يشتكي العديد من الآباء والأمهات (المربين) أنهم لا يمتلكون الوقت الكافي لعملية التربية؛ نظراً للأعمال الكثيرة الموكلة لكل منهم سواء الأعباء الاقتصادية المادية الحياتية -للحصول على الدخل المناسب للأسرة- أو الأعباء الاجتماعية في البيئة المحيطة بهم، إلا أن التربية عملية لا تحتاج الكثير من الوقت وهذا أمر مغبون فيه الكثير من المربين، فالتربية تحتاج لأوقات مناسبة ومواقف محددة لتتم بشكل أفضل وتحقق المرجو منها من نتائج ومحصلة نهائية من الأهداف المرصودة.
وفي هذا المقال سوف نرشد المربين ومنهم الآباء والأمهات إلى أهم الأوقات (المحطات) اليومية الهامة في حياة أبنائنا والتي يجب استثمارها لتحقيق أهداف وغايات العملية التربوية، كما سوف نشير إلى بعض الوسائل البسيطة لاستثمار تلك الأوقات بشكل أمثل ولتحصيل نتائج أفضل.
أولاً: محطة الاستيقاظ وما بعدها
وإن من أهم هذه المحطات اليومية وقت الاستيقاظ لدى الأبناء، وإنها محطة مهمة في حياة الفرد بشكل عام؛ فهي عنوان اليوم بالنسبة للإنسان، وهي محطة الوقود اليومية بالنسبة لنا، وهذه بعض الإجراءات التربوية البسيطة لاستثمار تلك المحطة:
- مراعاة طريقة الاستيقاظ التي نستخدمها مع أبنائنا بأن تكون بالرفق وبالكلمات المناسبة وبشكل لائق.
- الابتسامة أول أداة لنا مع الأبناء فور الاستيقاظ، فبها يكون الفأل والأمل وتكون الانطلاقة المثالية لليوم.
- الإفطار الجيد للأبناء من أهم الأدوات التربوية المناسبة للمحطة اليومية الهامة (الاستيقاظ).
- بعض التمارين الرياضية الخفيفة من أهم بواعث الإيجابية والنشاط الصباحي والهامة للطاقة على مدار اليوم كله.
- الدعاء في الصباح من أهم الأدوات التربوية الجالبة للعاطفة والحب والفأل.
- مراعاة طريقة التوديع للأبناء سواء لمدارسهم أو مهامهم اليومية المختلفة.
ثانياً: محطة الطعام ما قبلها وما بعدها
وجب أيضا أن ننوه على المربين توفير فرصة لهم للقاء مع الأبناء على إحدى وجبات الطعام اليومية ولتكن واحدة على الأقل، فإن هذه الأوقات من أهم الفرص التربوية التي يجب استثمارها من قبل المربين والاستفادة منها، وإليكم بعض الإجراءات التربوية البسيطة للاستفادة من هذه المحطة:
- تدريب الأبناء على تحمل المسؤولية من خلال تكليفهم ببعض الأدوار والمهام مثال: تحضير المائدة أو الطعام أو الأطباق والملاعق (كلٌ حسب فئته العمرية وقدراته وطاقاته).
- تدريب الأبناء (الأطفال) على آداب الطعام وأخلاقيات المسلم عند الأكل بالشكل العملي.
- الحديث والاستئناس أثناء الطعام ومنها قص الأب أو الأم المواقف على مجريات اليوم ومشاكله وكيف تغلب عليها، مما تعمل على توارث الأبناء لتلك المهارات الحياتية المختلفة، كما أن الحوار بشكله العام يجلب نوعاً من الألفة والمودة والتقارب بين أفراد الأسرة.
- يمكن استخدام أساليب تربوية مختلفة خلال الطعام والتي تنمي لدى الطفل بعض القيم والسلوكيات المختلفة والمطلوب تحقيقها تربوياً، مثل النقاش الموجه وأسلوب الحالة وباقي الأساليب والتي يجب أن يتدرب عليها كل مربٍ.
ثالثاً: محطة الصلاة
وبالطبع فإن الاجتماع في لقاء الصلاة من أهم المحطات اليومية التربوية، فبالنسبة للأب محطة الصلاة في جماعة مع الأبناء في المسجد من الأمور التربوية الهامة والأم مع الأبناء في المنزل أو المسجد إن أمكنها هذا من الأوقات الهامة خلال اليوم لبث القيم التربوية والأخلاقية السلوكية لديهم، ومن الإجراءات المطلوبة من المربين التالي:
- أن يكون اجتماعنا مع الأبناء لله وفي شأن تعبدي فهذا أمر يعد وحده شأناً تربوياً خالصاً وهاماً في تبيان أهمية الصلة بالله وفي الله.
