معظمنا يملك قصة ما مع #التغيير، سواء كانت حبًا أو كرهًا، فمن جهة نحن نرغب في التطور والمُضي قُدُمًا -وهو مبدأ أساسي في الحياة- ومن جهة أخرى، فإن فكرة التغيير في حد ذاتها تُسبب لنا القلق والخوف، ومن ثم يغدو الاستمرار في حياتنا على المنوال الذي نحن عليه مهما كان رتيبًا أو خاطئاً أفضل مئة مرة من رسم طريق جديد!
فلماذا نعترض طريق أنفسنا حين يتطلب الأمر التغيير، ونفضّل التعلق بعادات أو مواقف ما عادت تفيدنا على الإطلاق!؟
إليكم أشهر تسع خرافات عن التغيير، والتي تُعدُّ عائقًا في طريق الكثيرين، مع ذكرٍ للحقائق التي تقابلها:
1- الخرافة الأولى: أحتاج أن أعرف وأفهم كل خطوة من المرحلة القادمة قبل أن أبدأ بأي خطوة للتغيير.
أما الحقيقة: فهي أننا جميعًا نسير أو نحبو أو نركض في طريق عاصف في الحياة، فهناك الكثير من المنعطفات غير المرئية، وعلى هذا، فمن الصعب معرفة ما سيحدث بالضبط مستقبلًا. سبب آخر، وهو أن القرارات التي سنقوم باتخاذها اليوم، هي التي ستقرر خياراتنا غدًا، لذا، فليكن عندنا الشجاعة للمضي قدمًا، وسنرى أن الطريق أمامنا ستتضح ملامحه رويدًا رويدًا.
2- الخرافة الثانية: سأبدأ غدًا، فلربما أغدو بحال أفضل وقتها.
أما الحقيقة: فهي أنه في كل مرة تُؤجل العمل فيها من أجل إراحة أو إمتاع نفسك، فإنك تصنع عادة جديدة وهي استسلامك لسعادة مؤقتة، بدلًا من تأجيلها حتى تحقيق التغيير المطلوب، فعلى سبيل المثال: إذا كان هدفك هو تحسين صحتك الفيزيائية، ثم بدلًا من الخروج للمشي -كما كانت الخطة- تفضّل الجلوس أمام التلفاز ومشاهدة مسلسلك التلفزيوني، وتأجيل تنفيذ الخطة للغد أو يوم آخر، فإنك بهذه الخطوة تحقق سعادة مؤقتة، ولكن عندما تكرر هذا التصرف فإنك تجعل منه عادة على المستوى البعيد، ويصبح التأجيل جزءًا من طبعك، وسيلزمك جهد مضاعف حتى تتمكن من عمل الأمور بشكل مختلف عما تعوّدت عليه، مع ذلك، فبالتدريب ابتداء من اليوم، ستتمكن مستقبلًا من البدء بالقيام بالكثير من الأمور، حتى وإن لم تكن عندك الرغبة بذلك.
في كل مرة تُؤجل العمل فيها من أجل إراحة أو إمتاع نفسك، فإنك تصنع عادة جديدة وهي استسلامك لسعادة مؤقتة، بدلًا من تأجيلها حتى تحقيق التغيير المطلوب
3- الخرافة الثالثة: باستطاعتي تغيير الآخرين.
أما الحقيقة فهي أن تصرفات غيرنا من البشر هي مسؤوليتهم الخاصة، أما أنت فعليك أن تركّز على أفعالك وتصرفاتك ، بعض الناس قد يتأثر بما قمتَ به ويرغب في أن يحذو حذوك، والبعض لا، وهذا لا بأس به في بعض الأحيان، ولكن في أحيان أخرى قد يعني التغيير التقليل من تلك العلاقات أو انتهاء بعضها بالكامل، وهذا واحد من أسباب رهبتنا من التغيير، فنحن نتجنبه أحيانًا؛ لنظل في علاقة أَلِفْناها حتى وإن كانت مدمّرة!
4- الخرافة الرابعة: لا أستطيع أن أتغير حتى يتغير مَن حولي.
أما الحقيقة: فهي أنك أنت الوحيد الذي يملك السلطة والقدرة على تغيير اختياراتك والأمور المتعلقة بك ، ولا تقلّل من قيمة نفسك وقدرتك، وذلك بانتظارك لأن يقوم الآخرون بالخطوة الأولى، فأنت بهذه الصورة تحكم على نفسك بحياة بائسة إن لم يقم الآخرون بالتغيير اللازم.
5- الخرافة الخامسة: أنا أستطيع التغير وسأغير تلك العادة إذا ما دعت الحاجة أو حلَّت مشكلة.
والحقيقة أنه صحيح أن الكثير من المصائب يمكن أن تكون سببًا في إيقاظنا من غفلتنا، إلا أنها هي وحدها قد لا تكون كافية لتأخذ بيدنا للطريق الصحيح، فالخوف والقلق الذي يتبع حدوث أزمة ما يؤدي لحماسة مؤقتة، تدفعنا للرغبة في التغيير، وربما البدء فيه، ولكنها ليست قوية كفاية لتدفعنا للاستمرار فيه، بيد أن الأسباب المنطقية والرؤية الواضحة والدعم من ذوي الخبرة سيؤدي لتغيير جذري وطويل الأمد بإذن الله.
6- الخرافة السادسة: يجب أن يغدو التغيير جذريًا:
والحقيقة: لا يجب أن يكون هناك الكثير من الخطوات التي يجب عليك القيام بها لتُحدث تغييرًا، فيمكنك أن تختار تغيير مسارك وبعض عاداتك قبل أن تقوم بتغيير جذري لحياتك، كأن تغيّر وظيفتك، أو تتعلم مهارة جديدة، أو تسافر لمكان ما.
لا يجب أن يكون هناك الكثير من الخطوات التي يجب عليك القيام بها لتُحدث تغييرًا، فيمكنك أن تختار تغيير مسارك وبعض عاداتك قبل أن تقوم بتغيير جذري لحياتك
7- الخرافة السابعة: إذا كنتُ في علاقة لا تسير على النحو الذي أرجوه، فإما أن أقوم بتغيير كامل أو ألغي العلاقة.
أما الحقيقة: فإن الحياة يمكن أن تصير جميلة، حتى وإن لم نحصل على كل ما نريد، فلا توجد وظيفة أو إنسان أو أي أمر سيأتي لنا دون عيوبه، ومن هنا، احرص على ألا تتخلى عن شخص أو شيء لمجرد أنه ليس ممتازًا، فربما تكون بحاجة لتغيير ردّة فعلك وتصرفك بدلًا من الشخص أو الشيء .
8- الخرافة الثامنة: لقد تأخّر الوقت وكبرتُ على التغيير:
والحقيقة أن الوقت لم يـتأخر أبدًا على أي شيء طالما في الإنسان عرق ينبض، وقد شهدنا أناسًا في مختلف الأعمار المتأخرة بداية من الخمسينات وما فوق، وهم يقومون بتغييرات جذرية في حياتهم، فالتغيير يبدأ في كثير من الأحيان بإيماننا وبإمكانيته، فقرّر ماذا تريد أن تصبح أو تفعل، وحدّد نقاط قوتك، واشدد من عزيمتك، وابدأ في عملية التغيير، ستجد أنك تتعثر أحيانًا وترتكب الأخطاء، وتقرّر قرارات غير حكيمة، ولكن هذا كلّه في النهاية جزء من عملية التغيير والتطور التي تمر به.
9- الخرافة التاسعة: هذا هو أنا ولن أتغير.
وأما الحقيقة: فإنه رغم أن الدراسات أثبتت بأن (50%) من السعادة وراثية، و(10%) تبعًا للظروف، فهذا يترك لنا ولردود أفعالنا نسبة (40%)، فلا تقلل من قيمة المجهود الذي تبذله والذي من شأنه أن يتسبب في تغييرات كبيرة وجذرية في طريقة تفكيرك، وتواصلك وقدرات احتمالك.
وفي الختام، كثيرًا ما نظن أن إحداث تغيير صغير هنا أو هناك ربما لا يُحدث فرقًا كبيرًا، ولكنه في الواقع له كبير الأثر على إحداث تغيير ضخم وجوهري على المدى البعيد، ولنضع في اعتبارنا أن التغيير إلى الأفضل يعد تصرفًا شجاعًا في حد ذاته، ولنمضِ قدمًا وكلنا ثقة في أننا يومًا ما سنصل لمرادنا بإذن الله وعونه.
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://blogs.psychcentral.com/cultivating-contentment/2018/02/nine-lies-we-tell-ourselves-to-avoid-change/?li_source=LI&li_medium=popular17