يواجه المقدسيون الصامدون على ارضهم والمرابطون في مدينتهم المتشبثون في بيوتهم الساجدون في اقصاهم ومساجدهم المصلون في كنائسهم، حربا صهيونية تهويدية تهجيرية وترحيلية، اقتلاعية واجتثاثية وجودية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ادواتها كثيرة لا حصر لها، اهمها القهر والظلم والاعتقال والقتل ومصادرة كل شيء فلسطيني عربي اسلامي في المدينة المقدسة المحتلة، والاستيلاء على العقارات والممتلكات والارض وما تحتها وما فوقها.
ما الذي يمكن ان يكون اكثر قهرا واستفزازا للانسان من ان يجبر على هدم منزله الذي بناه وشيّده بعرق جبينه، بيده وان يطلب فزعة ومساعدة الاهل والاقارب والجيران والاصدقاء لمساعدته في هدم ما بناه وهو نتاج كل عمره وحياته، او ان يتم طرده من بيته بالقوة هو وافراد اسرته، الذين يصرون على البقاء في فناء منزلهم الذي بنوه بحبات العرق، ثم يأتي مستوطنون يهود مجرمون ويستولون على المنزل دون اي وجه حق، ويبدأون باللعب واللهو والرقص والاحتفال والضحك، مبتهجين باجرامهم وارهابهم، فيما اصحاب البيت الشرعيين يبكون ويصرخون ويعانون اصعب الظروف والصدمات النفسية والعصبية، وهم يشاهدون ما يجري امام اعينهم.
يتقلب المقدسيون على نيران الاحتلال الصهيوني، التي لا تشبهها نار، ولا يشبه جمرها وحرّها ولهبها شيء، فما الذي يطفؤها غير الصبر والصمود والتحدي والتصدي، لآلة القمع والوحشية الصهيونية.؟
القدس لم تعد تنفعها الشعارات والبيانات والتصريحات، انها تستصرخ ضمائر الامتين العربية والاسلامية، وتبحث آليات عملية وفعلية لاسكات آلة الدمار الصهيونية ومنعها من مواصلة دمارها، ورفع الظلم عن اهلها والوقوف الى جانبهم وتعزيز صمودهم.
المقدسيون لا يرون الا الاردن وفلسطين في ميدان المواجهة دفاعا عنها ضد المحتلين الصهاينة، ويتساءلون عن استدارة الكثيرين وانسحابهم من المسؤولية الدينية والتاريخية والاخلاقية والانسانية تجاههم وتجاه قدسهم ومقدساتهم، ويراجعون في ذاكرتهم الوعود والقرارات والتوصيات من اعلى المؤسسات العربية والاسلامية بدءا من القمم وانتهاء بالاجتماعات الثنائية والمؤتمرات الاخرى، التي لم ينفذ منها الا النذر اليسير جدا، وما تزال حبرا على ورق وطويت في ادراج معتمة وتحولت الى ارشيف تاريخي، لا قيمة ولا منفعة له.
لا شيء يمكن ان يغطي على ما يجري في القدس من جرائم وممارسات صهيونية تهويدية، لا مؤتمرات وارسو وغيرها، ولا لقاءات نتنياهو مع بعض المسؤولين العرب، ولا محاولات الترويج والتسويق لصفقات معينة، ولا الحديث عن زيارات ولقاءات مسؤولين اميركيين مع زعماء دول المنطقة، لان شمس القدس ساطعة لا يعزلها عن عيون وقلوب الشعوب العربية والاسلامية اية حواجز او عوائق، سوف تبقى في وجدانهم وافدئتهم مهما بلغ ذكاء الاحتلال ودهائه وبطشه.
الانتباه الى القدس والاهتمام بها، واجب ديني وانساني مقدس، ولا يمكن لعربي او مسلم مسؤولا كان ام مواطنا عاديا، ان يتبرأ او يتحرر او يتحلل من تلك المسؤولية، سيحاسب التاريخ الجميع، ولن ترحم الاجيال احدا، ومن تهن القدس عليه، فلا قيمة له ولا وزن.