هزيمة المشاعر السلبية تكاد تكون مستحيلة، وقد يتجاوز الأمر الاستحالة إلى تفشي التأثير السلبي، وتضخّم المضاعفات، فتتعذر حماية الذات، ويتضاعف الأذى النفسي، والجسماني والتأثير المضاد على الحياة عموما، ويعود ذلك إلى وجود جذور عميقة في النفس لهذه المشاعر، سيستوجب الشعور الإيجابي القضاء عليها.
ولأن 21 مليون شخص في العالم يصابون بالاكتئاب سنوياً، قد يتضاعف الأمر لدى بعضهم إلى إعاقة، فإنه يسعدني أن أطلب منك ببساطة تجاهل أية نصيحة تقضي بإلهاء نفسك عن المشاعر السلبية ونسيانها أو تناسيها مع التفكير بإيجابية لتجاهلها، بدلاً من التعامل معها كما يجب .
هل تعلم لماذا يصعب التحكم في المشاعر السلبية؟
1. لأن العقل مبرمج على غريزة البقاء لا السعادة:
تظل الأفكار السلبية تُعمل فيه بسبب أخطاء الماضي، والقلق بشأن المستقبل، وللأسف فإن هذه الغريزة الفطرية تبقي الإنسان في دوامة غير نهائية من لوم الذات، والخوف، والتوتر، والمزيد من المشاعر التي تمنعه عن الاستمتاع بحياته.
2. تجاهل المشاعر السلبية والتظاهر بانعدامها يزيد الأمر سوءاً:
يستمر عقل الإنسان باجترار المشاعر السلبية التي لم يستطع التعامل معها، ويذكرك بها كجرس إنذار: أيها الإنسان، إن لدينا مشكلة وعليك فعل شيء للتخلص منها !أشار الباحث دانييل فيجنر إلى أن محاولة تجاهل الأفكار السلبية وقفل زاوية ما في العقل عليها، سوف تكثّف حضورها إلى الذاكرة والمشاعر.
محاولة تجاهل الأفكار السلبية وقفل زاوية ما في العقل عليها، سوف تكثّف حضورها إلى الذاكرة والمشاعر
3. ينشأ الشعور بالقلق عند التفكير بالأحداث والمواقف السيئة غالباً:
تخيل أنك تقضمُ ليمونة، استشعر رائحتها، سيتخذ جسدك ردة فعل لمجرد التخيل، بدون وجود ليمونة في الأرجاء إطلاقاً.
وبنفس الطريقة، حين تسيطر المشاعر والتخيلات والتوقعات السلبية على عقلك، فسوف يغزو جسدك الاكتئاب، الغضب، والخلل الهرموني .
4. تنتشر المشاعر السلبية سريعا وتتراكم بسهولة لتشكل جيشاً من المشاعر السلبية:
لنفترض أن نقصاً في المال حصل لديك، سوف تفكر مباشرة: ماذا إن فقدت وظيفتي؟ هل سيساعدني أحد؟ سوف أشعر بالوحدة إذا تخلوا عني.
وهكذا سوف يتحول شعور سلبي واحد قائم إلى حزمة أو جيش حقيقي من المشاعر السلبية التي تستحيل هزيمتها!
5. محاولة تفادي المشاعر السلبية وتجاهلها أو نسيانها يزيدها ولا ينهيها:
بعشوائية مقيتة وغير مسؤولة وبعيدة عن الوازع الديني يلجأ البعض لتناول الكحوليات، المخدرات ليتناسى، والبعض يلجؤون بضعف مطلق إلى الهروب، آخرون يفرّغون طاقة القلق في تناول الطعام، وغيرهم يتحول الضغط النفسي لديهم إلى غضب عارم ومدمر ومؤذ في أحوال مختلفة.
وللأسف، فإن جميع هذه التصرفات تورث نتيجة عكسية تماما، كما تؤثر على الحالة النفسية، وتفقدك الدافعية، والحافز للعمل والحياة بكاملها.
من يتناول المسكرات يفقد اتزانه، عقله، ودينه، من يتناول الطعام بشراهة يسمن فيفقد ثقته بنفسه ويتثاقل عن الإنجاز، من يغضب يعمى فيخسر علاقاته ويلوم غيره ويترك المشاكل بغير حلول، يتلو ذلك مضاعفات أكثر خطورة.
