يجد الله غفورا رحيماً
قال تعالى: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما} [سورة النساء:110].
وقال الله تعالى في الحديث القدسي: "يا ابن آدم: إنك ما دعوتني ورجوتني؛ غفرت لك ما كان فيك ولا أبالى. يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً؛ لأتيتك بقرابها مغفرة". (رواه الترمذي).
مصارحة حب:
إلى كل من اصطفاه ربه لاعتلاء المنابر وتربية الناس أود أن أصارحك وأقول لك أنني أحبك في الله، إلا أنه يؤلمني منك أن أجدك عند الدعاء تصدع بقولك: اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعَزّ فيه أهل طاعتك ويُذّل فيه أهل معصيتك. ويزيد تألمي حين أسمع صوت المصلين يزلزل بالتأمين خلفك: (آمين).
لا تغضب مني:
خطيبنا الجليل، لا تغضب مني، أعطني قلبك وسمعك وكن إيجابياً ومنصفاً:
أيُعقل أخي الداعية الخطيب أن تسأل ربك بهذا الدعاء في جمع من المسلمين، في وقت مبارك ليؤمِّنوا خلفك بإذلال أصحاب المعصية؟
هل دعانا ربنا إلى ذلك؟
هل دعانا نبينا إلى ذلك؟
هل دعانا إسلامنا إلى ذلك؟
هل هذا هو دور الداعية والمربي نحو الناس؟ يدعو للصالحين منهم ويدعو على العصاة؟
ألست معي أخي الداعية أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
ألست معي أخي الداعية أن هؤلاء الذين تدعو عليهم اليوم بسبب غفلتهم أو عصيانهم ربما يأتي علينا وعليهم غد جميل تنقلب فيه الموازين فيصبحون هم الدعاة وهم الصالحون، ويصبحون شموساً تنير للمسلمين طريق الهداية؟ أليس ذلك ورادا؟
أنسيت أخي الداعية كم وكيف عانى حبيبك وقدوتك محمد صلى الله عليه وسلم في تبليغ دعوته وما لاقاه في الطائف من قذف بالحجارة لدرجة أن أدميت قدماه الشريفة – بأبي وأمي هو رسول الله– ورغم ذلك لم يدع على هؤلاء الناس راجياً من ربه عسى أن يخرج من بين أصلابهم من يقول لا إله الا الله؟
بشروا لا تنفروا:
لكل مربٍ وداعية، بشّروا ولا تنفّروا إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين.
إن كنا ندعوا لغير المسلمين أن يهديهم الله ويشرح صدورهم للإسلام والهداية، فمن باب أولى أن ندعوا للمسلمين الذين عصوا أو أخذتهم الغفلة. فرحمة الله واسعة وسعت كل شيء، وأجمل منك وأصوب أن تدعو لك ولهم بهداية وصواب ورشد وتثبيت.
وأرجو الله لك أخي الداعية أن تستبدل ذلك الدعاء بالقول: (اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، اللهم تب على العصاة والمذنبين واهدهم سبل الخير والسلام والهدى والصواب).
وقفة تربوية:
أيها الداعية، إذا دعونا على العصاة بالمذلّة، فلمن سيكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هل يكون للصالحين وفئة المهتدين فقط، أم أن العصاة هم الذين يجب أن يبذل في سبيلهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، ثم كيف يكون دور الخطباء والدعاة آنئذٍ بعدما يهلك الله أصحاب المعاصي أو يذلهم؟
أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين:
يا كل مربٍ وداعية: كونوا رفقاء بالناس، حببّوا إليهم الخير والطاعة، أعينوهم على أنفسهم والشيطان، كونوا أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين رحماء بتعاملكم و دعواتكم؛ فالرفق ما وضع في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، كونوا معتدلين وسطيين مبشرين لا مُنفرين.
ولا تنسوا أن الدعوة إلى الله ما هي إلا حب ورحمة بالناس، فلا تعينوا الشيطان على المذنبين والعصاة، بل اسألوا الله أن يصرفه عنهم وينجيهم منه ومن معاصيه، وهذا هو الدور الرباني للخطيب والداعية، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.
يا كل مربٍ وداعية، كونوا رفقاء بالناس، حببّوا إليهم الخير والطاعة، أعينوهم على أنفسهم والشيطان، كونوا أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين رحماء بتعاملكم و دعواتكم فالرفق ما وضع في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه
إلى كل مُربِ:
ارفق بإخوانك، لا تُعن الشيطان عليهم، التمس أعذارهم، تفقّد أحوالهم، تحبّب اليهم.
إلى كل مقصّر:
اللهم اغفر لكل مذنب ومقصّر وردّه إليك رداً جميلاً واغسل قلبه بماء رحمتك، ونوّر قلبه بشمس هدايتك، وألهم لسانه ذكرك وأعطه من نورك الذي لا يخبو، واشرح صدره بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك، وأحيه بمعرفتك وأنزل عليه سحائب رحمتك وهدايتك وتوبتك، إنك أنت الله القادر على كل شيء.