وصف أحد الحكماء صراعاته الداخلية بقوله: "يتصارع في داخلي كلبان، أحدهما جيد والآخر سيئ، وحين سئلت أي الكلبين يفوز؟ قلت: الكلبُ الذي أطعمه أكثر" هذه القصة رواها جورج برنارد شو، والتوقعات بداخل رأس أحدنا تشبه هذين الكلبين تماماً (إيجابية وسلبية) أيّها تغذيه أكثر يفوز!
"العالم مليء بالفرص، لكن أغلب الناس يأتون ليغرفوا من ينابيع الحياة حاملين مصفاة في حين كان بوسعهم أن يأتوا بسيارة ذات خزان ضخم، ويأتي البعض بملعقة صغيرة بدلاً من مغرفة أو جاروف مثلًا، إنهم يتوقعون القليل، ولذلك يحصلون على القليل" كما يقول (بن سويتلاند)
لأن العالم كما يقدّم الرحيق للنحل بكل سرور، يقدم ثروات واسعة ووفيرة من الجمال والفرح والفرص لأولئك الذين توقعوا الخير والجمال والفرح بهذه الوفرة، بينما يترك المجال للباحثين عن المشاكل والتعاسة والشقاء ليبحثوا عن مطلبهم وما توقعوه أو انتظروه.
وخلال الدقائق المعدودة التي تقرأ هذا المقال خلالها تتغير الأشياء التي يتكون منها العالم، لو كنت تعاني حاليًا، حاول أن تبتهج، ستتغير المعادلة وتصبح كما لو أنك تجلس على قمة العالم بأكمله، عش وقتك الحاضر، أتقن صنعه بحب ووظف فيه كل إمكاناتك ومعطيات حياتك، اترك الماضي ليمضي فقد مات واترك المستقبل ليأتي مرتاحًا !
العالم كما يقدّم الرحيق للنحل بكل سرور، يقدم ثروات وفيرة من الجمال والفرح والفرص لأولئك الذين توقعوا الخير والجمال والفرح بهذه الوفرة
كيف تحسن توقعاتك؟
الدرس الأول/ كن إيجابيًا، توقع الكثير، وابحث عن الكثير.
لا تحتاج لقراءة الفنجان أو متابعة الأبراج بل لبعض المنطق وحسب، فالإنسان يحصد المكافآت لقاء عمله الجيد، ويعاني من عواقب مؤلمة لقاء إهماله وتقصيره، معادلة بسيطة جداً، ستتوقع الخير = ستجتهد = ستنال توقعك، والعكس بالعكس!
وإن أنت كنت إيجابيًا ستتوقع الحلول لا المشاكل، وتلبية الاحتياجات لا تعثرها، وستعمل بجد لتجعل توقعك حقيقة، والعالم سيمنحك كل ما تحتاجه للوصول.
الدرس الثاني/ كن على بينة، تمسك بذكائك في تقدير الأمور، واستعد لاتخاذ الإجراء المناسب في حالات الطوارئ.
وذلك حتى لا تعاني مرتين ولتكن عاقلاً، فليس كل ما تتوقعه سيحدث، ستتغير النسب وتتفاوت النتائج أحيانًا؛ لذلك عليك أن تكون ذكياً لتستطيع قطف الثمرة وتجاوز الطارئ وتقبل الحوادث غير المرغوبة لفهم حكمتها، ولتعلم أن الحكمة تنبتُ – كما يقال – في أحواض التفاؤل.
يقول دينيس وايتلي: "توقع الأفضل، خطط لتجاوز وقوع الأسوأ، واستعد للمفاجآت" فالقدرة على التأقلم مع الواقع تكفيك إحدى المعاناتين وهي تعرضك للأسوأ، والبينة باحتمال وقوع العكس وحدوث طارئ تكفيك المعاناة الأخرى وهي القلق المتواصل الذي يهلِك طاقتك!
توقعاتنا عن مستقبلنا هي نبوءات قد تتحقق تلقائيًا، وقد لا تحقق نجاحاً فورياً، ولذلك سقنا إليك الدرسين سابقًا، حتى لا تشعر بالانزعاج إذا انتكس توقعك مهما كنت ترى أنك تستحق النجاح، لتكن لديك مباشرة خُطتك وتوقعك البديل لتذهب إليه وأنت واثق من أن الخطأ لم يكن من عندك لكنه الاختيار الأفضل بتدخل الله وحده.
فكر في توقعاتك كمفتاح للتبديل وإدارة تفكيرك من السلبية للإيجابية، ليكن المفتاح قيد التشغيل في جميع حالاتك، وإذا لم يتحقق توقعك وفكرت بسلبية، فستشعر بـ: القلق، الخوف، الاكتئاب، التوتر، عدم الرضا، الغضب، الرفض، العجز، الوحدة، الاستياء، المعاناة، الفشل، الشقاء، وقد تسوء صحتك الجسدية فضلًا عن النفسية.
عند التبديل إلى الجانب الإيجابي فستنهال المشاعر الإيجابية: الحماس، الإثارة، العاطفة، المعنى، الغاية ، الثقة، السعادة، الصفاء، الصداقة، الرضا، التمكين، والصحة الجيدة.
ولأن التوقعات قد تتحقق كما هي أحيانًا وقد تخيب تماماً في أحيان أخرى، لذلك كن دائما على استعداد للتبديل بمفتاح التوقع إلى الوضع الإيجابي. لا تنظر للعالم والكون على أنه كيان معادٍ لتوقعاتك وما تريده من الحياة.
