ينقسم كتاب "الطريق إلى القرآن" إلى مدخل، ثم عشرة فصول ثم خاتمة، و قد جاءت الفصول على الترتيب التالي:
1- سطوة القرآن:
وفيه يعرض المؤلف لمدى سلطان كلام الله تعالى على القلوب والأفئدة، حتى لغير المؤمنين، بل إن أحد الأسباب المتكررة التي تتبعها في قصص من تحولوا للإسلام، هو "أنهم سمعوا القرآن وشعروا بشعور غريب استحوذ عليهم".
ويلفت نظر المؤمنين لتيار "أهل الأهـواء" الذي ساد وسط منتسبين "للفكر الإسلامي"، الذين يسـمعون آيات القرآن ولا يتأثرون بها، ولا يخضعون لمضامينها، بل ربما استمتعوا بالكتب الفكرية والحوارات الفكرية وتلذذوا بها، وقضوا فيها غالب عمرهم وهم هاجرون لكتاب الله الشهر والشهرين والثلاثة.
2- تأمل، كيف انبهروا:
وفيه يدلل بالنماذج العملية على السطوة المذكورة في الفصل الأول.
فيورد -أولاً- نموذج الجبال الصماء التي تتصدع من الخشوع لكلام الله، ثم نموذج نساء وأطفال قريش الذين كانوا يتزاحمون على بيت أبي بكر رضي الله عنه يتسمّعون لتلاوته في صلاة الليل.
ونموذج من صناديد قريش هو "جبير بن مطعم" رضي الله عنه، قبل إسلامه قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ}، قَالَ: كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ" (البخاري)، ونماذج أخرى عديدة منها نماذج الأنبياء والسلف الصالح، وصالحي أهل الكتاب الذي تفيض أعينهم من الدمع لما عرفوا الحق.
3- منازل الأشعريين:
هذا العنوان مبني على ما رواه البخاري من قول المصطفى عليه السلام: (إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الْأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ) (رواه الشيخان).
وفي هذا الفصل يتناول المؤلف الصلة العجيبة بين هدأة الليل وإشراقات القرآن، وكيف ورد الحث على جعل نصيب لليل من ذكر الله وتلاوة القرآن، منه قوله صلى الله عليه وسلم عن الصحابي "شُريح الحضرمي" رضي الله عنه: (ذاك رجل لا يتوسد القرآن) (النسائي)، والتوسّد يعني اتخاذ وسادة، وهو كناية عن النوم عن القرآن خاصة لو كان ورداً.
4- القلوب الصخرية:
"من رزايا هذا الزمن أن صرنا لا نستحي من المناصحة عن قسوة القلب، بينما قلوبنا كالحجارة أو أشد قسوة"، بهذا التقرير المفزع يفتتح الفصل الرابع الذي يشارك المؤلف فيه تجربته في محاولات الانتفاع بالمصنفات الوعظية، والكبسولات الرقائقية، دون أن يجد العلاج الناجع والدواء الشافي إلا في القرآن، الذي جعله الله موعظة وشفاء لما في الصدور، من مختلف الأسقام الروحية والبدنية والأخلاقية والفكرية.
5-الشاردون:
يتناول الفصل حالات الانحراف، التي تنقسم لانحراف علمي مرده للشبهات، أو انحراف سلوكي مرده للشهوات؛ لأنه يجمع نوعي العلاج الإيماني والعلمي، "فالقرآن له سر عجيب في صناعة الإخبات في النفس البشرية، وإذا تهيأ المحل بالإيمان لان لقبول الحق والإذعان له".
6- تطويل الطريق:
هذا الفصل موجه لمن يعجبهم تطويل الكلام، ولا يقنعون فكرياً بالمباشرة والوضوح! ويقارن المؤلف بين خطاب التيار الفكري القائم في كثير منه على تعقيد الاصطلاح والمضمون، والخطاب القرآني الذي يخرج بالمؤمن من دائرة وجهات النظر ليضعه في مواجهة كلام الله تعالى مباشرة، فإما الانصياع وإما النفاق الفكري، ولا تسويات أو حلول وسط أمام أوامر ملك الملوك سبحانه.
7- من مناطق التدبر:
يعدد فيه المؤلف منازل ومكامن التدبر في القرآن، منها: حقائق العلم بالله، أخبار الأنبياء وأخبار الطغـاة وأخبـار الصالحين، ومحاولة تفهم وتحليل الرسالة الضمنية فيهـا، موازين الأعمال ومقادير الأمور، كتعريف الصحبة الصالحة والحياة الطيبة؛ قرارات القرآن وأحكامه وأمثاله العامة.
