هل أنت مستعد للتغيير: خطوات التغيير الخمس (1-2)

الرئيسية » بصائر تربوية » هل أنت مستعد للتغيير: خطوات التغيير الخمس (1-2)
change12

يعتقد البعض أن الحياة صراع، وبناءً على هذا الاعتقاد فإن كلاً منا إما غالب أو مغلوب، وهذا يقسم البشر إلى فريقين:

- فريق اختاروا دور المنتصرين، وهم من يتحملون مسؤولية اختياراتهم وقراراتهم، وعواقبها.

- فريق اختاروا دور الضحايا، وهم من يتنصلون من المسؤولية ويلقون اللوم على الآخرين بسبب إخفاقاتهم.

فريق المنتصرين يرون الحياة رحلة مبهجة، وليست صراعاً، يواجهون فيها الكثير من الأشياء التي يرغبون بتغييرها – وليس مشاكل – وكلّما تعثروا بمعيق فكروا جديًا بطرق تمكنهم من تخطيه، اجتيازه، وتجاوزه، سواء بتطويعه أو القفز عنه.

أما فريق الضحايا فيحترفون اختلاق الأعذار، يحققون أقصى سعادة في إيجاد من يلقون عليه اللوم.

وأسوق إليكم فيما يلي مثالين واقعيين:

كيف يتصرف من ليس لديه استعداد للتغيير؟

كارل، رجل خمسينيّ قرر الالتحاق بدورة تنمية للمهارات بحجة أنه يريد التخلص من سلسلة طويلة من الإخفاقات التي لاحقته في حياته السابقة، وفي أول يومٍ له في الأكاديمية صاح من مقعده في الصف الأخير: "كبّر الخط، لا أستطيع قراءة ما تكتبه!" يقصد المعلم الذي تجاهله مكملاً الكتابة على اللوح.

تكرر الموقف لعدة أسابيع متواصلة، كارل في الصف الأخير من المقاعد، المعلّم يكتب بذات الخط، كارل يصرخ كل يوم بنفس الجملة، المعلم يتجاهل نداءاته... إلى أن لجأ كارل إلى زملائه يشتكي من تجاهل المعلم، ويفكر في ترك الدورة بأكملها؛ لأنه لن يتمكن من تدوين الملاحظات وتعلم المواد، فهو ضعيف النظر، والمعلم يتجاهل (إعاقته البصرية).

حاول زملاؤه اقتراح حلول للأمر، وناقشوه فيها:

- لم لا تحضر للصف في وقت أبكر، حتى تتمكن من الحصول على مقعد في الصفوف الأمامية؟ (قال أحد زملائه)
- لأن الحافلات لا تمر سوى مرة واحدة من منطقتنا على رأس كل ساعة، وإن استقللت الحافلة السابقة لتلك التي أستقلها فسأصل باكراً جداً! (ردّ كارل)

- لم لا تحصل على نظارات طبية تحل مشكلة ضعف النظر؟ (اقترح زميلٌ آخر)
- لدي واحدة، لكنها ليست بتلك الكفاءة! (أجاب كارل مبرراً)

- لماذا لا تقتني نظارة أوبرا إذاً؟ (اقترح زميل ثالث)
- لا أمتلك ثمن واحدة، فأنا بالكاد أستطيع دفع رسوم الحافلة التي توصلني إلى هنا! (لام كارل ظروفه)

بالرغم من أنه لم يستطع إيجاد حل لما يزعجه، ولا تطبيق حل من حلول زملائه المقترحة، إلا أنه كان بارعًا في إيجاد مبررات وأعذار لفشله في حل الإشكال، كان لدى كارل دائمًا إجابة أو شكوى، وقد أقنع نفسه أن لديه (إعاقة) تتطلب معاملة خاصة، ويجب أن يعاد تشكيل كل شيء ليوافق احتياجاته الخاصة، في حين أنه معفى من البحث والتفكير في طرق تجعله يتكيف ويتواءم مع العالم.

كيف يتصرف من لديه استعداد للتغيير؟

كايل مينارد رجل ثلاثيني، لكنه على النقيض تماماً من كارل صاحب القصة السابقة، فقد ولد مينارد بأطراف غير مكتملة، منذ وعى اعتقد أن من مسؤوليته التكيف مع العالم بدلاً من المطالبة بتغيير العالم لأجله، وإذا ما قورنت التحديات التي يواجهها مينارد، بالإعاقة التي يدّعيها كارل ستكون المقارنة محرجة في أحسن الأحوال، ومضحكة في أسوئها، إلا أنها لا تقارن في جميع الأحوال!

