إدمان الإنترنت عند الأبناء… الأسباب والعلاج (2-2)

الرئيسية » بصائر تربوية » إدمان الإنترنت عند الأبناء… الأسباب والعلاج (2-2)
child

تحدثنا في المقال السابق عن إدمان الأطفال للجلوس بالساعات أمام أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية، وبينّا مظاهر هذا الإدمان وأسبابه؛ سعياً في خلق مناخ أسري بلا مشكلات نفسية أو أمراض عضوية للأطفال.

واليوم نتحدث عن علاج هذا الإدمان بشكل عملي سهل بعيداً عن التعقيدات والألغاز والتنظير.

أولاً/ ثقف ابنك

إن البيت المسلم اليوم وبفعل الهجمات الغربية عليه أصبح مشغولاً بأمور كثيرة، جعلته أحياناً يستغني عن تثقيف أولاده وغرس المعاني البسيطة لهم -حياتياً على الأقل- لذلك يجب على الوالدين تثقيف وتعليم الأبناء بالقدر البسيط في أدوات الإنترنت، هذا طبعا بعد احتراف الآباء لذلك؛ لأن الواقع يقول غير ذلك والعاقبة تكون أيضاً غير ذلك، وفي نفس الوقت مطلوب من الوالدين عمل وإنشاء حسابات متابعة لأبنائهم بشيء من الود لا المراقبة، والحب لا التخوين، والاهتمام لا السيطرة، والحرص لا تصيد الأخطاء؛ فتلك منظومة التربية الناجحة.

ثانياً/ كن قدوة لأبنائك

إن الوالد القدوة هو نبراس ونور يسير وراءه أبناؤه بحب شديد ورغبة أشد في المكوث طويلاً معه، وهذا هو المطلوب؛ فالابن عندما يفتقد القدوة في أبيه يذهب لعالم الإنترنت؛ بحثاً عن ما يشغله وهروباً مما يحزنه، لذلك فالقدوة في البيت مهمة جداً في تصحيح مسار الأبناء وأفكارهم وتطلعاتهم ، لا سيما وأن الأمة اليوم تحيا أزمة تبدل المفاهيم وغياب القدوات لذلك فالوضع كما نراه.

ثالثاً/ تنظيم الأوقات

من المعيب في حق الآباء والأمهات أن تكون كل أوقاتهم على الإنترنت، وأيضاً أن يتركوا الأولاد، فتغيب المتابعة أو النصح أو الألفة، ويخرج الحب من البيت، ويسود الجفاء، ولا يلتقون إلا على مائدة الطعام، وأحياناً لا يحدث!
لذلك فتنظيم الأوقات بين اللعب تارة وبين المذاكرة تارة والجلوس مع الأم فضلاً عن تنفيذ طلباتها تارة ثالثة كل هذا مهم أن يتحول الإدمان إلى شيء عادي لا خطر فيه ولا داء منه.

رابعاً/ الأسرة قبل الحاسوب

إن فرار الأولاد للحاسوب بكل سعادة وفرح، والحزن إن غاب عنهم أو أصابه عطل يجعل الأمر به شيء محزن، وهو أن الحاسوب وفي زحمة الدنيا تحول للحضن الدافئ والمكان الذي يجد فيه الأولاد راحة بالهم وسعادتهم، وهذا هو الدور المنشود للأسرة في الأصل، وعليه فإن الاحتماء والفرار إلى الأب والأم والأخوة هو المفروض حدوثه؛ فدور الآباء والأمهات في تعديل المسار من الحاسوب إليهم مهم جداً، ومرهون بمدى فهمهم وحبهم ورغبتهم الصادقة في غرس القيم وحماية الأولاد من كل داء مرضي أو إلكتروني.

خامساً/ معرفة أصحابهم

إن الصاحب السيئ كان ولا يزال من عوامل الهلاك ، وما قصة أبي جهل وعقبة بن معيط ببعيد؛ فالرجل الذي لامس الإيمان قلبه نزل على رغبة صديقه وترك الإيمان، ونحن هنا لا نبالغ بقدر ما نحذر من أن الإنترنت وسيلة وعالم كبير وخطير، وإن مارسه الابن بلا توجيهات أو ضوابط فإن العاقبة ستكون سيئة، خصوصاً أن الطفل لن يظل طفلاً طوال حياته ومع مساره هذا، فالحذر والصدمة من أن يتحول إدمانه للإنترنت بلا مراقبة إلى إلحاد في المستقبل، خصوصاً مع تسخير طاقات وإمكانيات الغرب في إفساد شبابنا فضلاً عن الوقوع في براثن الإباحية.

وكل هذه الأمور لا تأتي فرادى ولا من تلقاء النفس، بل بالأصحاب والكلام والنقاش والتقليد الأعمى، لذلك فالآباء مطالبون بمعرفة أصحاب وأقران أبنائهم من زملاء التعليم واللهو والترفيه ومنصات التواصل، فيحذِّرونهم من نافخ الكير ويقرِّبونهم إلى حامل المسك.  

ختاماً، هذه بعض النصائح العملية والعلمية؛ للحد من خطورة الإدمان الإلكتروني لأبنائنا، لا بد من العمل بها والأخذ بكل الأسباب، وشحذ كل الطاقات؛ فأولادنا هم الكنز الثمين الذي رزقنا الله إياه.

حتما سيسألنا الله عن كل شيء ونحن موقوفون بين يديه، الأبناء هل حفظناهم في الدنيا أم ضيعناهم وأوردناهم المهالك، فكونوا على قدر المسؤولية وأعدوا للسؤال جوابه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

الصيام بوابة المغفرة: كيف نجعله شفيعًا لنا يوم القيامة؟

يتعامل الإنسان مع المهام الدنيوية بإحساس بالمسؤولية، فلا يجد راحة حقيقية حتى يؤديها على أكمل …