالها القيم والمبادئ.