الداء يكمن في الأداء

الرئيسية » بصائر تربوية » الداء يكمن في الأداء
size_810_16_9_networking

في عالم محموم بتطورات سريعة للحياة وتشعباتها الممتدة، وفي ظل زيادة الواجبات والمهام والمشاريع التي يعمل عليها الأفراد أو يكلفون بها، بات من الواضح تماماً بأن هناك تحدياً في كيفية تنفيذ هذه المهام والواجبات، وما هي صورة المخرجات النهائية لتلك الأعمال وتحقيق الأهداف المرجوة والمنشودة.

ولا يقتصر الحديث هنا على الأفراد وحسب، وإنما يتعدى ذلك ليكون الحديث عن المؤسسات والشركات والمنظمات وحتى الأسر الاجتماعية، وفي الحقيقة بأن السعي في تنفيذ المهام وإنجازها ما هو إلا إطار عام يشترك فيه جميع الأفراد باختلاف قدراتهم ومميزاتهم، فالجميع يجتهد في تأدية أعماله ولكن يبقى ذلك الجهد المبذول مرهوناً بعملية تقييم عملية صعبة معقدة تتشعب أغصانها وتتشابك ، كونها ترتبط بعدة عناصر ومعايير ومتطلبات، وقبل الحديث عن تلك المعايير أو مؤشرات الأداء لا بد لنا من أن نُعرّفه أولاً فالأداء هو كيفية تنفيذ الفرد لأعماله ومسؤولياته المكلف بها والمنوطة به والمرتبطة بوظيفته وماهية النتائج المحققة من وراء ذلك في ظل بيئة مناسبة، وبصيغة رياضية هو حاصل ضرب العناصر الثلاث: القدرة، الرغبة والبيــئة فالعلاقة طردية مضاعفة، لا جمعٌ إضافة وحسب والفرق بينهما كبير.

الأداء هو كيفية تنفيذ الفرد لأعماله ومسؤولياته المكلف بها والمنوطة به والمرتبطة بوظيفته وماهية النتائج المحققة من وراء ذلك في ظل بيئة مناسبة

عناصر الأداء

تتشارك العناصر طردياً في تحقيق أداء عالٍ للمساهمة في رسم معادلة الإنتاجية ليكتمل مشهد السعي ويتحقق الهدف المنشود.

فالقدرة: هي حصيلة المهارة والمعرفة التي يتمتع بها الفرد للوصول لدرجة عالية من الإتقان في تنفيذ المهام والواجبات.

وأما الرغبة: فهي دوافع الفرد، وتختلط فيها بشكل معقد الحالة الفكرية الذهنية للفرد، وهذه الثنائية – القدرة، الرغبة - باتت تشكل علاقة عضوية للقيام بأي عمل فكل منهما محفزٌ للأخر، والواجب هنا العمل على تنمية هذه الثنائية بمختلف الطرق والوسائل وعلى مختلف المراحل العمرية للفرد، فالرغبة تنمو وتتطور بالتحفيز والتعامل الإيجابي مع احتياجات الفرد وتلبيتها، وأما القدرة فتنمو من خلال الارتقاء بمهارات الفرد ومعارفه وخبراته المتراكمة، على أن يتم ذلك في بيئة جاذبة خصبة ومناسبة لتهيئة الجو العام للفرد بتحقيق الظروف الملائمة للنمو والتطور والارتقاء.

إشارات وتنبيهات

ولكي لا نمضي بعيداً عن مقصد هذا المقال، لا بد لنا من نظرة متفحصة لأسباب قصور الأداء الذي هو داء أصابنا اليوم أفراداً ومجتمعات، فالفرد لا ينفك بالدوران في دائرة المشاريع غارقاً في سحب الطموح المتراكبة بعضها فوق بعض، وأما عن مجتمعاتنا اليوم باختلاف مؤسساتها وأشكالها التنظيمية فهي تعاني من التخبط والعشوائية وتكرار نفسها في كل موقعة وعند كل حدث.
إشارات لأسباب القصور وتنبيهات لرفع سوية الأداء، نوردها هنا علّها تكون لنا منهجاً ومساراً:

- عدم امتلاك الموارد التي يحتاجها الفرد ليقدّم ما هو مُتَوَقّع منه.

- عدم امتلاك قاعدة المعارف أو مجموعة المهارات الضّروريّة ليتميّز الفرد في دوره الوظيفي.

- ضعف الحافز النفسي ولربما غيابه عن مهمات وواجبات كثيرة.

- نقص في قدرات الأفراد والتي تشكل بدورها ثغرات وبؤر للأخطاء.

- قلة التدريب وشحٌ كبير بمجموع الخبرات المتراكمة، فبعض الأفراد يتصدر لمهمة لم يخض يوماً من الأيام في مساراتها، والأمثلة كثيرة.

- شيوع الرتابة، والميل إلى العمل في الحيز الآمن، والبعد عن المخاطرة المعتدلة والمحسوبة.

- غياب مراجعة وتطوير إجراءات العمل والتي تشكل كوابح للأداء الفعال.

- عدم توفر بيئات العمل الجاذبة التي تعمل على ترسيخ أهمية الإنجاز وتبني في النفوس قلاع الإتقان.

هذه مجموعة من أسباب هذا الداء، ويبقى القول بأن التوقعات التي ينتظرها الناس من عمليات الأداء مرهونٌ بعملية التقييم وهي الجزء الأصعب، تحتفظ بنسبية نتائجها باختلاف القائمين والخاضعين لها سواء كانوا فرداً ومؤسسة، أو رئيساً ومرؤوساً.

إن التحدي اليوم أمام الأفراد والمؤسسات باختلافها لا يقع في غياب الأهداف أو الرؤى أو قلة التخطيط وإنما بتدني مستوى الأداء وقلة كفاءته، وفقداننا لملكة الاحتراف ، والمطلوب الحرص على امتلاك القدرة العالية والرغبة الطموح في تنفيذ أعمالنا، وأن نسعى جاهدين لبلوغ مقام الاحتراف بأداء مهامنا وواجباتنا، كي لا نصاب بداء قصور الأداء الذي يؤدي إلى تباطؤ في عجلة الإنتاج وتحريك الحياة؛ فالداء يكمن بالأداء.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
مدون أردني مهتم بالشأن التربوي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …