استطاعت مسيرات العودة وكسر الحصار التي انطلقت في قطاع غزة 30 آذار مارس من العام الماضي تحقيق إنجازات بالجملة لم يكن يتوقعها أحد، حيث باتت ورقة قوية للضغط على الاحتلال والمجتمع الدولي من أجل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وكسر الحصار الجائر والمفروض على القطاع منذ ثلاثة عشر عاماً.
وباتت مسيرات العودة وفق مراقبين السلاح الأقوى لدى الجماهير الفلسطينية في القطاع، حيث استطاعت خلال الأشهر الماضية من خلق واقع جديد في الصراع العربي الصهيوني، وأعادت للقضية الفلسطينية مكانتها بعد أن كانت في ذيل الاهتمام العربي والعالمي.
وانطلقت مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار التي تصادف عامها الأول اليوم السبت في 30 آذار/مارس الماضي تزامنا مع الذكرى الـثانية والأربعين ليوم الأرض، بهدف كسر الحصار والتأكيد على رفض الفلسطينيين لما يسمى "صفقة القرن" والاعتراف الأمريكي بمدينة القدس المحتلة كعاصمة لدولة الاحتلال.
تثبيت حق العودة
وفي هذا الاطار قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن مسيرات العودة استطاعت بعد عام من انطلاقها تغيير المعادلة الدولية وتثبيت حق العودة، والإعلاء من قيمته في أذهان الأجيال القادمة، بعد أن حاول العالم بأسره طمس هذا الحق والترويج لمقولة "الكبار يموتون والصغار ينسون".
وأضاف الصواف: "على مدار عام كامل أثبتت الجماهير الفلسطينية في قطاع غزة والضفة المحتلة قدرتها على العطاء ورغبتها في مواجهة الاحتلال وتحقيق الهدف الأساسي لشعبنا وهو العودة لأرضه ووطنه وحق تقرير المصير".
وأشار إلى أن الخطوات الإجرائية والتكتيكية التي أراد منظمو المسيرات تحقيقها وصلت إلى كل بيت فلسطيني وعربي، حيث بات يعرف كل مواطن وطفل أن الصراع العربي الصهيوني قائم على أن شعبا تم تشريده من أرضه، ويجب أن يعود لوطنه وأرضه وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وفي وقت سابق، أعلنت الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار عن انطلاق مليونيه "الأرض والعودة" اليوم السبت، الموافق لذكرى يوم الأرض، ودخول المسيرات عامها الثاني، داعيةً لاعتباره يوم إضراب شامل في كل محافظات الوطن.
و أكد ممثلو الفصائل الفلسطينية في الهيئة الوطنية على أن التجهيزات لمليونية اليوم تجري على قدم وساق، مشددين على أهمية التحشيد والمشاركة الواسعة في هذا اليوم الذي سيكون فارقاً في حياة الشعب الفلسطيني.
وأكد الصواف على أن مسيرات العودة السلمية الشعبية استطاعت أن تحصد نتائج هامة وكبيرة وخلقت واقعاً جديد حيث توحدت فصائل المقاومة الفلسطينية، في إطار غرفة عمليات مشتركة واحدة وبقرار وطني واحد، وفضحت ممارسات وجرائم الاحتلال وجيشه القمعية بحق السلميين والأطفال الأبرياء.
وقال: كما أعادت المسيرات القضية الفلسطينية للواجهة وعلى سلم أولويات الاهتمام العربي والدولي بعد أن كانت في ذيل الاهتمام، كما خلقت حالة من التضامن الشعبي والعربي مع نضال شعبنا مشيرا إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي تشهد ثورة من التفاعل العربي مع قضيتنا على اعتبار أنها القضية المركزية في الصراع العربي الصهيوني.
وشدد على أهمية المحافظة على إنجازات المسيرة من خلال مواصلة فعالياتها والبحث عن أدوات ضغط جديدة تجبر الاحتلال على كسر الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة.
إعادة الاعتبار للمقاومة
من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي صالح النعامي أن القضية الفلسطينية استعادت مكانتها العربية والدولية بفضل مسيرات العودة التي أنهت حالة التردي والتي كانت قائمة على الساحة الفلسطينية.
وقال النعامي في حديث مع بصائر: المسيرات أعادت الاعتبار لغزة ومقاومتها وأظهرت حالة الهشاشة التي يعاني منها الكيان الصهيوني من خلال مطالبة القوة العربية والإقليمية في التدخل ومساعدتها في احتواء الموقف وإيقاف المسيرات.
وأضاف: مثلت مسيرات العودة رسالة للعالم المتهافت على التطبيع مع الكيان الصهيوني أن شعبنا الفلسطيني قادر على قلب الطاولة بشكل يعيد خلط الأوراق من جديد.
ولفت إلى أن شعبنا الفلسطيني استعاد زمام المبادرة بفضل مسيرات العودة وأصبح طرفاً له تأثير كبير على الأحداث على المستويين الإقليمي والدولي، وكسب التأييد العربي والإقليمي والدولي لقضيته.
شكل جديد للمقاومة
بدوره أكد عضو الهيئة الوطنية للمسيرات العودة محمد الحرازين أن مسيرات العودة جمعت شعبنا الفلسطيني تحت راية واحدة وشكلت شكلاً جديداً من أشكال المقاومة وأعادت الزخم للقضية الفلسطينية.
وقال الحرازين لبصائر: "المسيرات أعادت الصراع العربي الصهيوني للواجهة، وأحرجت قطار التطبيع وكشفت الوجه الحقيقي للاحتلال القبيح". مشيرا إلى تقارير الأمم المتحدة ومجالس ومؤسسات حقوق الإنسان التي تشير إلى ارتكاب الاحتلال جرائم حرب بحق المدنيين والأرياء والعزل.
وأشار الحرازين إلى أن الهيئة العليا لمسيرات العودة ما زالت تواصل التجهيز والاستعداد لمرور عام على المسيرات ، كاشفا عن خطة إجرائية كبيرة أعدتها الهيئة وتعتمد على كافة العناصر التي تساهم في إنجاح اليوم التاريخي والمفصلي في حياة شعبنا والجماهير.
وتابع: "الخطة تقوم على الاستعداد الميداني والتحشيد الإعلامي الذي بدأ منذ قرابة شهر وحتى هذه الأيام، وتوقع استجابة جماهيرية وحشداً واسعاً قد يصل لمليونية ضخمة تمثل تحولاً كبيراً وتاريخياً في مسيرات العودة التي تنهي عامها الأول، وتؤكد استمراريتها رغم محاولات الاحتلال الفاشلة لوقفها.
وأوضح أن الحشد سيشمل جميع نطاق التماس مع الاحتلال، لافتا إلى أن الهيئة جهزت أماكن مخصصة لاستيعاب الحشد الكبير من المشاركين.
وعن الرسائل التي يريدون توصيلها من خلال هذا الحشد، أكد الحرازين أن أهم رسالة هي أن الشعب الفلسطيني موحد بكل أحزابه وتنظيماته في مواجهة الاحتلال وثابت على حقوقه التي سينتزعها من العدو.
وأشار إلى أن الرسالة الثانية هي التمسك وعدم التفريط بالثوابت الفلسطينية وخاصة حق العودة والتمسك بالأرض الفلسطينية، وصولا إلى السعي إلى كسر الحصار.