على الرغم من العقبات الهائلة التي تواجه مينارد، فهو بلا ذراعين، إلا أنه تعلم الكتابة، ومارسها، ولم يمنعه افتقاره للساقين من الوصول إلى اللعب في خط الدفاع في فريق كرة القدم، بالإضافة إلى أنه طالب جامعي، مصارع شهير في ولاية جورجيا، وعلى الرغم من أنه لم يزل يتلقى تعليمه، إلا أن قائمة إنجازاته تضم أيضاً، أنه رحالة يجوب العالم، متحدّث تحفيزيّ لملايين الشباب، ومؤلفٌ، عنوان كتابه "لا أعذار".

وفي كتابه يشرح الفرق الجوهري بين أمثاله وبين أمثال كارل، فمينارد يدرك أن خلق الأعذار بحد ذاته معيق، بينما تحمل المسؤولية يحفّز ويدفع للتقدم   ، ويفهم مينارد - وأمثاله كثيرون – أن حمل المسؤولية هو شكل من أشكال التمكين، فكلما شعر الإنسان بالمسؤولية أكثر، كلما حقق ذاته، ووصل مراده، وحصل على ما يريد!

حمل المسؤولية هو شكل من أشكال التمكين، فكلما شعر الإنسان بالمسؤولية أكثر، كلما حقق ذاته، ووصل مراده، وحصل على ما يريد!

كيف تحدد إذا ما كنت مستعداً للتغيير؟

لنتفق على أنه يجب ألا توقفك أو تعيق تقدمك أي من المشكلات والصعوبات أو التحديات التي تواجهك، أو اختياراتك في الحياة، وإنما يجب أن تدفعك لتسأل نفسك الأسئلة الأربعة التالية:

1. ماذا تريد من الحياة الآن؟
إجابة هذا السؤال تجعلك تدرك معنى حياتك وأهداف وجودك، وتحدد طموحاتك وما تريده من الحياة.

2. ما الذي يمنعك من الحصول على ما تريده؟
اعترف بالمشاكل، وستقدم إجابتك عن هذا السؤال أول خطوة لك في إيجاد حلول لكل المشاكل التي تعيق تقدمك، فلن تتمكن من حل مشكلة ما إلا بعد الاعتراف بوجودها!

3. ماذا ستفعل حيال ذلك؟
وإجابة هذا السؤال تشكل خارطة الطريق وخطة العمل على شكل خطوات تبدأ بتفتيت الحواجز، وصهر العقبات حتى توصلك إلى حيث تريد الذهاب (إلى هدفك).

4. متى ستبدأ بتنفيذ ما يجب عليك فعله؟
أما هذه الإجابة فتعمل عمل المنبه: لأن مجرد معرفة ما تريده لا تكفي، ولأن أفضل الخطط الموضوعة لن تساوي شيئاً إذا لم تتخذ إجراءً وتقرر البدء به فوراً.

والحقيقة أن الأشخاص الذين اختاروا أن يكونوا ضحايا، يجيبون عادة عن السؤالين الأول، والثاني، فهم يعرفون ما يريدونه ويحترفون تعداد الموانع، بينما يخافون التورط في إيجاد حلول، فلا يجيبون السؤال الثالث، وتقف لديهم العملية هنا، وكأن أحدهم يحدث نفسه بجوابه: لن أفعل شيئاً، صحيح أنني لست سعيدا لكنني لن أتغير، هذا العالم يجب أن يتغير من أجلي!

يجب ألا توقفك أو تعيق تقدمك أي من المشكلات والصعوبات أو التحديات التي تواجهك، أو اختياراتك في الحياة، وإنما يجب أن تدفعك

خطوات التغيير الخمس:

إذا كنت تجد صعوبة في تغيير شيء في حياتك، قد يكون من المفيد لك التعرف على خطوات التغيير الخمس:

الخطوة الأولى/ التردد:
فإذا كنت تشعر في البدء بأنك ترغب بشيء ما، لكنك تريد تغييره في نفس الوقت، فلا تقلق؛ لأن تلك حالة طبيعية، فالإنسان برغم رغبته في التغيير إلا أنه يرفض المشاعر التي تصاحب عملية إجراء تغيير وإن كانت مشاعر مؤقتة  .

