مستوطن يظهر في بث حي ومباشر من أمام باب الرحمة في القدس معلقا: "باب الرحمة فارغ تماما، ويبدو أن المسلمين يخافوننا، وسنواصل الاقتحام، إن المسلمين خائفون وسيذوبون أمامنا كما السكر في المطر"، وشرطي يدنس مصلى الرحمة بحذائه ويتحدى المسلمين جميعاً بالتجول على كل سجادة في المسجد.
مشاهد بدأت تظهر في كل وقت تحمل في طياتها استهتارا بمشاعر المسلمين والمقدسيين وأعتقد أن ما جرى في سلفيت على تقاطع مستوطنة (أرييل) هو رد عفوي من شخص مسلم لم يحتمل منظر تدنيس المقدسات الشاب عمر أمين يوسف أبو ليلى من قرية الزاوية قضاء محافظة سلفيت يبلغ من العمر 19 عاما (طالب جامعي يدرس في قسم المحاسبة / جامعة القدس المفتوحة) لم يحتمل كمية استفزاز المستوطنين والشرطة لأبناء شعبه الأعزل فما كان منه إلا أن قام بعملية بطولية ستكون شرارة انتفاضة شعبية عارمة في حالة استمر المتطرفون الاسرائيليون في استفزاز الشعب الفلسطيني والتضييق على أهل القدس خصوصا بعد قرار الحكومة الإسرائيلية بمنع الموافقة على أعمال بناء في القدس للعرب واستمرار حكومة نتنياهو المتطرفة بالمضي بتهويد مدينة القدس فإن جميع المؤشرات باتت واضحة لانتفاضة شعبية فلسطينية ثالثة أتوقع ان تكون شاملة في القريب العاجل.
عملية سلفيت ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، لأن الشعب الفلسطيني لن يمرر صفقة القرن مهما كانت النتائج وحتى إن استمرت سياسة التضييق فإن الشعب الفلسطيني بعيدا عن الفصائل قادر على أن يقول كلمته، ولن يتنازل عن حقه في أرضه برغم كل عمليات الترغيب والترهيب التي تمارسها آلة القمع الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.
نتائج العملية كانت مقتل جندي ومستوطن وحاخام وهو الحاخام (احيعاد افينجر) والذي يدير مدرسة متطرفة دينية في مستوطنة (ايلي) كان قد أعلن الاثنين عن وفاته في مستشفى بينلسون في تل أبيب متأثرا بجراحه جراء الهجوم.
تلاميذ هذا الحاخام قاموا بشهر أكتوبر من عام 2018 بقتل المواطنة الفلسطينية عائشة الرابي من قرية بيديا من محافظة سلفيت بعد أن كانت عائدة هي وزوجها من زواج ابنتها فقذفوا سيارتهما بالحجارة لتستشهد عائشة الرابي على الفور.
نتنياهو والذي يتفاخر في جميع أنحاء العالم بان إسرائيل هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط أعلن اليوم في جنازة الحاخام احيعاد افينجر:"نعرف هوية المهاجم، وقوات الأمن تتعقبه بكل همة ،هؤلاء الإرهابيون لن يقتلعونا من هنا، بل العكس هو ما سيحدث" ، وأعلن عن بدء بناء 840 وحدة استيطانية جديدة.
نتنياهو والذي يستعد للانتخابات الرئاسية المقبلة والتي ستجري بعد ثلاثة أسابيع استغل المناسبة للتفاخر بضبط الأمن وحماية المتطرفين وقدرته على تنفيذ مخططات تهويد القدس.
قد تكون سياسات إسرائيل نجحت وإلى حد بعيد في تكريس الانقسام الفلسطيني ومنع أي نجاح لمحاولات المصالحة بين حركتي فتح التي تسيطر على الضفة الغربية وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، ولكنها لم ولن تنجح أبدا في تغيير التفكير العقدي والمتأصل في عقول أبناء الشعب الفلسطيني بحرمة مدينة القدس والمسجد الأقصى وكافة المقدسات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية فإن الفلسطيني يضحي بنفسه وولده فداء لهذه المقدسات.
جميع الخطط والضغوط التي مارسها الاحتلال منذ احتلال فلسطين وحتى يومنا هذا لم تستطع او تنجح في احباط أبناء الشعب الفلسطيني او الحد من نزعتهم الى تحرير ارضهم بل على العكس زادت من الرغبة والاصرار لديهم بحماية مقدساتهم.
فقد نستيقظ غدا أو بعد غد على عملية اخرى سيكون الخاسر الأكبر فيها من يمارس أبشع أنواع العنصرية ضد شعب أعزل سلاحه حجر أو سكين لكنه يمتلك عقيدة داخلية قوية راسخة تأبى بها نفسه الخروج من أرضه مهما كانت سياسات الترغيب والترهيب متقنة.
والرسالة التي يجب ان يتلقاها القادة الفلسطينين بأن مشروع السلام اللذي كانت تراهن عليه القيادات لم يكن يوما الا محطات تهدئة تحتاجها السياسة الإسرائيلية للانتهاء من مشروع دولتها اليهودية المطلقة التي خطط لبروتوكولاتها منذ مؤتمر بازل في سويسرا.