متى نصبح خير أمة؟

الرئيسية » حصاد الفكر » متى نصبح خير أمة؟
muslims25

نَزعم أننا خير أمة أُخرجت للناس، نُعلن أننا البديل الأفضل للشرق والغرب، نَعتقد أننا سنقدّم الأنموذج الجديد للعالم في مجال سماحة الإسلام وبناء الأمم، ويكاد البعض مِنَّا يعتبر أنه لم يبق للحضارة الغربية إلا القليل وتندثر لتحلّ محلّها حضارة الإسلام التي ستملأ الأرض عدلا بعد أن مُلئت جورا وظُلما. فإذا بالأخبار تأتينا من بعيد بأن هذا العالم الإسلامي المزعوم لا وجود له إلا من خلال الحروب والاقتتال والإعدامات والتخلّف الاقتصادي…

محور طنجة ـ جاكارتا الذي اعتقدنا يوما أنه سيكون البديل لمحور واشنطن ـ موسكو، وهو الذي سيتحوّل إلى الكتلة الأقوى بعد سقوط الشيوعية، هاهو الآن مساحة كبيرة للصّراعات والحروب والاقتتال، قليلة هي المساحات الآمنة به، وقليلة هي الدول التي باتت تتطلع إلى غد أفضل في استقرار وأمن.

نلوم غيرَنا، أنه سبب الحال التي نحن عليها، والداء بداخلنا لا شك في ذلك.

الإسلام الآسيوي الناصع، في ماليزيا وإندونيسيا، هاهو يُشوَّه بذلك الصراع المتأجج بين الإسلاميين والعلمانيين في بنغلاديش، الذي ينتهي بأكثر من إعدام وقتل، آخره إعدام مطيع الرحمن نظامي، زعيم الجماعة الإسلامية بتهمة تعود إلى أكثر من 40 سنة…

والإسلام العربي الذي يُفتَرض أن يكون قدوة لكل من انتمى إلى هذه الأمة، بعاصمتَيه، مكة والمدينة، هاهو يتحوّل إلى حلبة للصراع والاقتتال والإعدامات في كل من مصر وسورية والعراق واليمن… مرة باسم محاربة الدكتاتورية، وأخرى باسم مكافحة الإرهاب، وثالثة باسم القضاء على الشيعة أو الوهّابية…

والإسلام الإفريقي لا نراه إلا في صورة “بوكو حرام” في نيجيريا، و”القاعدة” في شمال إفريقيا، و”داعش” في ليبيا، ولا تطغى عليه سوى علامات الفقر المدقع والتخلُّف الذي لا أمل في النجاة منه…

والإسلام في الغرب لا يتمّ أبدا التركيزُ فيه إلا على تلك الجماعات الإرهابية التي تضرب مرّة هنا وأخرى هناك فتقتل الأبرياء وتمنع التسامح أن يسود…

وهكذا تكتمل الصورة عنَّا، أننا لا يمكن أن نكون خير أمّة أخرجت للناس، وهكذا يُقتل الأملُ فينا بأننا سنسود العالم ذات يوم…
هل هذا مِمَّا كَسبت أيدينا أم مما صَنعته بنا يدُ الآخر؟

بكل تأكيد للآخر يدٌ في ذلك، وهو الذي ما فتئ يعتبر حسب إدوارد سعيد “أنّ الإسلام هو الثقافة غير الأوربية الوحيدة التي لم تُغلَب”، ولكن الأمر الأخير يبقى بأيدينا وبمدى فهمنا قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، (سورة الرعد: 11). وذاك هو الأمل.

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • الشروق الجزائرية
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

قراءة سياسية في عبادة الصيام

عندما نضع الصيام في سياق العبادة في الإسلام نجد أن العبادة وسيلة تحقق غايات عليا …