تحدثنا في المقال السابق عن التوحد من حيث تعريفه وأسبابه وأعراضه، ووضّحنا أن المتوحد طفل ليس طبيعي الصفات والتواصل والإحساس، وشددنا على أهمية أن يستوعب الوالدان دورهما الحقيقي في متابعة الابن، والسعي لأهل الاختصاص في المجال حتى تزول هذه المشكلة، ونحن اليوم سنركز على العلاج من الجانب التربوي أو التأهيلي -إن صح التعبير- نظراً لأنه مهم، وجنباً إلى جنب مع الشق الصحي والطبي.
العلاج التربوي:
ويتمثل بالأمور التالية:
أولاً- الذهاب للمتخصص:
وهو معني بالمتخصصين في مجال التربية الخاصة، وذوي الإعاقة، ودوره غاية في الخطورة، فهو معنيّ بمتابعة الحالة، وعمل ملف خاص لها، ثم يبدأ في تكوين وتصميم برنامج تعليمي يتماشى مع حالته، ويفي بكل احتياجاته ومتطلباته جنباً إلى جنب مع برنامج التخاطب، من أجل تفعيل عملية التواصل وتسهيلها حتى نصل بالعلاج لحالة طبيعية من التعامل والتواصل والعلاج الشعوري الكامل للطفل.
ثانياً- العلاج النفسي:
قلنا ولا زلنا نكرر أن أية مشكلة لدى الطفل مشترك فيها الجانب النفسي حتى لو لم يظهر ذلك، وعليه فإن الاهتمام بهذا الجانب من جانب الأبوين والمعلم "المتخصص" مهم جداً في تسريع حالة الشفاء، المهم أن تمشي بخطة تعاون بين الجهتين.
أية مشكلة لدى الطفل مشترك فيها الجانب النفسي حتى لو لم يظهر ذلك، وعليه فإن الاهتمام بهذا الجانب من جانب الأبوين والمعلم "المتخصص" مهم جداً في تسريع حالة الشفاء
ثالثاً- التدريب على التكامل السمعي:
إن من إصابات التوحد الناتجة عنه المشكلة السمعية، فهم مفرط فيه أو عجز حقيقي، وعليه فإن التدريب والكشف وعمل سماعات أذن مع الفحص الشامل يعالج هذه المشكلة بشكل كبير.
والآن هناك سؤال لا بد من طرحه: ما دور الأسرة التي فيها طفل متوحد؟ والجواب يكمن في الآتي:
أولاً- الرضا:
إن التوحد هو إعاقة شأنه شأن أية إعاقات أخرى، لكنها شديدة الأثر النفسي على الوالدين، وعليه فإن الرضا بقضاء الله وقدره من أهم عوامل التأقلم مع الحالة، خصوصاً هذه الأيام التي تزداد كل يوم الإصابات بالتوحد، وتتعدد أشكاله، بل يخرج الأطفال من عالم الأرحام محملين بأمراض غريبة لم نكن نسمعها في جيلنا ولا الأجيال التي سبقتنا، لذلك فالرضا من عوامل الاطمئنان، ويهون على الوالدين ويمنحهما طاقة إيجابية تدفعهما لمزيد من الاهتمام والعلاج ، فهما ركنان في علاج الحالة.
ثانياً- المتابعة والبحث:
لا يجب أن يظل الوالدان في مواطن التلقين والتغذية بلا سعي وبحث عن الحالة وأبعادها، وكل تطور فيها، لذلك عليهما التجول والبحث، سيجدون الكثير والكثير من الحالات وطرق العلاج وأشهر المتخصصين.
ثالثاً- التعلم:
إن الوالدين اللذين لديهما طفل مصاب بالتوحد في حالة مستمرة للعلاج النفسي، والمعنى ليس بأنهم مرضى، لكن عليهما متابعة الأمر حتى يفهموا حقيقة مرض ابنهم، فيسهلون كل شيء صعب عليه ، ويفهمون سلوكياته الخاطئة أو الصحيحة، فهذا الأمر يسهل الشفاء ويعجل به، فما أعظم أن يكون الوالدن جهة دعم نفسي ومعنوي قوي للطفل، ويقيناً لن يأتي هذا إلا بالحرص على العلم والتعلم.ختاماً، إن موضوع التوحد كبير جداً، ويسع كتباً ومؤلفات ليس مقالات فقط، لكننا في هذين المقالين أردنا أن نبسط الأمر ليس تقليلاً منه، لكن تبسيطاً يسع الوالدين ويشرح لهم الأمور بسلاسة ويسر، ونسأل الله الشفاء لجميع أبنائنا.