أي فكرة أو قضية تحتاج لتمثيل إعلامي كبير وضخم وأنا حزين لإغلاق القدس
أمتنا تمر بأصعب فتراتها حيث يجوع الفلسطيني من أجل أن يركع
نحن معنيون بتكثيف الخطاب عبر منصات التواصل الاجتماعي
بعد عشرة أعوام من الوقفة الإعلامية المناصرة للقضية الفلسطينية أسدلت قناة القدس الستار عن ظهورها التلفزيوني لأسباب مادية، وصمت الصوت الذي كان ملاذ الفلسطيني في الداخل والشتات، إغلاق يضرب في خاصرة الإعلام المناصر للقضية الفلسطينية، هذه النهاية تلوح في أفق الكثير من المؤسسات الإعلامية الهادفة التي تحمل على عاتقها هم التوعية بما يحيط هذه القضية من أخطاء ومكائد.
لماذا تواجه المشاريع الإعلامية الهادفة الكثير من العراقيل في مسيرتها؟ وكيف يجب أن نواجه خطر التعتيم الإعلامي الذي قد ينتج عن مثل هذه المشكلات؟ والكثير من الوقفات حول ما يعانيه الإعلام الهادف كانت ضمن حوارنا مع الإعلامي عدنان حميدان، فإلى الحوار.
بصائر: برأيك إلى أي حد يؤثر إغلاق مؤسسات إعلامية تهتم بالشأن الفلسطيني على القضية الفلسطينية؟
عدنان حميدان: بداية أنا حزين جداً على هذا الإغلاق والاحتجاب عن الحضور التلفزيوني الفضائي لقناة في مستوى متميز كقناة القدس، أنا حزين لأجل ذلك جداً وأرجو أن تعود قناة القدس إلى الشاشة، وأن لا تتأخر في العودة وأن يكون هذا الإغلاق عارضاً يتم تجاوزه ولا يكون إغلاقاً نهائياً بحيث نستسلم له.
أعتقد أن أي فكرة وأي مشروع وأي قضية تحتاج إلى حضور إعلامي، في زمن سابق كنا نقول أن الحزب السياسي الناجح يحتاج إلى جريدة ناطقة باسمه، فما بالك إذا كانت القضية هي قضية فلسطين، هنا نحتاج إلى تمثيل إعلامي كبير وضخم، وقناة القدس قامت بدورها في ذلك، ومما يحسب لها أنها ربطت أهلنا في فلسطين المحتله عام 48 ربطاً كبيراً في قضيه فلسطين وعززت حضور فلسطين معهم وأشعرتهم أن فلسطين معهم وكذلك فلسطينيي الشتات والمخيمات في لبنان وغيرها.
بصائر: كيف تقيم حضور القضية الفلسطينية في الإعلام العربي؟
عدنان حميدان: أنا أرى أن الدور يقع على عواتقنا بأنه وفي حال وجود خطاب علينا أن نوجهه، وإن كان هناك لوم علينا أن نعلي الصوت به، وإن كان هناك أبواب علينا أن نطرقها ونندد بخذلان الشارع الرسمي العربي لقضية فلسطين، فهناك من تخلى عن هذه القضية ليس فقط في وسائل إعلامه بل تخلى عن فقراء هذه القضية وأيتامها وأراملها وجرحاها وأسراها والأراض المنهوبة في القدس، كل هؤلاء تركوا عرايا الصدور وليس لديهم من يتبنى صوتهم ويحمل هم قضيتهم ونصرتهم، معيب جداً ونحن نرى الأموال الطائلة تدفع لأمريكا وفي المقابل يبخل إخواننا علينا ببضعة ملايين على إخوانهم في فلسطين، شيء محرج ومخزٍ وظلم ذوي القربى شديد ومحزن ما نمر به ونحن نمر في أصعب وأقسى الفترات التي تمر بها الأمة وهم يجففون أي منبع خير يعود على فلسطين بل يتم تجويع أهل فلسطين لأجل تركيعهم.
