أثر التفاؤل يعد بدء يومك بالتفاؤل إجراءً حكيماً إلى أبعد الحدود، وهو قرارك أنت فإن شئت كنت سعيداً وإن شئت كنت تعيساً، فهو اختيارك ولا أحد يجبرك على هذا الاختيار، فإن أمسك قد ولى ومضى، وغدك لم يأت بعد، فركز حضورك على اليوم وعلى اللحظة التي أنت فيها، لأنها هي اللحظة الوحيدة الحقيقية كما يقول إيكهارت تول في كتابه قوة الآن، فالماضي قد يكون مؤلماً والغد قد يكون مظلماً، أما إن ركزت على الحاضر وعشته بالتفاؤل والأمل فإنك ستحول الماضي إلى رصيد من التجارب وخزان من الخبرات، وسيشرق مستقبلك بالأمل.
وإن من يكون سعيداً سيجذب الناس إليه وهو بالأصل جذاب، كما يقول المثل إن بكيت ستبكي لوحدك وإن ضحكت ضحك العالم بأسره معك، فلا تدع مجالاً لليأس يتغلغل إلى قلبك، واملأ نفسك وعقلك وفؤادك بالإيمان بالله سبحانه وتعالى، وبأن الغد أفضل بإذنه تعالى، وعش سعيداً باختيارك.
رؤية الآخرين من خلال أنفسنا
فشخصيتك تحدد الطريقة التي ترى بها الأشياء من حولك، فكما قال عجوز حكيم عندما جاءه شخص ليسأله عن أحوال الناس في البلد وكيف هم، فقال له الحكيم ما حال البلد التي أتيت منها فقال الرجل إنهم أشرار وغير طيبين أبداً، فقال له الحكيم إن الناس هنا أشرار أيضاً، وبعدها بفترة قصيرة جاءه شخص آخر ليسأله عن أحوال الناس في البلد وكيف هم، فسأله الحكيم كيف حال الناس في البلد التي أتيت منها فقال له الرجل إنهم أخيار وطيبون جداً، فقال له الحكيم إن الناس هنا أيضاً أخيار وطيبون.
فاستغرب رجل كان جالساً بجوار هذا الحكيم من اختلاف رده مع أن السؤال هو نفسه، فسأله عن تفسير لما جرى، فقال له الحكيم إن حال البلد يتوقف على كيف هي نظرتك أنت للناس، أما الناس ففيهم الخير والشرير ولكن أنت إلى أين تنظر.
وذلك الأعمى الذي جلس طويلاً وهو يضع قبعته أمامه إلا أنه لم يجن سوى القليل من المال وكان قد وضع لوحة بجانبه مكتوب فيها “أنا أعمى فساعدوني”، فمر رجل به ثم أخذ هذه اللوحة ووضعها مرة أخرى، وما أن ذهب حتى بدأ الناس يضعون نقوداً في القبعة حتى امتلأت لأكملها، فاستغرب الأعمى من ذلك وسأل أحد المارة أن يقرأ له ما هو مكتوب على اللوحة، فقرأ له الشخص “نحن في فصل الربيع فانعموا برؤية جماله”، فذلك تأثير الكلمات وما لها من وقع بليغ، فاختر كلماتك وتفاءل.
الشخص صاحب صورة الذات السلبية يتوقع أسوأ ما يمكن أن يحدث، ويدمر العلاقات، ويبحث عن آخرين على نفس شاكلته السلبية
حسن الظن والأمل بالغد
وكما جاء في الأثر أن تفاءلوا بالخير تجدوه، مع العلم أنه ليس بثابت أنه حديث عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلا أن معناه صحيح، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يعجبه الفأل، والفأل هو الكلمة الطيبة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: “أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة رواه البخاري ومسلم. فإن التفاؤل أمر رائع، وسواء تفاءلت أم لم تتفاءل فالأمر راجع لك، هل تريد أن تكون سعيداً أم أن تكون تعيساً فالقرار لك.
إن الناس يشبهون الماء: إنهم يبحثون عن التوازن الخاص بهم. فالشخص صاحب صورة الذات السلبية يتوقع أسوأ ما يمكن أن يحدث، ويدمر العلاقات، ويبحث عن آخرين على نفس شاكلته السلبية. وهؤلاء الذين لديهم صورة ذات إيجابية وصحيحة من المرجح أن يكونوا في قمة النجاح، وأن يروا إمكانية النجاح لدى الآخرين، وأن ينجذبوا إلى أناس ناجحين آخرين. وكما يقول ناثانيال براندن: "إننا نميل إلى الشعور بأكبر قدر من الارتياح والطمأنينة والأمان مع الأشخاص الذين لديهم مستوى من تقدير الذات مشابه لمستوى تقديرنا لذاتنا".