كيف تتعامل مع القلق والمشاعر السلبية؟
1. تجنّب كبتَ مشاعرك:
تفحّص مشاعرك السلبية باهتمام، فتش بداخلها، استقرئ ما تقوله وما تشير إليه؛ لأنها بغير شك تحمل إليك رسائل عن تفاصيل حياتك، مشاكلها، وهمومها .تأكد من أنك حين تتعمق في دراسة مشاعرك السلبية بموضوعية سوف تصل إلى قناعة أو اتفاق بشأن طريقة التعاطي مع هذا الشعور أو ذاك.
ولن يشكل قلقك تجاهها ندبة تشعرك بالاستياء كلما تذكرها عقلك.
تأكد من أنك حين تتعمق في دراسة مشاعرك السلبية بموضوعية سوف تصل إلى قناعة أو اتفاق بشأن طريقة التعاطي مع هذا الشعور أو ذاك
2. تجنب إلقاء الأحكام المتسرعة على المحيطين، وحرر مشاعرك السلبية تجاه المقربين:
جميعنا قد يشعر بانعدام الأمان، القلق، الألم بسبب أشخاص مقربين كان يتوقع منهم الحماية والإيناس والمودة، وحينذاك يحكم عليهم بالجفاء، والخيانة، والإهمال، وغيرها من أحكام سيئة، فيورثه ذلك مشاعر سلبية بالجملة.
تخيّل أن تشعر بالسلام النفسي بينك وبين نفسك تجاه الجميع من المقربين وغيرهم، قيّم علاقاتك، أعط الجميع فرصة ليبرر ويعتذر، وقرر تصرفك بناءً على ما تسمعه وعلى المعطيات وليس على مشاعرك ووجهة نظرك وحسب!
3. اكتشف علاقة مشاعرك بأحداث حياتك، وتفهّمها:
تصبح أقل عرضة لهجمة المخاوف والقلق والمشاعر السلبية غير المبررة عموماً، إذا اكتشفت علاقتها بما يحدث معك ؛ لأنك سوف تتفهم تلقائياً أسبابها وتعرف منشأها، فتصبح مهيّاً للتعامل معها لاحقاً، وتضبط توقعاتك أكثر، وتصرف تفكيرك إلى أشياء تستحق أكثر حين تتخيل كيف ستكون ردة فعلك، وكيف يجب أن تكون، وهنا فقط سوف تدير مشاعرك بطريقة ممتازة.4. تبنّ رؤية أكثر اتساعاً:
المشاعر السلبية تقيّد التفكير ما يضخّم المشكلة أكثر وإن كانت بسيطة، ويبدأ الأمر بالانكشاف شيئاً فشيئاً إذا ترويت وحجّمت الأزمة ، سيتشكل لديك متسع؛ فكلما ضيّقت الخناق على المشكلة استطعت أن تقف خارجها وتنظر إليها نظرة محايدة.وهنا سيصبح بإمكانك التفكير في جوانبها الإيجابية، والوصول إلى حلول إبداعية لم تتخيل مقدرتك على الوصول إليها من قبل.
5. تدرّب على اليقظة الفكرية:
"عليك تقبّل ما يحدث في اللحظة الحالية وكأنه اختيارك" كما يقول الكاتب إيكارت تول.
تشتمل بعض العقائد على تدريب إيجابي للعقل بتمرينه على طرق تفكير، تجعل الفرد ذكياً، متفتحاً، متقبلا معتقداته تجاه ما يحيط به ويعايشه من تجارب.
وتعتمد أغلب تلك التدريبات والتمارين على التأمل كطريقة مثلى للبقاء يقظاً ومنتبهًا فكرياً متربصاً بالقلق، فتقضي عليه من خلال معايشة الطبيعة بكل معطياتها من الصوت أو الرائحة أو المشاهد.
6. استعن بمن يدعمك ويقوّيك:
أقل فائدة تجنيها من مساندة من يدعمك قدرته على رؤية الصورة متكاملة أكثر منك أنت القابع تحت وطأة الحدث وتوابعه السيئة، فكيف بالفوائد الأخرى.
يصعب التعامل وحيداً مع المشاعر السلبية، ولكن وجود من تثق به إلى جوارك يمدّك بالدعم العاطفي، والمادي، والمعرفي : فيبحث عن حلول، ومصادر معلومات وعلاجات مقترحة فيمثل جزءاً مهماً من الحل.كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://www.salon.com/2014/04/07/5_reasons_why_anxiety_is_so_hard_to_manage_and_what_you_can_to_cope_partner/