عملتُ في مجال تحرير الإعلانات على مدى 15 عامًا، وحققتُ مبيعات تفوق 30 مليون دولار. وعملُت كصحفي في المجال المالي لثلاث سنوات، ولي أكثر من 250 مقال عن تحرير الإعلانات وكتب عن كيفية بناء الثروة. كل هذا كان نتاج قطرة من غيث من الأفكار الجديدة والمبتكرة، وسؤالي لك اليوم: ترى هل أنت مدمن للأفكار الجديدة؟
أما أنا فإنني مدمنٌ لها، إنني أعشق العملية الإبداعية، بل إنني لا أستطيع الهروب منها البتة، فأنا أحمل معي دومًا دفترًا لتدوين أفكاري في جيب معطفي شتاءً، أما في الصيف فإن أي منديل يقع تحت يدي يغدو ضحية أفكاري، وأكتب كذلك على الملصقات، وفي المنزل أملأ مفكرة تلو الأخرى، علاوة على أنني أحتفظ بملفات في حاسوبي الخاص، تتجاوز الـ (700) صفحة، وكلها ملأى بالأفكار، والأفكار تخص أفكار روايات أو رسوم متحركة لمجلة "نيويوركار"، أو سيناريوهات أو كتب الأعمال الواقعية وإدارة الأعمال.
حتى المجلد الذي أجمع فيه أفكاري المستقبلية لموقع "المائدة المستديرة لكتاب الإعلانات" يحوي أكثر من (2238) موضوعاً، ومعظمها لم تتح لي الفرصة للاطلاع عليه مرة أخرى، وفي اجتماعات توليد الأفكار، أنا هو الشخص الذي لا تستطيع إيقافه عن اقتراح الأفكار، غير أنني صرت مؤخرًا أعتمد على كثرة الأسئلة بدلاً من فرض إجابات، أو اقتراحات معينة على الناس.
في بداية مسيرتي المهنية، كنت أكتب مذكرات تصل لثلاث صفحات كلها ملأى بالأفكار، فكنتَ تقرأ ملاحظات على غرار: "هاكم فكرة لترويج المبيعات، وهي..." أو "هذا منتج جديد يمكنكم استخدامه، وهو..." أو "يجب علينا تفعيل جدول الأعمال ذاك؛ لنسرع عملية تصميم..." وهلّم جرًا، لا أدري إن كنت قد أثرت إعجاب أحدهم بهذا العمل، ولكنني لا ريب كنت مبهورًا بنفسي؛ لأنني كنت مثابرًا على القيام بتلك الخطوة وهي تدوين الأفكار.
ولكن ذلك الانبهار لم يدم طويلًا، فقد أدركت أخيرًا أن الأفكار دون تطبيق لا معنى لها على الإطلاق ، وكان موقع "مجموعة بهانس" الذي عثرت عليه مصادفة برهانًا لتلك الحقيقة التي توصلتُ إليها، تلك الشركة تطور "وسائل تنظيمية" للأنماط الإبداعية في كل صناعة، وقد صرّح أحد كبار المسؤولين التنفيذيين فيها لواحد من المتدربين: "الأفكار هي أكثر ما يكلّفنا، وإن كنا نملك الكثير من أي شيء، فهي قطعًا الأفكار"، لقد حطّم ذلك الاعتراف من معنويات المتدرب الذي صُدم حين لم يجد أيًا من أفكاره تخطفها الشركة، ولكن الشركة معها حق، فإذا اندمجتَ في أي شيء، ستتوالى عليك الأفكار، ولكن ما يجعلك مميزًا عن غيرك هو أن تقوم بغربلة أفكارك، وتختار أفضلها ثم تطبقها. فشركة "بيهانس" قائمة على تحويل الأفكار من مرحلة الخيال إلى حقيقة واقعة، وهم يطلقون على ذلك المبدأ اسم "منهج التأثير"، وهو بسيط للغاية.
إذا اندمجتَ في أي شيء، ستتوالى عليك الأفكار، ولكن ما يجعلك مميزًا عن غيرك هو أن تقوم بغربلة أفكارك، وتختار أفضلها ثم تطبقها
فإليكم ثلاث خطوات يمكنكم من خلالها غربلة أفكاركم واختيار أكثرها فعالية، والانطلاق بها إلى دائرة التطبيق العملي:
أولًا:
في ختام كل اجتماع للأفكار الإبداعية، يجب عليك أن تقرر ما هي الأفكار التي "تستحق التنفيذ"، والأفكار التي يمكن تأجيلها لاحقًا، واكتب الأخيرة في قائمة واحفظها جانبًا، والآن أنت على استعداد للتركيز على الأفكار المستحقة للتطبيق.
ثانيًا:
قم بجمع كل الأفكار التي تستحق التنفيذ، وكمجموعة عمل، وضِّح وعَيِّن مهمة كل "خطوة" لشخص ما، ولا تنس أن تدرج الجداول، واجتماعات المتابعة، والبحث والتصميم، ومعرفة من المسؤول هو المفتاح لتوجيه المخطئ وتصحيح الخطأ، فاحرص على كتابة الأسماء ومواعيد التسليم على الورق.
ثالثًا:
وأخيرًا، لا تغادر الغرفة دون أن تحدّد أو تذكر "المواد المرجعية"، وهو أن تقوم كمجموعة عمل بكتابة قائمة تحوي الأشياء التي تحتاجونها لتنفيذ المشروع، ثم تحددون من أين يمكنكم الحصول على تلك الأشياء، وكن متمعنًا أثناء تجهيز القائمة، والأهم، لا تجعل مشروعًا يخرج عن مساره؛ لأنك لا تملك الأدوات اللازمة، عليك أن تجعل الأمر ممكنًا، قم بتلك الخطوات الثلاث، وأنت ستصير أنجح من أي مُولِّد خامل للأفكار.
وفي الختام وجب الإشارة إلى أننا صرنا في زمن كَثُر فيه مدمنو الأفكار، ونَدُر فيه مدمنو تطبيقها على أرض الواقع ، فمن المهم أن يحرص كل إنسان على تحديد درجة التأثير التي يرغب في تنفيذها في المجتمع، فهل يرغب بأن يكون مجرد بوق للأفكار، أم منفذًاً لها من خلال الأفعال.
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://www.earlytorise.com/the-risks-of-idea-addiction/