طرح الأفكار بين الإقدام والإحجام

الرئيسية » بأقلامكم » طرح الأفكار بين الإقدام والإحجام
light-bulb-idea-discovery-unique-different-ss-1920

ترى ما فائدة امتلاك الإنسان أجمل السيارات دون أن يستخدمها؟

وهل من الحكمةِ شراء منزل فخم بمبلغٍ ضخمٍ دون أن يسكنه من اشتراه؟

وأين العبرة في امتلاك مكتبة كبيرة دون أن يقرأ مالكها أي كتاب فيها؟

المؤكد أن السيارة ستكون بلا قيمة، والمنزل بلا ألفة، والكتب سيعلوها الغبار، وستتحول هذه الأدوات من وسائل إلى غايات.

إسقاطًا لما سبق على الأفكار، سنجد كثيرين لديهم أفكار، لكنهم لا يستثمرونها فيما يفيد، السؤال: لماذا؟

لكل إنسانٍ أيًّا كان عمره أو جنسه أو جنسيته أو لونه مخزونٌ من الأفكار، سواء أكانت هذه الأفكار تصلح لذاته أم لغيره، وهذا جميلٌ، لكن منذ متى كان جمال الشيء في ذاته؟! فالمنطق يقول إن امتلاك الفكرة يجب أن يكون وسيلة لتحقيق إنجازٍ معين.

إن الذي يمتلك فكرة ولا يطرحها، إما أنه يخجل من طرحها رغم أنه يرغب، أو لا يرغب بطرحها رغم أنه لا يخجل، أو لا يخجل من طرحها ويرغب بطرحها، لكنه لا يعرف كيف يطرحها، وإما أنه لا يخجل ويعرف ويرغب، لكنه يخشى طرحها.

أيضًا من يملك فكرة سيجد الناس من فكرته على أصناف:

الأول: يبدي إعجابه بها جملةً وتفصيلًا دون ملاحظات، وهذا يمكن أن يكون: إما أنه لا يعرف كيف يُقوِّم الفكرة، أو أنه لم يفهم الفكرة، أو أنه يخشى إبداء رأيه بالفكرة.

الثاني: يبدي إعجابه بالفكرة، لكنه يبدي ملاحظات تعالج ثغراتها.

الثالث: يعارض الفكرة ويضع العراقيل أمام إمكانية تنفيذها، رغم إعجابه الداخلي بها.

وبمناسبة الحديث عن الإقدام والإحجام، فهذا نوع من أنواع الصراع النفسي ينشأ عندما يواجه الفرد هدفًا له وجهان: أحدهما إيجابي مرغوب، والآخر سلبي غير مرغوب، فإذا فعل ما يحقق الجانب المرغوب يواجه الجانب غير المرغوب، فالفرد يحب طرح الأفكار، لكنه يخشى النتائج السلبية التي قد تلحق به من طرحه لها.

أخيرًا وجب تأكيد أن صناعة الأفكار هي عملٌ بشريٌّ بامتياز، فلم نسمع يومًا ما أن حيوانًا ما اخترع اختراعًا أو قدم فكرة ما، فالعقل هو مصنع إنتاج الأفكار، والعقل هو المميز للإنسان من غيره من الكائنات، ولا شك أن للقلب دورًا كبيرًا في توجيه أفكارنا وسلوكياتنا.

لذا على من وهبه الله القدرة على ابتكار الأفكار الجميلة ألا يخجل أو يخشى أو يبخل بطرحها أمام الآخرين، فالفكرة علم، وفي ذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "من كتم علمًا ألجمه الله لجامًا من نار"، و"زكاة العلم نشره"، فربما وجد أحد الناس بها ضآلته، فتحولت حياته إلى نعيم.

وإلى من يظن أن أفكاره ليست بالقدر الكافي من الجمال والحيوية والقبول: اعلم أن رضا الناس غاية لا تُدرك، وتذكر قول الزعيم الهندي "غاندي": "في البداية يتجاهلونك، ثم يسخرون منك، ثم يحاربونك، ثم تنتصر)، وعليك تعلم كيف ومتى وأين وأمام من تطرح فكرتك، ولا تنس أن لكل مقامٍ مقالًا ومشاعر وأفكارًا.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال

شاهد أيضاً

بين عقيدة الإسلام و”عقيدة الواقعية

للإسلام تفسيرٌ للواقع وتعاملٌ معه بناءً على علم الله به ومشيئته فيه، كما يثبتهما الوحي. …