الخطوة الثانية/ التحضير:
وتبدأ هذه الخطوة فعلياً بعد إجابة السؤال الثالث (ماذا ستفعل حيال ذلك؟) وفي هذه المرحلة توضع خُطة تشمل الخطوات التي ينبغي خطوها، ومعها طرق ووسائل وحيثيات الوصول إلى المكان الذي اخترت الذهاب إليه.

الخطوة الثالثة/ التنفيذ:
ستواجه الكثير من المعيقات وقوة المقاومة والميل إلى التراجع كلما شرعت بالتغيير   ، لذلك ستشعر بأن هذه الخطوة هي الأصعب، ولأن الكثير من الناس ينفذون الخطوات السابقة بامتياز، ولكنهم يفشلون في هذه الخطوة.

إليك الاعتبارات التالية، فكر بها جيدًا قبل اتخاذ إجراء لزيادة فرص نجاحك في هذه الخطوة:

1. لا تفكر بكرهك للمهمة؛ لأنك ستكتشف لاحقًا أن الشعور بالألم قصير الأمد وسينتهي!

2. ستكتشف بعد الانتهاء، أن الأمر لم يكن بتلك الصعوبة ولم يستغرق الوقت الذي تخيلته، وهذا سيجعل المهمة أسهل.

3. ثق أن لديك القدرة الكامنة على فعل ما لم تدركه أو تشعر به بعد، وإن فهمك لهذه الحقيقة سيطلق العنان لقوة إمكاناتك، فضبط الذات هو مفتاح النجاح  .

4. ستشعر بالفخر والبهجة بمجرد إنجازك المهمة، وذلك يكفل نسيان أيّ ألم وقلق مررت بهما، فيزولان ويتملكك شعور المتعة الغامرة بقدرتك على تولي قيادة حياتك ذاتياً.

5. ستثق بنفسك أكثر حين تنجح، بعد مرورك بالكثير من التوتر والانزعاج ونفاد طاقتك وحافزك خلال أداء المهمة، وليس الثقة وحسب، بل ستعرف حقاً ما يعنيه أن تكون حراً.

6. أحيانًا يحاول الفرد التخفف من المسؤوليات بالاستمتاع بمشاهدة التلفاز مثلاً أو أية متعة عابرة أخرى، لكنه إذا ركّز في هذا النوع من المتعة سيجده لحظيًا قصير الأمد ولا يستحق أن يهدر وقته الثمين فيه، فسوف يندم لاحقاً ويشعر بالإجهاد.

7. فكر قبل أن تتصرف، فحين تكتشف أن ما تعده متعة يصبح في النهاية مؤلماً، وما يفسر أولا على أنه مؤلم تجده في النهاية ممتعاً، ستعلم جيدا أن الحياة بدون مسؤولية تورث النكد وتفقدك السعادة، بينما إتقان الانضباط الذاتي والالتزام بالمسؤوليات يورث حياة كاملة من الإنجازات والفرح والرضا  .

ستشعر بالفخر والبهجة بمجرد إنجاز المهمة وذلك يكفل نسيان أيّ ألم وقلق مررت بهما، فيزولان ويتملكك شعور المتعة الغامرة بقدرتك على تولي قيادة حياتك ذاتياً

الخطوة الرابعة/ التقويم:
وهذه الخطوة قد تسمى بصورة عامة بمرحلة التقويم، وتتمثل في المتابعة الحثيثة، والتحقق المستمر من التقدم في الخطوات نحو التغيير والتقييم أولًا بأول، ثم إجراء التحسينات والإصلاحات حسب نتائج التقييم، وذلك لضمان البقاء في المسار الصحيح والتوجه نحو الهدف.

الخطوة الخامسة/ الانتكاس:
وهذه المرحلة قد لا يواجهها الجميع، لكن من الأهمية فهمها ومعرفة كيفية التعامل معها، فقد يتراجع الشخص فجأة بعد النجاح في أداء جميع الخطوات السابقة بتفوّق، ويعد الانتكاس حدثاً طبيعياً.

وفي هذه المرحلة لا يجب التسرع أو اتخاذ خطوات عشوائية، بل التصرف بهدوء، والبدء بتحفيز القدرات الكامنة، لا تنغمس بهذه الحالة من التراجع، ارفض دور الضحية، انفض الإحباط عن نفسك وقل: أنا لن أستسلم، وسأعيد الكرة مع برنامج التغيير وأستعيد السيطرة على حياتي  .

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • مترجم بتصرف عن المقال في الرابط التالي: https://personal-development.com/chuck/are-you-ready-to-change.htm
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …