أطفالنا والتنمر.. الأسباب والمخاطر والعلاج (1-2)

الرئيسية » بصائر تربوية » أطفالنا والتنمر.. الأسباب والمخاطر والعلاج (1-2)
Bullying-Lawsuit

لاشكّ أن الأطفال أكثر عرضة للظواهر التربوية المتعددة، سواء الإيجابية أو السلبية المكتسبة، أو الطارئة في حياتهم، خصوصًا أنها تنتشر في نطاق الاجتماعيات، سواء البيت أو المدرسة، ولعلّ من أكثر الظواهر التي تفشت في الأطفال دون فهم الأباء والمربّين لها -إلا من رحم ربي- هي ظاهرة التنمر.

و #التنمر -تعريفًا-: هو شكل من أشكال العنف والعدوانية، موجه من شخص على عدة أشخاص، أو مجموعة، وغالبًا ما يكون في المحاضن التعليمية كالمدرسة، ويكون الشخص المعتدي متشبعاً بأنه أقوى من المجموعة والفئة التي يهاجمها.

ولما كان لكل شيء سلبي مخاطره، فإننا سنذكر المخاطر حتى تتضح الرؤية كاملة للآباء والأمهات، ويدركوا خطورة هذا الداء، وتكمن المخاطر في الآتي:

أولاً- كراهيته للجميع:

مع الأسف، يتحول المتنمر لكاره لمن حوله، وتحديداً المدرسة والبيت ، فهما بالنسبة له مصدر للقلق والخوف، وعليه فلا يتحدث معهم أو ينخرط في أحاديثهم.

ثانياً- رفضه التوجيه الأبوي:

المتنمر يرى أنه أكبر من أن ينصحه مدرس أو مربٍّ، فشعوره بالقوة حوّلَه لطفل عاق، فلا يستمع لأية نصائح تربوية في البيت أو المدرسة، ويتحرك وفق ما يجري في عقله، ولا ينصاع لرأي أحد مهما كان صواباً.

ثالثاً- تفشّي الداء:

إن التنمر داء شديد، وانتشاره في الأوساط الطلابية أسرع من فيروس الأنفلونزا، فكل ما هنالك أن يتعرض الطفل للتنمر من أحد زملائه، ثم يصبح هو نفسه متنمرًا، فهي سلسلة ووباء تنتشر بلا قيود أو موانع.

إن التنمر داء شديد، وانتشاره في الأوساط الطلابية أسرع من فيروس الأنفلونزا، فكل ما هنالك أن يتعرض الطفل للتنمر من أحد زملائه، ثم يصبح هو نفسه متنمرًا، فهي سلسلة ووباء تنتشر بلا قيود أو موانع

رابعاً- واقع صعب، ومستقبل أصعب:

لعلّ من أخطر آثار التنمر في حياة الأطفال أنه يفرض عليه سمات شخصية في الكبر، هذا إن لم يتم علاجه، فتميل نفسه للعدوانية، ويتحول من تنمّر بسيط لفظي أو بدني إلى تنمر حياتي؛ لأنه أهمل في صغره، وبوضوح قد تظل مخاطره ممتدة لسنوات، فآثار الصغر ليست هيّنة، فما بين العزلة والرغبة في الانطواء ومشاكل النوم وعدم احترام الكبار، ومشكلات الدراسة والمستوى الهابط دراسيًا، كلها مخاطر قد تصل بالمتنمر للانتحار مالم ينتبه الجميع لدوره.

ونحن كما تحدثنا عن المخاطر سنذكر الأسباب:

أولاً- التفكك الأسري:

إن المشكلات الأسرية كانت ولا زالت هي مفجر الطاقات الإيجابية للأطفال، إذا ما شهدت وئاماً وانسجاماً وراحةً، وحباً متبادلاً، وأيضًا مفجرة لكل الظواهر الغريبة التي نراها الآن، كالتنمر والانطواء والخجل، بل والمشاغبات بشمولها ، وعليه فإن الأب والأم هما المسؤولان "رقم واحد" عن هذه الحالات، والبيت كمحضن تربوي مسؤول عن تشكيل شخصية الطفل، وتغييره من العدوانية إلى الشخصية العادية الطبيعية، ويوم يتخلى كل من الوالدين عن دوره في بيته، تظهر هذه الطاقات المتعبة لهما، قبل أبنائهم.

الأب والأم هما المسؤولان "رقم واحد" عن هذه الحالات، والبيت كمحضن تربوي مسؤول عن تشكيل شخصية الطفل، وتغييره من العدوانية إلى الشخصية العادية الطبيعية

ثانيًا- إدمان أفلام الرعب:

إن الكثير من الأطفال -مع الأسف- وبالرغم من حداثة أعمارهم، فإنهم عاشقون لأفلام الآكشن الغربية العنيفة، بل ربما يكون أحدهم حافظاً لسيناريوهات هذه الأفلام كاملة، ويسهر بالساعات الطوال يتمتع بمصاصي الدماء، والتماسيح النهرية، والرجل الخارق الذي يتحول لسوبرمان، ويطير ويقتل ويذبح، وفي نفس الوقت هو عاطفي وحنون، ونحن بمنتهى السذاجة نترك الأبناء أمام الشاشات، ويدخل الأب المتعب من العمل ليستريح، ثم نصحو جميعاً على وصول الطفل البريء لمرحلة من العنف، قد تعصف ببنيان البيت أصلاً واستقراره، وعليه فالرقابة الأبوية على الأولاد والتحذير من الإعلام وأفلامه والسعي لإيجاد بدائل تعالج الشخصية التي تميل لهذه النوعية من الأفلام، هو واجب لا مناص منه ، هذا إن أردنا لأطفالنا مستقبلاً طيباً، وواقعاً ملبياً لرغبة الوالدين في أولادهم.

ثالثاً- العامل النفسي:

إن الأولاد ليسوا في عصمة من الأمراض النفسية والاكتئاب، بل هم أقرب، وليس مقبولاً أن يقول البعض: لماذا هذا الاكتئاب وهم لم يكدوا بعد في دنياهم، أو يتعرضوا لنزلات حياتية؟ ولا تعسّروا، فلا مسؤولية فوق أعناقهم أو غير ذلك!

وهذا الكلام مرفوض لسبب بسيط هو أن الكائن الحيّ عمومًا يتعرض لصدمات نفسية داخلية، وإلا فما عوارض الانطواء والميل للعزلة إلا أزمة نفسية مكتومة في داخل الطفل، وما الرغبة في البعد عن الملاهي والمرح في سن الأطفال إلا اكتئاب قد أصاب الطفل، وعليه فإن المجتمع ككل والأسرة في قلبه مسؤولة أيضًا عن المزاجية والنفسية لأطفالهم؛ لأنهم إن لم يعالجوا هذا الأمر فالطفل يتوجه للعدوانية سعيًا للهروب من وضعه، فيكون التنمر وجهته، ويتحول ذلك الطيب إلى شرس، حتى في تعامله مع إخوته في بيت الأسرة، لذلك فالبدار البدار.

المجتمع ككل والأسرة في قلبه مسؤولة أيضًا عن المزاجية والنفسية لأطفالهم؛ لأنهم إن لم يعالجوا هذا الأمر فالطفل يتوجه للعدوانية سعيًا للهروب من وضعه، فيكون التنمر وجهته

رابعًا- مشاكل الشخصية:

إن شخصية الطفل يتم تشكيلها منذ اليوم الأول، ولن أبالغ إذا قلت منذ الشهر السابع وهو في عالم الأرحام، فهو ينصت لما يقال، ويسمع لصوت والديه، وقديمًا قالوا إن الطفل يرى دنياه كاملة وهو داخل بطن أمه، لذلك يقال لقد رأيت هذا الموقف ولكن لا أذكر أين؟!

ولذلك فإن المشاكل الشخصية للطفل واضطرابها من أهم أسباب التنمر عند الأطفال ، فهو يرى نفسه إنساناً غير سوي، فلا يستجيب لأوامر والديه، أو يحقق تعاليم المعلم في المدرسة، ثم لا يجد لذلك سببًا، وهذا ما نسميه الشخصية المضطربة، وعليه فإن الجميع مدعو للتكاتف لتحويل الشخصية المستقية عبر جلسات تعديل السلوك، وفهم التربية في إطارها التنموي والتربوي الناجح الذي يعزز ثقة الطفل بذاته، حتى لا يقع فريسة للتنمر.

وبإذن الله سنتناول في المقال القادم كيفية علاج التنمر وسبل الحد منه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

الصيام بوابة المغفرة: كيف نجعله شفيعًا لنا يوم القيامة؟

يتعامل الإنسان مع المهام الدنيوية بإحساس بالمسؤولية، فلا يجد راحة حقيقية حتى يؤديها على أكمل …