توقعاتنا هي المنصات التي نود الوصول إليها، والأهداف التي نطاردها، ولأنها تخصنا فلا يمكن أن نبني حيواتنا على توقعات الآخرين ، لكن يمكن للوالدين، المعلّمين، والمشرفين، أن يلعبوا دوراً مهمّا في مساعدة من هم تحت رعايتهم في إيقاظ وتصميم توقعات تخصهم، والارتفاع إلى مستويات عليا من التوقعات، وذلك بالإلهام والتشجيع، وتحقيق التوازن، لتكون توقعاتهم واقعية، ومعقولة.التوقعات قد تتحقق كما هي أحيانًا وقد تخيب تماماً في أحيان أخرى، لذلك كن دائما على استعداد للتبديل بمفتاح التوقع إلى الوضع الإيجابي كي لا تعاني مرتين
كيف إذاً تصوغ توقعات إيجابية خلال مواجهة النتائج العصيبة؟
يضطر أحدنا أحياناً إلى الإبحار ضد التيار، في أجواء عاصفة جداً، قد يقع وتفنى خياراته ويمر بظروف ساحقة، فيجد نفسه عالقًا في منحدر، ولا يستطيع التفكير إلا بسلبية، هنا يجب أن يتعلم كيف يتعامل مع المعطيات القاسية لصوغ توقعات إيجابية في لحظات الانهيار.
الخطوات التالية تساعدك:
1. ردد عبارات إيجابية، وانصح غيرك بالتفاؤل، وتعامل مع من حولك بعطاء وتحفيز وتبشير.
2. فكر في أنّك جزء من الطبيعة، وأن الطاقة المتجددة التي تسري في الكون تتدفق إلى عروقك، فلا تنكر ما لديك؛ لأن بإمكانك الإضافة للحياة وليس تقبلها وحسب.
4. غذّ عقلك بالأفكار الإيجابية المختلفة، عبر مقاطع الفيديو الملهمة، قراءة مقالات تحفيزية والتعرف على قصص نجاح الآخرين، وتعزيز الفكرة الإيجابية التي تخطر لك بمكافأة.
5. تشجّع واطلب الأفضل، واكتسب الخبرة اللازمة لتحقيقه، غيّر عاداتك التي تمنعك، ولا ترض بحياة متواضعة الإمكانات، فبعد تحقيق الخطوتين السابقتين 3 و 4، بعد التعرف على نجاحات الآخرين، فستدرك أن الأفعال العظيمة التي فعلوها تستطيع أنت فعلها، ستكتشف ما بإمكانك فعله وتحقيقه أيضاً.
6. ابذل قصارى جهدك دوماً في توقع الأفضل، والاستفادة من طبيعتك الحقيقية وطاقتك غير المحدودة.
7. اخط خطوات ضيقة أول الأمر، حتى تتجنب شعور التعب والإرهاق من بداية المشوار، فكل خطوة تقربك من الهدف تزيد من حماسك وثقتك، ونجاحٌ واحد سيشعرك بتقدير الذات، حينها بإمكانك توسعة خطواتك.
9. ركّز على الهدف الذي ستحققه، اللحظة التي ستنتقل إليها، وصوّب تفكيرك على المكان الذي تذهب إليه، هذا ينسيك مشاكل الواقع الحاضر واللحظة التي أنت فيها.
10. التزم بشدة، واضغط على نفسك لتصل إلى أعمق أعماق نفسك، وأقصى قدراتك، واستفد من قوة إمكاناتك.
11. إذا كنت أباً، معلماً، أو مدرباً أو مشرفاً، فتذكر ما يقوله (يوهان ولفانج فون غوث): "عندما تتعامل مع شخص كما هو فإنك قد تجعله أسوأ مما هو عليه، أما عندما تعامله كما لو كان يُحتمل أن يكون فإنك تجعله على الشاكلة التي يجب أن يكون عليها".
تشجّع واطلب الأفضل، اكتسب الخبرة اللازمة لتحقيقه، غيّر عاداتك التي تمنعك، ولا ترض بحياة متواضعة الإمكانات، استفد من قدراتك الحقيقية وطاقتك غير المحدودة
كيف تدير توقعاتك بشكل يغير حياتك للأفضل؟
2. اعتمد المرونة؛ حتى تعيد تشكيل توقعاتك، وحتى تـُوْجِدَ البدائل عند حدوث طوارئ، بدلًا من خفض مستوى ما تريده، فلا تتواضع في أحلامك أبداً.
3. توقع النتيجة الأسوأ أحياناً، ليس من باب السلبية، بل لتكون مستعداً إذا انحرف سير الأمور.
4. تجرأ واحلم بجرأة شديدة، فلن تستطيع النجاح إلا إذا وضعت توقعات جبّارة وخارقة.
5. اصبر وصابر، لا تستلم سريعاً، فنفاد الصبر، التسرع، توقع كل شيء سريعاً أو اليأس عند تأخر المتوقع، سيدمر كل شيء!
6. استعد للعمل والتعب وبذل الجهد بقدر عظم توقعاتك بل أضعاف عظمها.
7. تفاءل، ولتتذكر دوماً أن المتفائل يتوقع تحقق الأحلام بينما المتشائمون لا ينتظرون سوى الكوابيس!
وأخيرًا،
ليس هنالك دواء كالأمل، ولا يوجد حافز أكبر وأقوى وأكثر تحفيزاً من توقع أشياء أفضل في الغد ، وتذكر أنك ولدت من أجل الفوز، ولكي تكون رابحاً عليك أن تتوقع الفوز، وتستعد له، وتخطط للحصول عليه، - كما يقول زيغ زيجلار – أما حين لا تتوقع شيئًا سيفاجئك حصولك على أي شيء في الحياة!معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- مختارات مترجمة بتصرف عن المقال في الرابط التالي: https://personal-development.com/chuck/truth-about-expectations.htm