مشاعر طفولية غير منسية

الرئيسية » بصائر تربوية » مشاعر طفولية غير منسية
child-shirt1-min

كما هو معلوم، فإن الله تعالى وضع أولادنا أمانة عندنا، ولم يجعلهم مسؤولين عن أنفسهم في بداية حياتهم؛ لأننا الأقدر على توجيههم، وخلال هذا التوجيه سنجد اعتراضًا وامتعاضًا من أولادنا، وسنجد مشاعر سلبية.

عندما يكبر الأولاد، فإنهم يتخلصون من بعض هذه المشاعر، بينما مشاعر أخرى تبقى محفورة في ذاكرتهم، تؤثر على حياتهم وشخصيتهم، وتنخز في قلوبهم. يقوم بعض الأهالي اليوم بمنح أولادهم كل ما يحبون؛ كي يحموهم من المشاعر السلبية، خوفًا من أن تترك أثرًا عليهم مستقبلًا، لكن وككل شيء في الحياة الإفراط أخو التفريط، ولا يمكننا حماية أولادنا من جميع المشاعر السلبية، وإنما نحميهم من المشاعر التي تترك أثرًا ممتداً ، لذا قمت باستطلاع سألت فيه المشتركين عن مواقف من طفولتهم التي تركت فيهم أثرًا سلبيًا حتى اليوم، وكانت الإجابات تندرج تحت بنود:

-الظلم: مشاعر الظلم من أكثر المشاعر التي ترافق الإنسان لسنين طويلة، وهذا الظلم يتخذ أشكالًا كثيرة، منها عقاب الطفل على أمر لم نخبره سابقًا أنه ممنوع، أو عقاب الطفل عقاباً كبيراً على خطأ صغير، أو عندما نسمح لأخوته بأمر ما ونمنعه منه، قد يكون للأهل أسبابهم الخاصة لذلك، لكن صعب على الطفل أن يدركها من تلقاء نفسه.

مثلًا: قد يمنع الأب طفله من تناول عصير البرتقال؛ لأنه مصاب بالإسهال، بينما يسمح لإخوته لأنهم سالمون، لكن الطفل لن يدرك ذلك، وعلى الأب توضيح الأمر لابنه، هذا مثال بسيط فقط لتوضيح مقصدي. أيضًا عندما يُخطئ الوالدان بحق الطفل ولا يعترفان بخطئهما أو يعتذران، عندما يركّز الآباء على سلبيات أولادهم فيوبخونهم، ويهملون إيجابياتهم ولا يثنون عليها.

-عدم تقدير ذات الطفل: من المواقف التي لا ينساها الأبناء عندما لا يثق آباؤهم بهم؛ لأن أكثر ما يهم الطفل ويحتاجه في صغره هو نظرة والديه له، فإن لم يحصل له إشباع من ذلك، فمن المحتمل جدًا أن يعاني عندما يكبر ، مثلًا: كلما حاول الطفل إبداء رأيه في أمر ما نهره والداه أو أسكتاه، أو كلما حاول فعل شيء ما أو المساعدة فيه، قالا له أنت لا تستطيع، و يصل شعور عدم الثقة أو عدم التقدير أيضًا عند مقارنة الطفل مع غيره، وخاصة إذا كانت المقارنة غير عادلة، حينها يجتمع الظلم مع عدم الثقة.

30: عندما يهدد الأهل أولادهم بأنهم سيتركونهم، وخاصة إذا نفذوا تهديدهم، كأن تقول الأم لابنتها إذا لم تنظفي غرفتك فسأخرجك من المنزل وأمنعك من الدخول، هذا يؤثر بشكل كبير عندما يُقال للطفل قبل (5سنوات)؛ لأن الطفل يصدق ذلك.

-عدم الشعور بالسند: في محاولةٍ من بعض الأهل لتحميل أولادهم المسؤولية، فإنهم يُشعرونهم بأنهم وحيدون لا سند لهم، فقد يتعرض الطفل لتنمر من رفاقه، ولا يستطيع الدفاع عن نفسه، يطلب مساعدة والده، فيكون رد الأب: "لا شأن لي، دافع أنت عن نفسك"، بدلًا من ذلك كان على الوالد أو الوالدة أن يقولا له: "حاول بنفسك، ونحن هنا نراقبك وندعمك في حال احتجت لنا".
الحالة المعاكسة وجدتها أيضًا، وهي الدفاع الزائد عن الأولاد، كل طفل سيتعرض لمضايقات من أصدقائه أثناء اللعب وفي المدرسة، وهي حالات عادية يستطيع حلّها بنفسه، عندما يتدخل الوالدان بكل هذه التفاصيل سيشعر الطفل بالتخجيل، أحد المشاركين أجاب أنه كان يتعرض لظلم من مدرّسيه أحيانًا ولا يُخبر والديه؛ لأنه يعلم أن ردّة فعلهم سيكون مبالغاً بها، وسيذهبون إلى المدرسة وتعلو أصواتهم.

وشعور التخجيل هذا أيضًا يكون عندما يتحدث الوالدان عن عيوب أبنائهم أمام الآخرين، ليس العيوب فحسب، بل ربما كان أمرًا عاديًا لكن لا يحب الطفل أن يعلم به أحد.

ليس صحيحًا ولا صحيّا أن نُجيب على كل طلبات أولادنا، ولا أن نمتنع عن توجيههم، لكن يجب أن يكون الرفض بدون إهانة أو تجريح .

كل ما سبق لابد وأن يصدر من الوالدين في بعض الأحيان؛ لأنهم بشر يصيبون ويخطئون، وهو لا يترك أثرًا سلبيًا إلا إذا أصبح نمط تعامل دائم.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
صيدلانية، ومستشارة أسرية، صدر لها عام 2016 كتابين للأطفال، وكتاب للكبار بعنوان "تنفس". كتبت الكثير من المقالات التربوية والفكرية والاجتماعية على بعض المواقع والمجلات، و قدمت العديد من الدورات التطويرية والتربوية.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …