في عالم أكبر من تفاصيله يعيش الطفل في حالة فوضى داخلية و خارجية، بسبب الأوضاع الصعبة التي يمر بها عالمنا العربي، حيث أشارت تقارير اليونسيف إلى أن ارتفاع معدل الوفيات في العالم يعود إلى الفقر الشديد و تدني مستوى الدخل و تدهور الأوضاع المعيشية.
فقد أصبح هذا ينعكس سلباً على حياته النفسية و الصحية و الدراسية و الاجتماعية، و لا يغيب عن ذهننا أيضا افتقار الأهل للعديد من الطرق التربوية السليمة التي تصب بمصلحة الطفل، بالإضافة إلى ذلك بعض العادات و التقاليد البالية التي أفسدت بشخصية أبنائنا، فإننا نجد الطفل ينظر إليه نظرة دونية كأنه متلقٍ و منفذ لما يتلقاه ممن هم أكبر منه سناً! فيتم التواصل معه بشكل عمودي فيتخذ الأوامر من الأعلى تحت عقاب و تهديد و غضب و تنديد و منع و تخويف، فينشأ لدينا طفل انطوائي حذر خائف، أو لربما يتحول إلى طفل عدوانيٍ عنيفٍ يأخذ حقوق الآخرين.
و ليس هذا فحسب، بل عدم التوازن بين الأم و الأب في عقاب الطفل و معاملته يؤثر سلباً عليه، فنجد الولد يترنح أحياناً بين قسوة الأب و دلال الأم و حمايتها الزائدة له، أما البنت فيدفعها مجتمعها للشعور بالنبذ و الدونية.
و من هنا دعوني أعزائي أؤكد على أهمية التمتع و التحلي بالثقافة التربوية السليمة التي أشار إليها الكاتب مصطفى أبو السعود بصحيفة فلسطين بمقال عنوانه "الثقافة التربوية بين الحضور و الغياب"، حيث أكد على أهمية القراءة في موضوع الثقافة التربوية قبل الدخول للحياة الزوجية. و من المهم أيضا عند التعامل مع أطفالنا أن نستخدم أسلوب التقمص العطوف، حيث نضع أنفسنا مكان الطفل و نستخدم معه فلسفة التحبيب و الترغيب و الإقناع فضلا عن استخدام فلسفة الترهيب و التعنيف.
علينا ونحن نمارس عملية التربية أن نفصل بين موقفنا من سلوكيات الأطفال وبين ضغوطات الحياة التي نتعرض لها، فلا يجب أن نسمح لضغوطات الحياة أن تحدد طبيعة تعاملنا مع أطفالنا، فالطفل يحتاج للحب والاهتمام واللعب بغض النظر عن واقعنا الجميل أو القبيح.