نحن في فترة حرجة جداً والقضية الفلسطينية تحتاج كل صوت صادق وللأسف يحجب النور عن قناة مثل قناة القدس التي تتبنى خط المقاومة هذا شيء محزن ومؤلم.
بصائر: لماذا تصل الكثير من المشاريع العربية الإعلامية لنهايات مسدودة برأيك كقناة القدس وغيرها؟
عدنان حميدان: غالباً تعاني المشاريع الإعلامية العربية إذا كانت محافظة ومحترمة وتخدم قضايا إنسانية وتتحلى بمجموعة من المبادئ ولا تخضع لابتزاز المعلن التجاري ولا ابتزاز بعض الدول التي تريد فرض أجندات معينة عليها، فهمتها صعبة جدا جدا والقائمون عليها يسيرون كما يسير من يمشي في حقل ألغام.
ومما نعاني منه في العمل العام هو أننا نصرف ما في الجيب وننتظر أن يأتينا ما في الغيب، وإذا توفر لنا شيء من المال في الجيب نصرفه من غير حساب ولا اعتبار، ونضع رأسنا برأس من يملكون أموال ضخمة ودعم متدفق ونبدأ بالسير على خطاهم، متناسين ما لديهم من ظروف وحيثيات مختلفة عن واقعنا، وهذا يؤثر على أي عمل عام، وهنا يجب أن يكون القائمون على العمل العام على علم بأن هذا المال قد ينضب في يوم ما، ويجب أن يكون لدينا بقدر الإمكان تنمية للموارد المالية، وأن يكون الصرف على مثل هذه المشاريع بالحد الأدنى، وأن تكون هناك أولوية في الصرف، فمثلاً لو كانت لدينا قناة تلفزيونية فإن الأولوية في الصرف هو لأجور العاملين والفواتير الأساسية لتشغيل القناة وآخر شيء يمكن أن نفكر به هو شراء البرامج، فماذا سأستفيد لو كانت لدي مواد للعرض ولكن ليس لدي مال لدفع رواتب العاملين في هذه القناة أو لتسديد الاشتراكات ورسوم البث.
وهنا أنا لا أتكلم عن قناة القدس بشكل خاص بل على العموم.
بصائر: برأيك هل هناك أيدٍ خفية تعمل على إفشال الإعلام الهادف المختص بالقضية الفلسطينية؟
عدنان حميدان: أنا ضد المبالغة في نظرية المؤامرة والآيادي الخفية، شيء طبيعي أن تواجه بحجم وأهمية قضية فلسطين حربا شرسة، لكن الأصل أن نكون مستعدين لهذه المعركة.
لكن هناك إشكالية أخرى، وهي تتمثل في التعامل مع منصات التواصل الاجتماعي، حيث إننا نستخدم أدوات لسنا أصحابها، اختراعها الآخر وفرض لها قوانين وشروط وفتحها لنا، ونحن وجدنا فيها نافذه لا بد أن ندخل منها إلى هذا العالم الكبير الواسع لتوصيل أفكارنا ولكننا مقيدون بشروطه وقوانينه، وحتى أحيانا يتمادى استخدامها كسيف مسلط علينا. فنحن معنيون بأن نكيف الخطاب الذي ننشره من خلالها ضمن قوانينه؛ حتى تصل رسالتنا وأن يكون لنا من الأنصار والمحبين على هذه المنصات من يدعموننا ويحبوننا ويعبرون عن تفاعلهم مع منشوراتنا؛ لأن هذا يفرض علينا أن نثبت حضوراً في هذه المواقع شاؤوا أم أبوا.
وفي نفس الوقت نستخدم نفس هذه الأدوات في تقييم ما يكتبه الصهاينة و ما ويروجون له، ونقدم الشكايات عليهم والتقارير عليهم بأنهم يخالفون تلك القوانين ونفضح ازدواجيه معايير الغرب في تعامله معنا.