- تدريب عملي للأبناء على الصلاة وما يرتبط بها من أعمال مثال (الوضوء – الأذكار – القرآن – الدعاء – الخ) من الأحكام والفقه وغيره.
- التدريب العملي للأبناء على الالتزام والمسئولية وحمل الأمانة والهمة والإرادة في أداء الأعمال المختلفة.
- التدريب العملي لالتزام جماعة المسلمين والانتماء لهم والاهتمام بأحوالهم والالتصاق مع الهوية الإسلامية، فالمسجد من أهم هذه الأركان الهامة للهوية الإسلامية.
- تدريب عملي للأبناء للتعامل والاتصال بالآخرين كما أنها من أهم أدوات الحل للعديد من المشاكل الاجتماعية لدى الأبناء خاصة في مرحلة الطفولة.
- أوقات مهمة لنصح الأبناء وإسداء الإرشاد لهم أثناء اصطحابهم للمسجد أو المكوث فيه أو العودة منه.
- يمكن للأم أن تجعل من وقت الصلاة وقتاً للصلة بالأبناء خاصة (الفتيات) والنصح لهن وإرشادهن.
رابعاً: محطة الدراسة
وهذه محطة اللقاء بالأبناء في أوقات الدراسة ونركز هنا في مرحلة الطفولة وخاصة بين الأم والأبناء فهي محطة هامة في العملية التربوية وإليكم بعض النصائح البسيطة:
- تشجيع الأبناء على الدراسة وتحصيل العلم والإطلاع والقراءة من الركائز التربوية الهامة.
- تهيئة المناخ المناسب للدراسة؛ كي تتم العملية بشكل أكثر إيجابية وأفضل للتحصيل.
- إرشاد الأبناء إلى أفضل الوسائل والأساليب في عملية التحصيل، فللدراسة أشكال مختلفة وطرق حديثة ومتطورة.
- تدريب الأبناء على الاستثمار الأمثل للوقت وترتيب الأولويات معهم.
- بث الثقة في الأبناء من أهم المهام التربوية ومن أهم أركان التحصيل الدراسي الناجح.
خامساً: محطة اللعب والترفيه
وبلا شك فإن أوقات اللعب والترفيه من أهم الأوقات في يومنا لنلتقي فيها مع الأبناء، ولها أشكال عديدة فمن اللعب إلى المشاهدة للبرامج المناسبة وفق الفئة العمرية للأبناء، إلى التنزه والخروج للزيارات الاجتماعية المختلفة وغيرها، ولهذا فإنها وبلا شك من المحطات الهامة خلال اليوم. وإليكم بعض الإجراءات والنصائح:
- حدد وقتاً للعب مع الأبناء (الأطفال) وموعداً آخر للترفيه معهم، ورتب له كما ترتب لباقي أعمال اليوم.
- تهيأ نفسياً للأمر وعليك بمراجعة قناعاتك به، واقرأ عنه؛ كي تكن بالمستوى المناسب للأمر.
- يعتبر هذا الأمر من أشكال الترفيه وفق الحالة المزاجية للأبناء ولك.
سادساً: محطة النوم
وتنتهي المحطات بمحطة النوم والتي تعد مسك الختام لمسار التربية خلال اليوم، فبها ينهي المربي عمليته التربوية اليومية بشكل مناسب، ونقدم لكم بعض الإرشادات البسيطة العملية للأمر:
- يفضل أسلوب القصة مع الأبناء الأطفال قبل النوم.
- الابتسامة خير أداة أيضا قبل النوم.
- الدعاء وتمني الجيد للأبناء يجلب لهم مزيداً من الراحة النفسية.
- تدريب الأبناء على أذكار النوم وآدابه وسلوكياته.
- تشجيع الأبناء على المطالعة قبل النوم وممارسة القراءة.
التربية لا تحتاج الكثير من الوقت ولكنها تحتاج استثماراً جيداً له ، وهذه المحطات اليومية من أهم الأوقات التي يجب أن يستثمرها المربي (الوالدان) مع الأبناء كي تتحقق لهم النتائج التي يرجوها كل منهم لأبنائهم.