يأتي هذا الكتاب في محاولة لإعادة بناء الجسور بين الأمة ومصدر انبعاثها من بين الأمم؛ لتكون خير أمة أخرجت للناس، ولتجديد وترسيخ تمسكها بأسباب السماء وإن قُطعت عنها أسباب الأرض، وذلك بنفض الغبار عن كتاب الله، بتلقي رسائله وترجمة معانيه في حياتنا كيوم نزل، في الوقت الذي انشغل فيه الناس عن حقائق الأمور بظاهرها فحفظوا حروف #القرآن وأضاعوا حدوده.
وعلى الرغم من إقبال الأعداد واجتهاد الكثيرين بحفظه ومراكز التحفيظ خير شاهدٍ على ذلك، إلا أنه حقيقة مغيّب عن واقع حياتنا ومجرياتها ، وما الضنك الذي تكابده الأمة إلا نتيجة غفلتها عن رسائل النور والحياة التي تبثها رسائل القرآن، فهو خير سبب يمدنا الله به من السماء؛ ليكون التمسك به هو المخرج لنا من الظلمات إلى النور ولا يكون ذلك إلا إذا تلقينا رسائل القرآن كما أراد الله لنا أن نتلقاها.
مع الكتاب
يبث المؤلف في هذا الكتاب خمس رسائل يستنهض بها همة الفرد ابتداء لتبلغ همة الأمة انتهاءً، ثم لتلَقي القرآن وإعادة النظر في التعامل معه، ومن خلالها يضع يده على أصل الداء الذي بُليت به الأمة أفراداً وجماعات وكان منبته الاشتغال بما هو حول القرآن لا بالقرآن ذاته.
الرسالة الأولى/ في تحديد الوجهة:
يتحدث الكاتب في هذه الرسالة عن مشكلتنا الحقيقة وهي انشغالنا بما حول القرآن وليس بالقرآن نفسه وبما فيه، والفرق بين من يشتغل بالقرآن ومن يشتغل حول القرآن.
فالذي يشتغل بالقرآن يكون القرآن بذلك أساس حياته، أما من يشتغل بالعمل حول القرآن يكون اشتغاله في حقيقة الأمر بالأفكار المجردة، وعلى هذا الأساس يكون الفرق بين حفظنا للقرآن وحفظ الصحابة له.
فطريقتنا في حفظ للقرآن تكون مجرد هدف لفترة محدودة من الزمن، أما الصحابة فكانوا يتلقون الخمس أو العشر آيات يحفظونها فلا يتجاوزونها إلا بعد فهمها وترجمتها في حياتهم فكان حفظهم مشروع حياة.
الرسالة الثانية/ مجالس القرآن منهاج الغرباء:
يستصرخ المؤلف في هذه الرسالة المتلقين لرسالة القرآن، ولا سيما جيل الشباب ويبين لهم أن وظيفتهم هي الانتساب لرسالة القرآن تلقّيا وبلاغاً، ومعنى ذلك الدخول في ابتلاءات القرآن، فلا نكتفي بمنزلة التحمّل بل لا بد من منزلة الأداء ليشتعل القلب بكلمات الله.
إذ إنّ الكلام المجرد لا يكفي لبلاغ رسالات القرآن ولهذا لا بد من جعل قلوبنا مصابيح للقرآن وشراييننا مجرى تياره؛ لكي نصافح الناس بحقائق القرآن، فالذي يحفظ الآية أو الآيتين بهذه الطريقة تكونان نبض قلبه وجريان الدم في عروقه، لهو أنفع لنفسه وللناس من المئات بل الألوف التي تحفظ القرآن كاملاً من غير شعور به.
فتعلم آيات القرآن وأحكامه وحِكَمِه وتزكية النفس به والدعوة إليه وبه هو المقصود من قوله صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" [صحيح البخاري]
الرسالة الثالثة/ إنه وحي فتعرضوا له:
ينبه المؤلف إلى مشكلة نعاني منها اليوم في تعاملنا مع القرآن، لأننا نقرؤه على أنه مجرد مصحف لا روح فيه، فإن كان إيماننا بأن القرآن نزل من السماء في يوم ما، وأنّ محمداً صلى الله عليه وسلم تلقاه من ربه رسالة للعالمين، وعقيدة لا يصح إيمان المسلم إلا بها، فتكمن المشكلة هنا في شعورنا بهذه الحقيقة، والذي هو اليوم شعور ميت، فنحن ننظر للأمر بأنه في يوم ما نزل من السماء ونتوقف عند هذا الشعور، وعندما نقرأ القرآن نربط الوحي بالماضي الذي كان، وحقيقة الوحي أنه نور حاضر وروح حيّ.
فالوحي له دلالتان:
- الوحي الحدث: أي النزول الخفي من السماء وهو سبب النبوة وهو الذي انقطع.
- الوحي الصفة: وهو لا ينقطع أبداً.
الرسالة الرابعة/ حول مفهوم التدبر:
يتناول المؤلف أهمية تدبر القرآن الكريم من أجل أن نحياه ونستقي منه، ويوضح #التدبر على أنه كما المبصار نكشف من خلاله علل النفس وأمراضها وفي نفس الوقت يقوم بتربيتها وتهذيبها، وأنّ هناك فرقاً بيّناً واضحاً بين التدبر والتفسير.
فالتفسير يخص فئة من الناس، وهم مؤهلون للاجتهاد، في حين أن التدبر ممكن لكل الناس على اختلاف ثقافاتهم وعلومهم ، والتدبر مرادف للتفكر؛ فكلاهما سبيل للتذكر، وبالتالي، فإن التذكر لا يحتاج لخبرة علمية أو تخصص دقيق، والثمرة الناتجة من التدبر والتفكر والتذكر هي تهييج النفس للعمل وتنشيط القلب للسير وتوثيق إرادة النفس على عزائم الأعمال.الرسالة الخامسة/ الإخلاص بوصلة الطريق:
يحذر المؤلف من مسارب الشيطان إلى النفس، والتي هي خفية وأشد ما تكون دهاءً والتواءً، وأن حصون الدعوة الإسلامية وقطار الصحوة الإسلامية الهدف الأول لهذا العدو اللدود، وأنه لا بد من تحصين النفس من هجمات الشيطان، وأنه لا بد لكل منتسب لمدرسة القرآن أن يتجرد لله وحده، وعلى العاملين المخلصين أن يتخلصوا من "الأنا" و "نحن"؛ إذ لا طريق إلى الله إلا طريق الإخلاص.
والسبيل إلى التحقق بالإخلاص إنما يكون قراراً ومكابدةً أو عزيمةً ومجاهدةً، وهذا قبسٌ من نور القرآن يتجلى في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 218]
مع المؤلف:
- ولد د. فريد الأنصاري في إقليم الرشيدية في المغرب عام 1960م.
- حاصل على عدة شهادات منها: الدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص أصول الفقه.
- له عدة مؤلفات: قناديل الصلاة، سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة، جمالية الدين... معارج القلب إلى حياة الروح، ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله وغيرها.
بطاقة الكتاب:
اسم الكتاب: هذه رسالات القرآن فمن يتلقّاها؟
المؤلف: فريد الأنصاري
مكان النشر: جمهورية مصر العربية - القاهرة
دار النشر: دار السلام للطباعة والنشر
سنة النشر: 2011م
عدد صفحات الكتاب: 110 صفحة