دين الله تعالى هو كرامته ورحمته الموجهة لعباده أجمعين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا). لذلك فإن الدعوة إلى هذا الدين ونشر عقائده وأخلاقه وأحكامه، وتربية الناس على ذلك، هي أعمال وجهود يجب أن تتوجه إلى الناس أجمعين وتفتح أبوابها للناس أجمعين بدون تمييز ولا تفضيل.
-فدين الله ودعوته حق للنساء بقدر ما هي حق للرجال.
-وهما حق للصغار مثلما للكبار.
-وهما حق للأميين على حد سواء مع المتعلمين والمثقفين.
-وهما حق لأهل البوادي بقدر ما هما حق لأهل الحواضر.
-وهما حق للفقراء والمساكين وللأثرياء والميسورين بقدر ما هما حق للمتوسطين.
-وهما حق للمنحرفين والمبتلين مثلما هما حق للمصلين المتدينين وللمريدين السالكين.
وبهذا يظهر الغلط الشنيع والخلل الفظيع حينما نجد بعض الدعاة والمهتمين بالدعوة والعاملين في صفوفها، يحصرون أعمالهم وجهودهم في أوساط الرجال دون النساء، أو يركزون على المثقفين والمتعلمين دون العوام والأميين، أو يهتمون بالشباب ويهملون الشيوخ والأطفال، أو يشتغلون في العالم الحضري وينسون من حوله من أهل العالم القروي ولو كانوا أعمامهم وأخوالهم وأصهارهم، أو يتوجهون إلى المتدينين ورواد المساجد ويسقطون من حسابهم رواد المقاهي والملاهي ولو كانوا إخوانهم وأقرباءهم وزملاءهم.
وإذا كان الناس من حقهم أن يشتكوا ويقاضوا من ظلموهم وهضموا حقوقهم في الدقيق والماء والكهرباء والعلاج والتشغيل.. فإن حقهم أحق وأعظم في أن يشكوا ممن ظلمهم وصرف عنهم دعوة الله ودينه، وهدايته ورحمته لخلقه، فحرمهم من التعليم والتفقيه، ومن التربية والتزكية، بينما قد صرف ذلك وأتاحه وبلغه إلى غيرهم (تلك إذن قسمة ضيزى)
وقصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أم مكتوم قد أصبحت قصة خالدة بواقعتها وساطع دلالتها. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغولا مع أحد الكبراء يعرض عليه الإسلام ويشرح له دعوته ويرجو استجابته. وفي هذه الأثناء جاءه أحد ضعفة المسلمين ابن أم مكتوم الأعمى يسأل عن بعض أمور دينه، فتضايق منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرض عنه، واستمر في جهده مع الزعيم القبلي رجاء إسلامه الذي كان يفترض أن يكون له أثر كبير ونفع عميم، فأنزل الله هذه الآيات الخالدات يعاتب فيها نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم ويصحح له الوجهة الدعوية، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة عبس: (عبس وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى، أو يذكر فتنفعه الذكرى، أما من استغنى، فأنت له تصدى، وما عليك ألا يزكى، وأما من جاءك يسعى، وهو يخشى، فأنت عنه تلهى) فكانت هذه عبرة بالغة وحكمة باقية، وهي أن دين الله للجميع وأن دعوة الله للجميع، وليس أحد أولى فيها و بها من أحد، إلا بمدى رغبته ومدى إقباله واستعداده.
فهذه هي الوجهة القويمة والسليمة لدعوة الإسلام، تتوجه للجميع وتتاح للجميع، بدءا بالأقرب فالذي يليه (وأنذر عشيرتك الأقربين) ثم (لتنذر أم القرى ومن حولها) ثم (ليكون للعالمين نذيرا)
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين