"رؤى" طالبةٌ في الصف العاشر، ما إن علمت بموعد الاختبارات النهائية والتي تُصادف الثامن من رمضان حتى أصيبت بالإحباط والاكتئاب، وذلك بسبب نظرتها النمطية بأنّه لا يمكن الدراسة والتركيز خلال فترة الصيام، وأنّه لا يوجد متسع من الوقت للدراسة، فكيف يمكن إقناع "رؤى" بأنه يمكن الدراسة بكفاءة خلال الصوم وتنظيم وقت المذاكرة؟ بل وجعله "فُرصة" للتميز والتحصيل الدراسي.
لماذا يُعد رمضان فرصة للمذاكرة؟
من جهتها، قالت المُرشدة التربوية إيمان كامل: "إنّ شهر رمضان يُعد فرصة للتحصيل الدراسي ولمضاعفة القدرة على الحصول على درجاتٍ أعلى؛ لأنه خلال فترة الصوم تزيد قدرة الشخص الإنتاجية: فلا وقت يضيعه في الأكل والشرب والمُسلّيات، ولا وقت للمسلم لمشاهدة التلفاز الذي يعج بالبرامج الدرامية والهابطة ليُفسد صومه".
وتابعت" كما أن اليوم يكون مُنظماً خلال شهر رمضان أكثر من الأيام العادية، فوقت السحور والإفطار وصلاة التراويح مُحدّد، حتى الزيارات العائلية تكون بعد التراويح على غِرار الأيام العادية التي يأتي فيها الزائر في أي وقتٍ خلال اليوم، حتى إنْ جاء ضيف خلال فترة الصوم فتكون زيارته قصيرة ولا تحتاج لضيافة".

وأردفت: "إنّ الكثير من الأشخاص اعتادوا على التباكي والادّعاء بأنّه لا يمكن التركيز والدراسة خلال شهر رمضان، فتذكر أنّ هذه الفئة ستُعطيك الحماس في التفوق عليهم، وعلى كل من لا يعِي بأنّ المذاكرة خلال فترة الصيام فيها فرصة لمضاعفة الإنتاج".
وقالت كامل: "إنّك ستصوم هذا الشهر الكريم حتماً، ووقتك يجب أن تغتنمه، فلا تضيّعه في إقناع نفسك بأنك لا تستطيع، فما عليك إلا أن تحضر ورقة وقلم، وترتب دروسك التي يجب أن تدرسها من الأصعب إلى الأسهل مع بعض الخرائط الذهنية".
وأكدت قائلةً:" إنّ عقلك هو عقلك، فمن يقنعك بأن المذاكرة خلال فترة الصيام صعبة بل ومستحيلة هو ذاته الذي يُقنعك بالكسل والخمول بعد الإفطار".
وأوضحت كامل أنّ الجانب الروحاني له دورٌ كبير وفعّال في تحسين القدرة على الدراسة ، "فخلال شهر رمضان يقترب المسلم من ربه أكثر، وتزداد عباداته ودعاؤه ولجوءه إلى الله بأن يوفقه في علمه ودراسته، فيشعر بالرضا عن نفسه".
الوقت المناسب للمذاكرة
وأشارت إلى أنّ أفضل وقت للمذاكرة وخصوصاً خلال شهر رمضان المبارك يكون بعد صلاة الفجر، لأنّ العقل يكون بكامل نشاطه ، مع ضرورة تناول طعام صحي وخفيف.
وذكرت كامل أن القدرة على التركيز والمذاكرة تقل تدريجياً مع الاقتراب من موعد أذان المغرب.
وقالت:" إنّ أكبر خطأ يرتكبه الشخص حينما يذاكر بعد تناول طعام الإفطار مباشرةً، لأنّ الدم يذهب للمعدة ليهضم الطعام الذي تناوله، والأسوأ من ذلك إن كان هذا الشخص قد تناول طعاماً زائداً عن حاجته"، مُشيرةً إلى أن الصواب أن ينتظر ساعتين على الأقل بعد الإفطار قبل البدء بأي مجهودٍ ذهني".
رمضان وفق نظرتك له
من ناحيته، قال الدكتور درداح الشاعر الأخصائي الاجتماعي:" إن شهر رمضان يكون وفق نظرتك له، فإما أن يكون فرصة للإنجاز، أو يكون عبئاً وحرماناً وصداعاً وقلة تركيز ".

وبين أن هناك مبدأين للمذاكرة وهما: المكان- فيجب أن يكون هادئاً ومرتباً وذا إضاءة جيدة، والوقت- يجب أن يكون مناسباً وتكون بكامل نشاطك وقوتك الذهنية والجسدية.
وذكر الشاعر أنه يوجد نموذجان للمذاكرة خلال شهر رمضان وهما: إما من بعد صلاة التراويح وحتى الفجر فيكون الطالب في هذا الوقت قد تناول الطعام واستعاد قوته ومارس القليل من الحركة والرياضة خلال مشيه للمسجد وأدائه لصلاة التراويح، وإما من بعد صلاة الفجر وحتى الظهر وهي الفترة المثالية للمذاكرة؛ لأنّ الإنسان يكون قد أخذ قسطاً من النوم والراحة، وتناول سحوره وصلّى الفجر، ولا توجد ملهيات.
دور الأهل
وأكد الشاعر على أهمية دور الأهل في تشجيع أبنائهم وتحفيزهم وتهيئة الجو المناسب للدراسة، مضيفاً أنه ينبغي على الأهل عدم الإكثار من العزائم والتجمعات العائلية وتوقف استضافتهم في المنزل، خاصة خلال فترة الامتحانات.
ونوه إلى أن الله أوجد بين الناس فروقاً فردية، ولذلك يجب على الآباء عدم مقارنة أبنائهم بعضهم ببعض ، لافتاً إلى ضرورة الحرص على الجوانب الإيجابية عند الابن، والثناء على جهده الدراسي وتقوية عزيمته وتوجيهه نحو عبادة التوكل على الله، ومعناها أن يبذل الأسباب الشرعية والعقلية ويعلق النتائج على الله سبحانه.
نصائح
وحتى تضاعف قدرتك على المذاكرة خلال شهر رمضان وتنجز أسرع، وجّه الشاعر مجموعة من النصائح وهي:
1- ابدأ بالأجزاء الصعبة؛ لأنك في كامل حماسك ونشاطك، واترك الأجزاء السهلة للنهاية.
2- استخدم الخرائط الذهنية لمراجعة أسرع، فالرسوم والألوان تساعدك على تذكر ما درسته دون عوائق، واستخدم طريقة وضع أسئلة والترقيم والربط الذهني.
3- تخلص من الأشياء التي تشتت انتباهك وأولها مواقع التواصل الاجتماعي "شيطان العصر"، ومشاهدة التلفزيون؛ لازدياد نسبة عرض البرامج خلال شهر رمضان حيث تسحب من رصيد وقتك بالساعات دون أن تشعر.
4- ضع مكافأة تحفيزية عند إنجازك لفصلٍ معين أو مادة معينة؛ فذلك يساعدك على تجديد الطاقة الإيجابية.
5- تجنب السهر والنوم بشكلٍ متقطع؛ لأنه سيرهقك ويشعرك بالصداع.
6- عليك بالأكل الصحي: أكثر من الأوراق الخضراء، تناول الطعام بشكلٍ تدريجي حتى لا تصاب بالخمول، وابتعد عن الحلويات قدر المستطاع؛ لأنها تسبب الخمول، تناول التمر لتعويض نقص السكر ولإمدادك بالطاقة.
7- أكثِر من شرب الماء؛ لأنه يقلل الصداع ويزيد نشاط المخ.
8- قلّل قدر المستطاع من المنبهات؛ لأنّها مُدرة للبول وتفقد الجسم للماء بشكلٍ أكبر.
9- من وقت صلاة العصر وحتى المغرب هو وقت خمول، يفضل أن يقضيه الإنسان في المسجد لكي ينال الأجر ولا يضيع على نفسه فرصة عيش أجواء رمضان وفرصة العبادة.
11- التجئ إلى الله بالدعاء بأي صيغة مشروعة، فذكر الله يطرد القلق والتوتر، وإذا استغلقت عليك مسألة فادع الله أن يهونها عليك.