المؤتمرات العلمية والأيام الدراسية هي لقاءات تجمع أهل الخبرة والاختصاص للحديث حول قضية معينة، يتناولونها بالبحث والتفصيل، يغوصون في عمق الأسباب ويخرجون بمخرجات يقدمونها لصناع القرار على أمل تحويلها لواقع عملي، لكن هل لهذه اللقاءات من الجمال والجلال ما يجعل المجتمع يعتبرها وسيلة تنقله من وضع إلى وضع أحسن؟
ربما الإجابة المنطقية عن هذه الأسئلة تقتضي البحث في تفاصيل المجتمع وتفافته ورؤيته، فلو كان الزعيم يسمع ويعرف ما يدور فيه وتصله مخرجاتها ويسعى لتطبيقها، سيعتبرها المجتمع وسيلة رافعة، أما إن لم يهتم الزعيم برأي عامة الشعب ونخبه، فسيبقى هؤلاء يصرخون كأنهم في الصحراء، ولا يسمعون إلا صدى صوتهم.
شخصياً أشارك كثيراً في مؤتمراتٍ وأيام دراسية سواء بورقة عمل أو حضور، واستمع وأقرأ أبحاثها ومخرجاتها، وأحاول أن أفعّل خاصية النقد لأخرج برأي عام يشمل سلبياتها وإيجابياتها ووضع مقترحات، ويمكن القول بأني انظر لها من زاويتين:
الأولى: الفنية من حيث الشكل وآليات توزيع الجلسات وعددها وعدد أوراق كل جلسة، ومدى الانضباط والمكان والنظافة، وطريقة عرض الباحثين لأبحاثهم.
و الثانية : الجوهر من حيث الموضوعات، وخلال مشاركاتي استنجت السلبيات والإيجابيات:
السلبيات:
1_ قلما تجد مسئولاً أو جهة تتعهد بتنفيذ المخرجات أو وضعها على طاولة صناع القرار.
2_ كثرة الأوراق البحثية المقدمة يحرم الباحث من توضيح فكرته نظراً لضيق وقته.
3_ بعض الباحثين يحولون البحث لمهرجان خطابي.
4_ قلما تذكر المؤسسات التي تعتاد تنظيم هذه الفعاليات، ما تم تنفيذه من مخرجات المؤتمر السابق.
5_الترحيب الذي يقدمه سواء الباحث أو رئيس الجلسة يأخذ جزءاً من وقت الباحث.
6_ تنظيم مؤتمر لأكثر من يوم يخلق الملل عند الحضور.
7_بعض المؤتمرات تتناول قضية معينة ويكون أغلب الحضور من غير تلك الفئة.
إيجابيات:
1_ تعزز فكرة المشاركة في طرح مشاكل المجتمع وطرح حلول لها.
2_تشجع الباحث على تقوية مهارات ومناهج البحث العلمي الموضوعية.
3_ تزود الحضور بمعلومات جديدة مدعمة بالأرقام والإحصائيات، مما يزيد في رصيده المعرفي.
4_يتعرف الباحث على المختصين والباحثين، وما لديهم من أبحاث وأفكار.
5_يخلق جواً من الحوار والنقاش وتبادل الآراء بين الباحثين والحضور.
أقترح :
1_ تنظيم المؤتمر في يوم واحد ويكون من جلستين، وكل جلسة أربعة أبحاث ،وكل بحث يأخذ 20 دقيقة.
2_اختيار أفضل البحوث وتفادى الأبحاث المتقاربة المضمون.
3_ دعوة الفئة المستهدفة بالمؤتمر فلو كان المؤتمر عن الطفولة، فحبذا لو حضرت المؤسسات العاملة في هذا الميدان وحضور أطفال مميزين.
4_ لا داعي لأن يلخص رئيس الجلسة ما قاله الباحث، فهذا يستغرق وقتاً.
5_ الاكتفاء بكلمة واحدة أثناء الافتتاح.
6_ وجود جهة تسعى لتنفيذ مخرجات المؤتمر.
أمور تفسد الانسجام :
التأخر عن موعد الافتتاح، و انشغال البعض بالهاتف، وبالأحاديث الجانبية، و كثرة التنقل والخروج والدخول، وحرص البعض على التقاط الصور أثناء عرض الابحاث، والانشغال بالضيافة.
يبقى القول واجباً بأن مثل هذه الفعاليات مهمة رغم ما يشوب بعضها من خلل أو زلل ، فالنجاحات المجتمعية لا تولد فجأة أو مرة واحدة، فتراكم الخبرات وتكاثف الجهود يخلق مجتمعاً راقيا.