السرقة عند الأطفال.. الأسباب والوقاية والعلاج (3-3)

الرئيسية » بصائر تربوية » السرقة عند الأطفال.. الأسباب والوقاية والعلاج (3-3)
child- father

اليوم نتحدث في ختام هذه السلسة المهمة والتي تتعلق بظاهرة السرقة عند الأطفال (الأسباب والوقاية)، واليوم حان الدور أن نبيّن الدواء الفعّال لهذه الآفة الخبيثة التي تهدد مستقبل الأبناء وحاضرهم، وتنقلهم من زاوية النجاح إلى مشكلات لا حصر لها، ليس بمفردهم، بل معهم الأسرة الصغيرة وما يعقبه من قطيعة، وانتشار الخصام والغضب وعدم الأمن والأمان بين المجتمع.

إن العلاج يحتاج إلى وقت، فلا علاج سريع المفعول، لكن هناك مسكنات سريعة المفعول لكنها لا تلبث أن تعود بالأمر إلى بداية عهده، وعندها تتجدد المرارة والألم والحزن، ولاعذر لكسول أو متجاهل لذاته، وعليه فإن العلاج يكمن في الآتي:

أولاً- الاعتراف بالأمر:

إن الاعتراف بالواقع -وإن كان مراً أليماً- أول خطوات العلاج السليم ، فالمريض لو ظلّ الطبيب يخفي عنه حقيقة مرضه ربما يتمادى في حياته بلا محاذير، وقد تحدث له مضاعفات يصعب وقتها الدواء، وعليه فالمواجهة مع هذه الآفة يعجل بزوالها، ويضع الجميع أمام مسؤوليته في جو من الحرص العام على الأطفال، المهم أن يكون الأمر في إطار البيت الواحد، حتى يشجّع الطفل على التحدث، ولماذا فعل ذلك، وهل هي المرة الأولى أم ماذا؟ وعندها نكون بدأنا الخطوة الصحيحة.

ثانياً- الابتعاد عن التوبيخ العلني:

إن النقد المباشر أمام الأقارب والأقران كان ولايزال من عورات التربية، وذلك لسوء آثاره فيما بعد ، وعليه فإن التوبيخ والسباب للطفل على ذلك ونهره أمام إخوته يعجّل بمزيد من الانفجار السلبي داخل الطفل، يترجمها لأفعال أشد سلبية، خصوصاً أن الطفل ربما يجهل مرامي الأمر، ولايعي خطورة السرقة أو غيرها، فهو لم يبلغ الحلم، وحتى لو كان بالغاً، فتفكيره غير تفكير الكبير، لكن المشكلة الكبرى هي أزمة التصرف الأبوي تجاه الحادثة، لذلك فالفهم هنا للمشكلة هو رمانة ميزان الحل، غير ذلك فثق -يا أيها الأب الحنون- أنك تزيد جراح ابنك من حيث تسعى لحفظ ماء وجهك.

إن التوبيخ والسباب للطفل على ذلك ونهره أمام إخوته يعجّل بمزيد من الانفجار السلبي داخل الطفل، يترجمها لأفعال أشد سلبية

ثالثاً- الحل الفوري:

يجب على الوالدين في حالة حدوث السرقة وهما خارج البيت، وعلموا بها، أن يذهبا فوراً لمكان الحدث، سواء كان محلاً أو بيت زميل، ومعالجة الأمر بسرعة متناهية عبر ردّها أو دفع القيمة في جو من الاعتراف بالخطأ والسرية، واحتضان الطفل، والعودة به سريعاً للمحضن التربوي الذي اختلَّ ميزانه، والبدء بجلسة عصف ذهني أسري، مكوّن من الأب والأم؛ للبحث في حلول سريعة مع ما سبق من الاعتراف بالخطأ.

رابعاً- اذهب للمتخصص:

إن العلوم اليوم متطورة وحديثة ومهمة، واختصاصيو تعديل السلوك اليوم هو أهل الذكر في هذه المشكلة، ولاحرج أن يتحاور الآباء والأبناء مع المختص بجو من السرية والحرص، فالجميع مسؤول عن تفشي الأمر، لذلك فالذهاب حتمي، والأخصائي اليوم متمكن ولديه برامج تربوية علاجية تساعد على تقويم وتعديل السلوك، المهم السرعة وعدم التأخير مع الأخذ بالأسباب التي ذكرناها سابقاً.

خامساً- شدّد المراقبة:

إن المراقبة كانت ولا زالت من الأمور التي تقلّل من حدوث المشكلات، فالولد إذا وجد والديه في حالة انتباه لتصرفاته فإنه يقيناً يشعر بالخوف، ويخشى الوقوع في مشكلات قد تغضبهما خشية العقاب ، لكن المراقبة التي أقصدها هي المراقبة بالحب، فلو تشبّع الأطفال بالحب المتبادل بينهم وبين الآباء والأمهات فإن الكوارث والجرائم والمشكلات تقل، وكل بلاء يحدث ومشكلة تظهر يكون البيت في تيه وغفلة، وطغت زحمة الدنيا عليه، فالأطفال لايريدون الأب محاسباً، يعطي فقط دون متابعة وحب ومناقشة وفضفضة واحتضان أسري شامل، غير ذلك فالأمر سيكون متعباً للجميع.

سادساً- أغلق تلفازك قليلاً:

إن الإعلام كان ولا زال من عوامل الهدم؛ إذ أخذ مسار الكذب وتلميع الباطل، وكان عامل بناء لو اتّقى القائمون عليه الله عز وجل، ومع هذه الهجمات الشديدة يصبح دور الأب هو الأهم دون التعويل على نظام أو دولة، لذلك إياك أن تترك ولدك بالساعات أمام الشاشات والحاسوب يتجول بين قنواته، وكل قناة تبث سموم العنف والسرقات، وتلميع المجرمين، لكن بدّل محطات اهتمام أبنائك بمواد سليمة تخدم لبناء طفل سوي صالح نافع لدينه ووطنه.

إياك أن تترك ولدك بالساعات أمام الشاشات والحاسوب يتجول بين قنواته، وكل قناة تبث سموم العنف والسرقات، وتلميع المجرمين، لكن بدّل محطات اهتمام أبنائك بمواد سليمة تخدم لبناء طفل سوي صالح نافع لدينه ووطنه

ختاماً:

السرقة داء شديد، والدواء أصله البيت والمراقبة وفهم الوالدين للتربية الصحيحة، وكل الآفات الغريبة والظواهر الشاذة أصلها خروج البيت عن رسالته الصحيحة، وانشغاله بالسعي للمال من حلاله وحرامه، لكن المشكلة أن الأبناء هم الذين يدفعون الثمن، وغالباً يكون مكلفاً للجميع، فالحذر الحذر، وعلى الجميع أن يقوم بدوره، هذا إن أردنا مجتمعاً صالحاً بلا إجرام وفسوق.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …