التجديد التربوي المطلوب

الرئيسية » بصائر تربوية » التجديد التربوي المطلوب
how_to_pitch_an_idea_great_idea

إن الحياة المعدوم فيها التجدد والتحديث ويسود فيها الملل والتقليد والروتين- حياة تبعث على اليأس والرغبة في الرحيل، فضلاً عن السمت الممرض فيها، وعلى النقيض، فالحياة التي بها تجدد وتطور وتقدم وتغيير هي بمثابة بعث جديد محب للوجود، متمتع بالبقاء، راغباً في مزيد من الأوقات لإثبات مزيد من التنوع.

ولما كانت التربية رُمانة ميزان الحياة من حيث السلوك والمعاملات والمناهج والمحاضن، كان لزاماً أن يكون هناك تجدد خاص بهذا الاتجاه التربوي، لذلك فالتجديد التربوي أمسى اليوم واجباً لا مناص منه، ونحن هنا سنتعرض للتجديد وأهميته.

يعرف التجديد التربوي بأنه إحياء ما زال عنه من مظاهر ومعالم، والسعي لنشره بشكل موسّع بين العباد مع إبراز مميزاته التربوية المتعددة، والعمل على تقديمه كحائط صد ضد المخططات التخريبية التي تدّعي أنها تربوية متحررة، وأرى أنه هو التطوير في مسار التربية شاملاً السلوك والمعالم سعياً للوصول لمرحلة الكمال التربوي، وذلك من خلال التدرج في وضع خطط مستقبلية تجديدية نراعي فيها الواقع والإمكانات المتاحة.

يعرف التجديد التربوي بأنه إحياء ما زال عنه من مظاهر ومعالم، والسعي لنشره بشكل موسّع بين العباد مع إبراز مميزاته التربوية المتعددة، والعمل على تقديمه كحائط صد ضد المخططات التخريبية التي تدّعي أنها تربوية متحررة

وبوضوح شديد ومع التقدم التقني الشديد وثورة المعلومات الكبيرة، واختلاف الناس على المناهج القديمة والجديدة، ودعوات رفض كل ما يأتينا من الغرب بدعوى أنه منبت سوء، فالسؤال الذي يفرض نفسه ما هو التجديد التربوي المطلوب حالياً والذي يجب إحياءه في النفوس والعقول؟

والجواب أن التجديد المطلوب الآن يشمل الآتي:

أولاً- العقيدة هي الأساس:

والمعنى أن كل مشكلاتنا التربوية والفكرية يجب أن يكون حلها وعلاجها موصولاً بالعقيدة التي هي أساس الحياة ، ولا قيمة لأي مجدد أو مجتهد بلا عقيدة، ومن يسعى لاستبعاد العقيدة عن واقعنا المعاصر هو بمثابة انتحار لأي مجدد وكاتب.

وعليه فالعقيدة هي الأصل والمنبع والأساس لكل معضلة حياتية، وعلاج فعّال لكل روتين، خصوصاً أن إسلامنا به مرونة قوية.

ثانياً- إظهار النجوم:

الأمة الإسلامية بها الكثير جداً من القامات التربوية والفكرية، وروّاد كثر من التجديد والتطوير، وعليه فإن إبراز الكثير لدعاة العلمنة والتحرر بدعوى أنهم أبطال، وغضّ الطرف عن القامات التربوية الإسلامية الكبيرة مأساة حقيقية ، ولهذا فإن إظهار الكبار والبحث في بحر التاريخ، ونشر سيرهم وسيرتهم، من عوامل التجديد والتجدد المطلوب لهذه الأمة في الوقت الحالي، خصوصاً مع اختلاط المفاهيم وإبطال الحق وإحقاق الباطل.

ثالثاً- التربية السليمة:

لعلّ هذه النقطة مؤلمة جداً، فمع الأسف الشديد البعض يرى التدليل والاستجابة لكل طلبات الأبناء هو عين الفهم والحب، وهذا من الخطأ.

فالأصل أن تنشئ أبناءك على المسؤولية وعظمة المهمة المنتظرة كشبل من أشبال دين عظيم وهو الإسلام، ولا مجال للإفراط في التدليل، بل الوعي والتجدد التربوي في التربية السليمة التي تقف بقوة ضد محاولات التغريب والتدليس القائمة على مدار الليل والنهار.

رابعاً- رسالة الأمل:

مخطئ من يظن أن الأمة ماتت، وأنه لا بعث لها، فهذا من عوامل الهدم واليأس، إذا وصل للعقول فتلك كارثة؛ لأن تبعاته تعطل العقل عن التفكير في التجدد والتطور، والأصل زرع الثقة في الأمة ونجومها وعلمائها وقادتها العظام في نفوس كل أجيالها، وأنها كانت رائدة وحاكمة للعالم، والكل تحت لوائها، جعلت هارون الرشيد ينظر للسحابة قائلاً: "أيتها السحابة أي مكان أمطري فسوف يحمل إليّ خراجك"، في إشارة لتوسع الرقعة الإسلامية، وعليه فهذا الخطاب وهذه الرسالة من أهم عوامل التجديد المطلوب هذه الأيام.

خامساً- الشباب وتصحيح مسارهم:

إن الشباب اليوم وبوضوح شديد بين رحى معركتين: فكرية قائمة على التزييف والتدليس، معتمدة على المعلومات والمناهج الخبيثة التي تزيف الحقائق وتشوّه في تاريخ أمتنا وسير قادتها، وبين ضعف رسالي في توصيل المعلومة بشكل سلس، مصحوباً أحياناً بتطرف منهجي لفئة تحصر فهم الدين بها وما سواها باطل، تدغدغ مشاعر الشباب بالخطابات العاطفية، مدعومة من أنظمة مجرمة تسعى لجعلهم قطيعاً يساق بلا عقل أو فكر، والوقوف أمام هذه المخططات من أهم موجبات التجديد التربوي، والتجديد عموماً في عالمنا المعاصر.

سادساً- المبادرة والإنتاج:

إن التاريخ لن يخلّد ولم يخلد إلا كل مبادر إيجابي، فطن حقيقة دنياه، وأيقن عظمة دينه، وفهم أنه لا بدّ من الرقي بذاته أولاً حتى ينفع دينه ووطنه ، فلا مكان لكل كسول ينتهج الروتين والتقليد منهجاً، وعليه فإن سعي الفرد لتحويل أفكاره لطاقات إنتاجية هو من حسن الفهم والعمل، وتطور وتجدد مهم في حياة المرء تعود آثاره الطيبة على الشعوب والأمم، المهم هو حسن المقصد، وصلاح النية وإخلاصها، ولنا في علمائنا وفقهائنا نماذج عالية في الهمة والسعي للمبادرات والإنجاز الشخصي العظيم الذي ما زال مردوده على الأمة خيراً وبركة.

ختاماً، هذه الأمور التي ذكرناها بمثابة مقوّمات قوية للتجديد التربوي المطلوب حالياً، فما قيمة الحياة بلا عقيدة هي الأساس لها، وتربية جيل وبث الأمل وإفهام الشباب دورهم ورسالتهم في الحياة بما يعود بكل خير على الأمة الإسلامية.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …