على قدر ما نستحثّ الشباب على التغيير والتطوير والانطلاق في الحياة، على قلّة ما نمدهم بها بالوسائل المُعينة لشديدِ الأسف، والكتب الموجهة للشباب اليوم -وإن كثرت نسبتها عن نظيرتها في الماضي- فهي في معظمها غثاء كغثاء السيل، لا يسمن ولا يغني من جوع، وكتاب دكتور "بكّار" يُعتبر من الكتب المميزة، والتي تتناول الكثير من الأمور المعاصرة والجوهرية التي تخص الشباب، وإن صدر قبل عشر سنوات، وإليكم عرضًا لكتابه مع أبرز القضايا والأفكار التي تناولها:
مع الكتاب:
يقول "د.عبد الكريم" في مقدمة كتابه: "إن الناظر في هذه الشموع التي أشعلناها يجد أنها موزعة على مجالات عديدة، لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات أبنائنا وبناتنا، وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد والتفوق في الدراسة والعمل، وكل مجالات الحياة"، فهو في كتابه لا يركّز على مجال معين -وإن كان قصده أن يستهدف فئة معينة- غير أن كتابه -ونظرًا لتنوع مواضيعه وعمق رسالته مع بساطة أسلوبه- يصلح لأعمار تتعدى سن المراهقة والجامعة.
ومن أبرز المواضيع التي تناولها الكاتب، هي تحفيز الشباب على الانطلاق في الحياة، والنجاح والإيجابية، وبناء الذات، وذلك من خلال عدة فصول (شموع)، تطرح أفكاراً مختلفة في هذا النطاق، ومن أبرزها: الدخول على قاعة مظلمة، كن أنت نفسك، أنتم في النهاية ما تعتقدونه.
كذلك يوجه "د.عبد الكريم" مجموعة من الرسائل والنصائح فيما يتعلق بالحب، ورغبة الفتاة بالزواج وتأسيس أسرة، وعلاقة الأبناء بالآباء، وأهم عناوين تلك الفصول هي: "احذري يا ابنتي"، "أمهاتكم ثم آباؤكم"، "كونوا أصدقاء جيدين"، وكذلك تناول المواضيع المرتبطة بعلاقة الإنسان بالله، وكيفية التقرب إليه، والحرص على الآخرة أكثر من الدنيا، وذلك في فصول: "حاولوا أن تنجحوا في الامتحان الأكبر"، "كونوا من الشاكرين"، "ادِّخروا للشدائد أعمالًا مميزة"، وغيرها.
أما طريقة تناوله للفصول، فنعرضها من خلال ضرب مثال بفصل من فصول الكتاب، وهو: الشمعة (رقم 28) بعنوان "أكبر نقطة ضعف"، ويتحدث فيه الكاتب عن أهمية الإرادة، ويطرح ثلاث نقاط أساسية، وهي:
1- أن الإرادة إذا وُجدت تزيد القدرة.
2- إمكانية تقوية الإرادة بالاستعانة برحمة الله.
3- خلط البعض بين القدرة والإرادة أثناء مواجهة ما يرغبون في القيام به.
ثم يختم الفصل كعادة كل الفصول بالرسائل التي يودّ توجيهها من الفصل، وفي هذا الفصل يطرح في الختام سؤال: ما السبيل إلى تقوية الإرادة؟
ويجيب في ست نقاط مختصرة يوجه من خلالها الرسائل المُراد توصيلها من الفصل منها: الاستعانة بالله، وإلزام النفس بالقيام بأمور صغيرة في البداية، والحرص على اكتساب عادة حسنة في مقابل كل عادة سيئة تمّ التخلص منها، وأخيرًا ينصح بمصادقة أشخاص صالحين ومعروفين بقوة إرادتهم ليحذوَ الإنسان حذوهم.
وأخيرًا، فإن الكتاب يعتبر من الكتب الممنهجَة والإرشادية إلى حد كبير، وهو سيساعد بإذن الله على ترتيب الأولويات، وفهم الحياة وملابستها بشكل أعمق قبل خوضها وبعده، وكذا الاستفادة من تجربة الكاتب بما عرض من "شموع" خبرته التي يتمنى أن يضيء بها دروب الآخرين مجازًا، كما تضيء الشموع طرقهم المظلمة حقيقةً.
مع المؤلف:
د.عبد الكريم بن محمد الحسن بكار، أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي. سوري من مواليد محافظة حمص عام (1951م). أسهم في وضع المناهج، والإشراف على البحوث، وتحكيم الدراسات العلمية في الجامعات التي عمل فيها. حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عام (1973م)، وعلى الماجستير في عام (1975م)، والدكتوراه عام (1979م) من قسم أصول اللغة بالكلية نفسها بجامعة الأزهر. عضو في المجلس التأسيسي للهيئة العالمية للإعلام الإسلامي التابعة لرابطة العالم الإسلامي. يرأس الآن مجلس الشورى للملتقى الإسلامي السوري. من مؤلفاته: "نحو فهم أعمق للواقع الإسلامي"، و"من أجل انطلاقة حضارية شاملة" دار المسلم، و"تأسيس عقلية الطفل" الرياض، و"وجهتي في الحياة"، و"المتحدث الجيد"، و"رؤى ثقافية"، و"جدد عقلك".
بطاقة الكتاب:
العنوان: إلى أبنائي وبناتي 50 شمعة لإضاءة دروبكم.
المؤلف: د. عبد الكريم بكار.
دار النشر: مؤسسة الإسلام اليوم.
عدد الصفحات: 200 صفحة.