كيف أجعل من مسجدي منارة في رمضان؟

الرئيسية » استشارات تربوية » كيف أجعل من مسجدي منارة في رمضان؟
rsz_imam-masjid-mosque

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أستفسر كیف أجعل من مسجدي منارة ومثالاً یحتذى به بین باقي المساجد في منطقتي خلال شهر رمضان؟

_________________________________

الجواب: د. محمد أبو جزر

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

كما أن شهر رمضان هو شهر الصيام والقيام والصدقة، وشهر القرآن والطاعة والعبادة، فهو أيضاً شهر الدعوة والاحتساب، خاصة لأئمة المساجد والدعاة، هو فرصة للتربية وتزكية النفوس؛ لأن الناس يقبلون على المساجد، ويؤمّون الجوامع للصلاة والتراويح والاعتكاف، ونفوسهم مهيأة لتقبل الخيرات، وعمل الصالحات، وهذه من نعمة الله على عباده، ولاشكّ أن الداعية الناجح يقتنص الفرص ويغتنمها، وهذا منهج النبي صلى الله عليه وسلم.

نعم أخي في الله، رمضان فرصة للإمام الجاد في وظيفته، المهتم بخطبته، الحريص على جماعته وصلاته وقيامه، ولا شكّ أن شهراً بعظمة رمضان يتطلب من الإمام جهداً لاغتنامه لنفسه، والحرص على النفع لعامة المسلمين.

ولذا أوجه هذه الوقفات علّ الله أن ينفعني وإياك بها.

الوقفة الأولى: تقوى الله جلّ وعلا في السر والعلن، والإخلاص في القول والعمل، فهما سبب التوفيق والنجاح في الدنيا والفلاح في الآخرة، قال ابن الجوزي: "إنما يتعثر من لم يخلص".
فأخلص نيتك في إمامتك ودعوتك وصلاتك ودعائك، والرجل كما قيل: "إنما يُعطى على قدر نيته".

الوقفة الثانية: وأنت تستعد للعمل والدعوة في رمضان -ولاشك أن ذلك عبء كبير لمن يحملون هم الإسلام- استعن بالله جلّ وعلا، وتوكّل عليه، وسل ربك أن ييسر أمرك، ويبارك في إمامتك ودعوتك، فلا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله تعالى عن موسى عليه السلام وقد جاءه التكليف بالدعوة وتبليغ الرسالة: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي*يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طـه: 25-28].

الوقفة الثالثة: الإمامة أمانة، وأنت قدوة في قولك وعملك، فكيف تريد من الناس المحافظة على الصلاة، وأنت لا تحافظ عليها أو تتخلف عن أدائها. لذا ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم.

الوقفة الرابعة: احرص على تعاهد المسجد وتهيئته للمصلين والمتهجدين والمعتكفين، وذلك بتطييبه والعناية بنظافته، وتنظيم أثاثه، والاهتمام بدورات المياه وصيانتها والحفاظ على محتوياته، والعناية بالصوتيات والاعتدال في ذلك.

الوقفة الخامسة: احرص على الاستعداد العلمي لرمضان، بمعرفة أحكام الصيام والقيام والاعتكاف وزكاة الفطر، وأحكام العيد والست من شوال، والناس سيسألونك -لاشك- عن ذلك، ويستطيع الإمام أن يتفقه في ذلك بقراءة الكتب الفقهية التي تتحدث عن الصيام وأحكامه ومخالفاته.

الوقفة السادسة: الدعوة في الحي أثناء رمضان وهناك بعض الأعمال الدعوية التي لها ثمارها المجرّبة في رمضان ومنها:

1-هدية رمضان: فالهدية تفتح القلوب، وطريق للدعوة، ووسيلة سهلة ميسرة للتواصل مع الناس.

2-طرح المسابقات الهادفة لأهل الحي، ومراعاة المراحل العمرية، ووضع جوائز رمزية وقيمة.

3-زيارة بعض أهل الحي في بيوتهم وتفقد غائبهم.

4-استضافة العلماء والدعاة؛ لإلقاء الدروس والكلمات بعد التراويح أو غيرها.

5-استغلال حضور النساء، وتوزيع المفيد عليهنَّ من الأشرطة والكتب والمطويات، وإعطاؤهن نصيباً من التوجيه والاهتمام، باستضافة الداعيات وطالبات العلم.

6-تعاهد لوحة إعلانات المسجد والإشراف التام عليها، مع الحرص على تنوع مادتها وتجديدها بين الحين والآخر.

7-إعداد برنامج للعيد، وتنسيق زيارات واجتماع للجيران بعد صلاة العيد في المسجد؛ لبذل السلام، وإشاعة روح التعاون والمودة والتواصل بين الجيران، والإصلاح بين المتخاصمين.

الوقفة السابعة: وعلى الإمام أن يكلّل هذه الأمور كلها بدعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، والرفق وعدم التعنيف، والحرص على هداية الناس كما كان النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ...} [آل عمران: 159].

وقال سبحانه: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين} [النحل:125].

الوقفة الثامنة: تفطير الصائمين في هذ الشهر الكريم، وتهيئة المكان لذلك، وحثّ المصلين على المساهمة في ذلك، فمن فطّر صائماً كان له مثل أجره.

الوقفة التاسعة: العناية بفقراء الحي وتفقدهم، فهم أولى بالمعروف، وذلك إعداد برنامج لجمع الزكاة وتوزيعها على فقراء الحي، وإعانة محتاجهم وسدّ فاقتهم، أو السعي لدى من يعينهم.

وفي الختام:

أخي إمام المسجد، إن أهل الباطل يتسابقون لخطف رمضان، وهدم روحانيته، وإفساد حلاوته بالمسلسلات والأفلام والفوازير الهازلة، فلا بدّ أن نسعى للحفاظ على هيبة رمضان وجلاله، وذلك بالحرص على أن نقدّم برامج تكون بدائل مزاحمة لهذا الإعلام الملوث، وإحياء دور المسجد وتفعيله.

وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

د. محمد أبو جزر

إمام وخطيب مسجد خليل عطية في عمان،حاصل على الدكتوراه في الحديث الشريف. عرف عنه بخطبه المؤثرة ومحاضراته الدعوية في المساجد والمراكز القرآنية ومواقع الإنترنت.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

لا أشعر بالسعادة لنجاح الآخرين!

أنا شاب ثلاثيني؛ ناجح جداً في مجال عملي وعلاقاتي، متزوج ولدي أطفال وزوجة رائعة وأعمل …