الثقة بالنفس وتقدير الذات
كلما كان تقديرنا لذاتنا سليماً وجيداً، قويت رغبتنا في أن نعامل الآخرين باحترام وود وكرم وعدل وإنصاف، بما أننا لا ننزع للنظر إليهم على أنهم بمثابة تهديد لنا
قد تتجاذب الأطراف المختلفة في بعض الأمور، ولكن ليس هذا الأمر، ويقول أوليفر هولمز أنه كان يمشي في أحد الأيام في الشارع، فانضمت إليه فتاة صغيرة، وعندما قررت الفتاة العودة باتجاه منزلها، فقال لها رجل القانون الشهير أنه إذا سألتك أمك عن تأخرك قولي لها أنك كنت مع أوليفر هولمز، فردت عليه الفتاة بكل ثقة، وأنت إذا سألك أصدقاؤك أين كنت فقل لهم أنك كنت تمشي مع ماري براون، إنها بنت مقدرة لذاتها.
وها هو الخليفة الخامس الحاكم العادل الورع عمر بن عبد العزيز عندما كان الظلام قد حل، مشى هو ووزيره في الليل فإذا به يدوس على أحد الناس عن طريق الخطأ، فانتفض هذا الشخص وهب في وجه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وقال له أحيوان أنت؟! فرد عليه بكل أدب لا بل أنا عمر وأكمل طريقه، وبعد أن مشا هو ووزيره قليلاً سأله وزيره لقد شتمك هذا الشخص، فقال له عمر لا بل سألني هل أنت حيوان فأجبته لا أنا لست بحيوان بل أنا اسمي عمر، إنه يمثل قمة تقدير الذات بموقفه هذا، والصورة الإيجابية الذاتية بمعناها الجميل.
يجب إصلاح أنفسنا قبل الآخرين
فربما لا أستطيع تغيير العالم من حولي، ولكنني أستطيع تغيير رؤيتي لهذا العالم، فإن الطريقة التي ترى بها الآخرين سوف تحدد عن طريق العدسة التي ترى بها نفسك، ويبدو أن الطبيعة البشرية قد أعطت الناس القدرة على تقييم وإصدار الأحكام على جميع الناس في العالم باستثناء أنفسهم. وكما يقول فيل ماكجيرو أن أكثر العلاقات التي يمكن أن تبنيها أهمية على الإطلاق هي علاقتك مع نفسك، ينبغي عليك أولاً أن تكون أفضل صديق لنفسك.
فالإنسان الذي لا يستطيع الصفح عن الآخرين يحطم الجسر الذي لا بد أن يعبر هو نفسه فوقه كما أشار جورج هيربرت، فصفحك عن الآخرين هو بالفعل صفح عن ذاتك، فسامح نفسك وقدرها حق قدرها. فأبرز سمة تميز الشخص عالي الإنتاجية عن غيره هي تقدير الذات كما ينوه جون جيلمور، وأي قدر من التحفيز لا يكون ممكناً حتى يرتفع تقدير المرء لذاته كما يقول تشارلز كسوك.
وتقدير الذات ينقسم بأبعاده الشاملة لثلاثة أقسام وهي:
المادي كالمظهر والقدرات البدنية، وتقدير أداء الذات كالأداء في العمل وفي المهام الأخرى، وتقدير الذات الاجتماعي كالعلاقة بأفراد الأسرة والعلاقة بالأشخاص المهمين في حياتنا. فكلما كان تقديرنا لذاتنا سليماً وجيداً، قويت رغبتنا في أن نعامل الآخرين باحترام وود وكرم وعدل وإنصاف، بما أننا لا ننزع للنظر إليهم على أنهم بمثابة تهديد لنا، ولأن احترام الذات هو أساس احترام الآخرين كما يقول ناثانيال براندين، فتقدير الذات هو الأساس للعلاقات الإيجابية. فالأهداف كما يقول فيكتور فرانكل أمر أساسي لا غنى عنه، لأنها تعطي للحياة معنى، فالأمل والتفاؤل يزيد من تقدير الذات أيضاً وهو يعتبر كتصرف حكيم أن تتفاءل.
أهمية التفكير الناجح وتقدير الذات
إذا كنت تعتقد أنك مهزوم، فأنت كذلك. وإذا كنت تعتقد أنك لا تستطيع القيام بأمر، فلن تستطيع. وإذا كنت ترغب في الفوز، لكنك تعتقد أنك لا تستطيع، فالأرجح أنك لن تفوز. وإذا كنت تعتقد أنك ستخسر، فأنت خاسر. نحن نجد في هذا العالم أن النجاح يبدأ بإرادة المرء، فالأمر كله متوقف على طريقة التفكير. إذا كنت تعتقد أنك متميز فانت كذلك.
أنت في حاجة لأن ترقى بتفكيرك كي يرتفع شأنك. أنت في حاجة لان تكون واثقاً بنفسك أولاً، حتى تتمكن من الفوز بالجائزة. معارك الحياة لا يكون النصر فيها دوماً للأقوى أو الأسرع. لكن عاجلاً أو آجلاً، يكون الفائز هو من يعتقد أنه يستطيع الفوز! وكما تقول ألدوس هكسلي أنه ليس هناك إلا جانب واحد في هذا العالم يمكنك تحسينه، وهو ذاتك، فقدر ذاتك وتفاءل لتنعم بتعزيز وتقدير الذات.
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- مدونات الجزيرة