8- كل المنهج في أمّ الكتاب:
تأمل دقيق في آيات سورة الفاتحة، وحكمة اختيارها للتكرار على لسان كل مسلم خمس مرات كل يوم.
9- دوي الليالي الرمضانية:
تفكر في دلالات الصلة الوثيقة بين القرآن وشهر رمضان من بين كل شهور العام حتى ذوات الفضل منها كذي الحجة، فشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، ويدارس جبريل فيه المصطفى عليه السلام القرآن، وامتحن فيه الإمام أحمد بمحنة القرآن، وكذلك يلفت النظر للخيط الرفيع بين كون شهر رمضان الذي يجب صومه هو شهر نزول القرآن، ويوم الإثنين الذي يستحب صومه هو يوم نزول القرآن.
10- الحبل الناظم في كتاب الله:
يرى المؤلف أن أكثر مطلوب عملي ردده القرآن بعد التوحيد هو موضوع (ذكر الله) سواءً كان كلام القرآن عن (جنس الذكر) كحديث القرآن عن الذاكرين الله كثيراً والذاكرات، أو عن (آحاد الذكر) مثل التسبيح والتحميد والتهليل الخيط الناظم والحقيقة الكبرى في القرآن، وهو اسـتمرار حركة القلب بالإيمان باالله والتعلق به سبحانه، فهذا هو الخيط الناظم والحقيقة الكبرى في القرآن، وهو اسـتمرار حركة القلب بالإيمان بالله والتعلق به سبحانه، وهكذا يدور الفصل الأخير على التدليل لهذا الحبل وتتبعه بسلاسة بنائية في مختلف الأحوال والسياقات.
وفي الخاتمة يعرض المؤلف لتصوره في منهجية تدبر لكتاب الله، ويوجه لفتة للقائمين على الخطاب الدعوي المعاصر الذي كسرته موجة التغريب وتشرب ثقافة الخضم الذي يفترض به أن يجابهه، فصارت الخطابات الدعوية منهمكة في تذكير الناس بالدنيا باسم الدين، وجعلت الآخرة هي التبع، ولا تستحي أن تقول مشكلة المسلمين في نقص دنياهم لا نقص دينهم، بل وتسخر من ربط الأحداث بالله باعتبار ذلك "مبالغة في تديين الحياة العامة"، فهؤلاء كما يقول المؤلف: "أجهل الناس بدين الله الذي وضحه في كتابه ببيان هو في غاية البيان".
اقتباسات من الكتاب:
1- القضية لن تكلفنا الكثير، إنما هي دقائق معدودة من يومنا نجعلها حقاً حصرياً لكتاب الله.
2- القرآن له سر عجيب في صناعة الإخبات في النفس البشرية، وإذا تهيأ المحل بالإيمان لأن لقبول الحق والإذعان له.
3- قراءة واحدة صادقة لكتاب الله تصنع في العقل المسلم ما لا تصنعه كل المطولات الفكرية بلغتها الباذخة وخيلائها الاصطلاحي حين يقرر المسلم أن يقرأه بـ"تجرد".
4- حين يتدبر قارئ القرآن كيف وصف الله القرآن بأنـه هـدى وبينات ونور فإنه يستنتج من ذلك مباشرة بأن مراد الله من عبـاده في القرآن ليس لغزاً.
مع المؤلف
إبراهيم السكران، المفكر والباحث في منهج الفقه الإسلامي والمذاهب العقدية والفكرية، تخرج في كلية الشريعة في جامعة ابن سعود، ونال درجة الماجستير في السياسة الشرعيّة من المعهد العالي للقضاء التابع للجامعة، ثم توجه إلى بريطانيا ونال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس Essex،
ولـ"السكران" مؤلفات ومقالات عديدة، يمكن تصنيفها لقسمين:
1- القسم الفكري، وأبرز مؤلفاته: "مآلات الخطاب المدني والتأويل الحداثي للقرآن".
2- القسم التزكوي، وأبرز مؤلفاته: "الطريق إلى القرآن" و"مسلكيات".
بطاقة الكتاب:
العنوان: الطريق إلى القرآن
المؤلف: إبراهيم بن عمر السكران
الناشر: مركز الفكر المعاصر، 2012
عدد الصفحات: 180