الكثير من الكتاب أبحروا في مضمون كيف نتخذ القرار أو فن اتخاذ القرار ولكن من النادر جداً أن تجد من يكتب في كيفية التراجع عن القرارات أو فنون واستراتيجيات التراجع عن القرارات أو إلغائها.
فالقرار هو سيد الموقف وهو العصا السحرية في نجاح الأعمال وهو فن الاختيار بين البدائل المطروحة وتحديد أيها الأصلح والأفضل من وجهة نظر متخذ القرار ، كل هذا معروف بالبديهة حتى لأولئك الذين يتخذون القرارات دونما أن يعوا أنهم قد أقدموا على خطوة مهمة أو محطة خطيرة، ولكن الأخطر من وجهة نظري هو كيفية التراجع عن القرار، وفنون ذلك واستراتيجيات هذه الخطوة، فالعديد يتراجع عن قراره وكأنه يرى ذلك مرحلة لا يجب التخطيط لها بل ويعالج الخطأ بالخطأ ولذا وجب التنبيه مني لما رأيته من أهمية في هذا المجال.لماذا نتراجع عن القرارات؟
وهنا أود أن أوضح أولاً أن العودة في القرارات إذا كانت مدروسة فإنها تعد قوة وليست ضعفاً، ومكرمة وفضيلة وليست نقيصة أو رذيلة ، أما وإن كانت خطوة دون دراسة أو عشوائية فإنها ستكون أكثر من الخطيئة.
فنحن نتراجع عن القرارات للأمور التالية:
- التسرع والعجلة في اتخاذ القرارات.. بداعي الوقت والمرحلة ومن ثم نتجرع الخسائر وفق القرار المتسرع فنعود في القرار مرة أخرى.
- عدم دراسة القرارات بشكل علمي وحرفي متقن، بل نتخذ قراراتنا عبر بعض الأقوال أو بعض الأطروحات التي لم تنضج بعد أو بعض المعطيات التي لا ترق لدرجة المعلومات أو التحليلات والأبحاث العلمية الصحيحة.
- عدم الإعداد الجيد للسيناريوهات والبدائل بشكل جيد، فالكثير يعد الأمر على حالة واحدة فقط فإذا ما لم تحدث وتقع هذه الحالة فإذا به قد شل عقله وتوقف عن التفكير، لذا لزم علينا أن نعد الحلول البديلة وإن كان السيناريو صعب الحدوث أو بعيد الحدوث فلابد من المرونة الفكرية.
- وقوع سلبيات أكثر مما توقعنا سابقا، فعندها يجب التراجع عن القرار لما ستؤول له الأمور ولما سيحدث من آثار سلبية خطيرة.
بعض الضروريات عند التراجع عن القرارات:
- دراسة التراجع في القرار: فإذا ما أخطأنا عند اتخاذ القرار بأننا لم ندرسه فلابد ألا نخطئ ونحن نعود فيه.
- تحديد الوقت المناسب للتراجع: يجب علينا تحديد الوقت المناسب للعودة في القرار وألا يتسبب ذلك في سلبية النظرة لنا من المحيطين أو الأتباع، لأنها عامل مهم جداً في مدى تقبلهم للقرارات مرة أخرى في المستقبل.
- تهيئة الجمهور نفسياً لمرحلة التراجع: وجب أيضاً على متخذ القرار وصاحب قرار التراجع عنه أن يمهد ذلك للجمهور؛ كي يستقبلوا هذا التراجع بتفاهم وعقلانية ورضا كامل يجعلهم على ثقة في متخذ القرار مرة أخرى.
- السرية قدر الإمكان: إذا أمكنك التراجع عن القرار دونما الإفصاح عن هذا (ما لم يضر– أو تكون هذه قاعدة) فإن هذا محبب ومفضل لأنه سيحدث النتيجة دونما ضجة كبيرة تصاحبها.
- المحاذير: يجب أن نؤمن ونحن نعود في القرار ونتراجع عنه أن نتعلم ونتفهم المحاذير عند اتخاذ القرار وهي:
1. لا للمجاملات.
2. لا للعواطف.
3. لا للتردد والتذبذب.
4. لا للعجلة والتسرع.
5. لا للعشوائية والارتجالية.
كيف نتخذ القرار مستقبلاً (خطة الانسحاب):
وهنا لن أتحدث عن كيفية اتخاذ القرار ولكن أنوه فقط إلى مراحل اتخاذ القرار وهي:
- المرحلة الأولى: تحديد الهدف.
- المرحلة الثانية: التفكير بأكبر عدد ممكن من البدائل والإمكانيات.
- المرحلة الثالثة: جمع المعلومات والدراسات والتحليلات والسيناريوهات قبل اتخاذ القرار.. فلا قرار بدون معلومة.
- المرحلة الرابعة: التفكير في الإيجابيات والسلبيات للقرار وما ستؤول له الأمور بعد اتخاذ القرار والآثار المترتبة على هذا القرار.
- المرحلة الخامسة: المشورة وسؤال أهل التخصص مع مراجعة المراحل مرة أخرى مراجعة دقيقة فقد يكون هناك ما استجد على الأمر خلال الفترة الماضية.
- المرحلة السادسة: إعداد خطة الانسحاب أو خطة التراجع إعداداً جيداً ووضعها في الحسبان؛ حتى لا نفاجأ بالتراجع أو تكون سلبية أكثر من كونها خطوة تصحيح حقيقي لقرار شابه الخطأ أو النقصان .
إن سمة البشر الخطأ والنسيان فلا داعي أن نتصور أن التراجع هو سبة في حق صاحبه، كما علينا أن نفطن أن كثرة التراجع تفقد الثقة من الجمهور لمتخذ القرار وكم من رؤساء وزعماء اهتزت صورتهم وفقدت الجماهير الثقة فيهم بسبب التراجع الخاطئ والغير مدروس للقرارات!
ولذا أنصحك أن تعيد قراءة المقال مرة أخرى وأن تعلم أن القرار الصحيح يأتي بالممارسة وليس بالتعلم، ولا يسعني إلا أن أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لقرار صحيح ينقذ الأمة مما هي فيه ويكون إيذانا بالفجر بعد الليل.