يُحسب لقادة الاحتلال حسن استثمارهم للأحداث والمواقف من أجل تحقيق أفضل النتائج لهم، وعبقرية استثمار الاحتلال للأحداث الفلسطينية ظهرت في الأحداث الأخيرة التي وقعت في غزة، ففي أحسن الأحوال ولو افترضنا أن ما حدث هو عفوياً، فيمكن القول بأن الاحتلال ركب الموجة واستثمرها من خلال الكثير من الوسائل خاصة الإعلامية وذلك من خلال إنشاء صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي تؤجج الأحداث وتصورها على أنها ثورة شعبية على حكم حماس حتى تسقطه، ونشر صور أحداث وقعت خارج غزة على أنها وقعت داخل غزة.
إنشاء صفحات وحسابات صهيونية تحمل اسم المنسق أو الكابتن أو افيخاي أدرعي يسدي أصحابها النصائح ويظهرون أنهم حريصون على أهل غزة، وأنهم يقفون بجانبهم للتخلص من حكم حماس الظلامي، وللأسف "فينا سماعون لهم".
ضخ الأخبار المتناقضة بين الفينة والأخرى لخلق حالة من الإرباك في صفوف المواطنين.
وليس بعيداً عن فلسفة الإعلام الصهيوني في تناوله لما وقع بغزة، فقد قام إعلام أبناء جلدتنا بما يساهم ويعزز الرؤية الصهيونية سواء بقصد أو بغير قصد، وسنذكر بعضا من الأكاذيب التي تم نشرها.
قام تلفزيون فلسطين بتغطية مفتوحة لما يحدث بغزة، لم يقم بمثلها في الحروب التي شنها الاحتلال على غزة. صفحات الفيسبوك التابعة للسلطة ضخت مواداً إعلامية كاذبة بهدف زيادة التحريض والتأليب.
عشرات الصفحات التابعة لحركة فتح نشرت إعلانات ممولة دعت للفوضى والتخريب، استُخدمت فيها مقاطع فيديو قديمة لأحداث وقعت منذ عام 2007 على أنها وقعت في هذه الأيام، إلى جانب صور لأحداث من دول عربية أخرى، وهذا حدث مع موقع دنيا الوطن الذي نشر صورة لعراقي تم تعذيبه على أيدي قوات الحشد الشعبي، وصورة لسيدة مصرية على أنها من غزة.
نشر أخبار تفيد بهروب بعض قادة حماس إلى خارج غزة عن طريق معبر رفح، وانضمام بعض أفراد الشرطة للمتظاهرين.
قناة العربية أظهرت أن الاجهزة الامنية تقمع المتظاهرين في الشوارع وتصور الأمر على أنه مذابح تجري بحق المواطنين، ففتحت صدرها لآراء كثيرة، وخلت استضافتها لأناس من الجهات الرسمية سواء السياسية أو الأمنية بغزة لاستيضاح الأمر.
ارسل لي صديقي صقر أبو عمرة وهو ضابط في هيئة التوجيه السياسي والمعنوي صورة له وهو في ندوة للتوجيه السياسي يتحدث عن وعد بلفور عام 2018 أمام مجموعة من منتسبي الأمن، فقامت شبكة سهم الإخبارية بتحريف هذه الصورة ونشرها على أنها تحريض ضد الشعب، لكن حكمة الله كشفت الحقيقة حيث أن من نشر الصورة لا يعرف الاسم المذكور ولا يعرف صورته ضمن الجالسين فوضع دائرة حمراء على شخص غير الاسم.
أخبرني صديق آخر أنه كان يجلس برفقة صحفي، فقام هذا الصحفي بلف الشاش على يده أمامه، فصور يده على أنه اعتداء من أجهزة الأمن ونشرها على حسابه على الفيسبوك، وبعدما صور يده ونشرها على الفيسبوك فك الشاش،وكأن شيئاً لم يكن!
يبقى القول بالتأكيد على أن العدو لا يدخر جهدا من أجل زيادة جذور الانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني، وعلينا أن نبقى حذرين قدر المستطاع.