5 دروس تمكّن بها طفلك من صناعة مستقبل مالي متميز

الرئيسية » بصائر تربوية » 5 دروس تمكّن بها طفلك من صناعة مستقبل مالي متميز
child- studying

إذا كنت تجد الوقت مبكراً لتأهيل ابنك اقتصادياً، وتعليمه مهارات الإدارة المالية، وإعانته على التمكين المالي، فأنت مخطئ بغير شك؛ لأنه لا توجد مرحلة عمرية معينة يصبح الطفل مهيّئاً فيها لتعلم المفاهيم المالية !

طالما ظللت تعامل طفلك على أنه صغير، فسيظل صغيراً، لن يتحمل المسؤولية، ولن يتقبل لاحقاً أية نصائح توجهها إليه، لن يأخذ كلامك عموماً بجدية؛ لأنه أصبح أنانياً بفضل تربيتك التي لم تكن منصفة له بما يكفي، فجعلته يرى نفسه مركز العالم والجميع موجودون لأجل راحته وخدمته.

وتقع عليك مسؤولية تأهيل طفلك لمواجهة ظروف الحياة منذ سنوات طفولته التي تعد أفضل وأنسب مرحلة للغراس الطيّب الذي يؤهل الإنسان لحياة سوية أو يحرمه منها، كما أن الطفل يمنح مربيه غالباً انطباعا وإشارة إلى أنه مستعد لتعلم المزيد من المهارات .

تقع عليك مسؤولية تأهيل طفلك لمواجهة ظروف الحياة منذ سنوات طفولته التي تعد أنسب مرحلة للغراس الذي يؤهل الإنسان لحياة سوية أو يحرمه منها

وسوف أقدم لك في مقالي هذا عدة دروس تربوية تعلّمها لابنك؛ لتعينك في تمكينه مالياً وتأهيله اقتصادياً، جمعتها من مناهج معتمدة لأكاديميات تربوية تقدّم للطفل دورات متخصصة لتعليمه تلك الفنون والمهارات الحياتية المُهمة.

وقبل أن أخوض في تفاصيل الدروس وعناوينها سوف أشرح لك ما يعنيه مصطلح (التمكين المالي للأطفال) وهو تعليم الطفل وتدريبه على كل ما يخص الإدارة المالية من معارف ومهارات يحتاجُها الطفل؛ ليتعرف على كيفية إدارة المصروفات وأولويات الشراء والادخار.

الدرس الأول/ علّم طفلك ماهية المال ومن أين يأتي وما هي مصادره وكيفية نموّه، وعلاقته بالعلم والعمل، واشرح له المصطلحات الاقتصادية البسيطة المختلفة:

تستطيع إيصال تلك الدروس بالتتالي لطفلك في مراحله العمرية المختلفة، اشرح له ماهية المال وكيف تكسبه أنت ومن أين، وما الذي يؤهلك لذلك، ويمكنك استغلال فرصة إعطائه المصروف اليومي لتشرح له تلك الأمور وتثير انتباهه وتستفز فضوله شيئاً فشيئاً ليسألك فيتعلم المزيد.

في مرحلة تالية اشرح لطفلك مصطلحات مثل: الادخار، الاستهلاك، الاستثمار، الكسب والشراء، وبعد ذلك مارس تلك الأشياء معه، ثمّ ناقش معه ذلك كله ليستنتج بدوره أماكن جلب المال، وطرق تنميته، أخبره أنك تعمل كموظف لتجلب المال ثم تدخر بعضه لتمتلك مشروعك الخاص وتصبح منتجاً للمال مستثمراً له.

وخلال ممارسة الادخار والشراء والكسب مرّر لطفلك قيماً ومعاني تربوية وإسلامية مثل: معنى الرزق وأنه بيد الله وحده، وأن المال جزء من الأرزاق ، بيّن له احتمالية وفرة الموارد أو محدوديتها في الحياة، وأهمية الاقتصاد والاستثمار في المال والموارد.

الدرس الثاني/ علّم طفلك مُحَدِّدَات الصرف ومساراته وترتيب الأولويات، وكيفية إدارة الصرف وأهمّية الادخار وشروط الشراء:

يمكنك تبيان مسارات صرف المال لطفلك باصطحابه معك عند الشراء وتقضية احتياجات البيت، ومشاركته التخطيط لسداد الأقساط وتوزيع المدخرات على أهدافك.

اطلب منه أن يعدّ قائمة بمصروفاته الخاصة وموارده المالية، وخلال ذلك علم طفلك التمييز بين المنتجات والأشياء النافعة والضارة، الضرورية والثانوية؛ لكي يفكّر قبل أية عملية صرف، وأهِّله ليكون صبوراً إذا أراد شيئاً، وأن يدبّر أموره واحداً فواحداً؛ لأنه لن يتمكن من الحصول على كل ما يريده في الحال.

علم طفلك التمييز بين المنتجات والأشياء النافعة والضارة، الضرورية والثانوية؛ لكي يفكّر قبل الصرف، وأهِّله ليكون صبوراً، وأن يدبّر أموره واحداً فواحداً؛ لأنه لن يتمكن من الحصول على كل ما يريده في الحال

وفي هذا الدرس تستطيع أن تتأكد من أن طفلك على الطريق السليم إذا استطاع ترتيب أولوياته وتحديد نفقاته، والتفريق بين ما يحتاج إليه فعلاً وما يرغب به، فيعرف مصدر ماله ويقرر مصارفه ويبدأ الادخار فعليَاً أو يخطط له -على الأقل- ضمن هدف محدد وسبب أو غاية يلجأ للادخار لأجل تحقيقها والوصول إليها.

علّم طفلك أيضاً خلال اصطحابك له شروط الشراء وصفات السلعة المناسبة، وذلك عبر مناقشته في سبب اختيار سلعة دون الأخرى أو تفضيل بائع عن غيره ، وأسباب محاولة الوصول لأدنى مستويات الدفع تجنباً لمساوئ الإنفاق العشوائي.

الدرس الثالث/ علّم طفلك أنواع المعاملات المالية، وبالتالي القيم والأخلاق التي تحكمها:

وفي هذا الدرس تعتمد على كمّ وكيف المعلومات المالية التي بنيت أساساتها في عقل طفلك وتفكيره، ليستنتج فيما بعد مساوئ إهمالها والاستهانة بها أو اجتناب تطبيقها.
خلال ذلك أوصل إليه معاني مصطلحات التعامل المالي مثل القرض والأمانة والحق المالي والذمة المالية... وغيرها.

إذا شعرت خلال هذه المراحل أنك تحتاج إلى الاطلاع على الفقه الإسلامي والاستعانة بأحد من يفقهون تلك العلوم، فلا تتردد؛ لأنك تبني مهارات ابنك وتؤهله ليقود حياته بامتياز وكفاءة مالية عالية.

حين يتعلم الطفل الاقتراض مارس معه العملية كاملة وعلّمه الالتزام بتوقيت الدفع، وكذلك أداء الأمانات والحقوق؛ لكي تصبح تلك القيم عادات راسخة في اللاوعي لديه وتعزز ضميره وأمانته عموماً .

وانتبه، رفض الربا وتجنب تطفيف الوزن والنفور من السرقة وعدم السكوت عنها، إلى جانب المعاني الإيمانية الروحانية في التعاملات المالية والقيم المختلفة كالشفافية والصدق، كل ذلك يمكنه أن يؤهل طفلك ليكون على قدر كبير من كفاءة الذمة المالية، فيحكم في ماله كما يحكم في أموال غيره ويكون أميناً عليها مقتصداً فيها حريصاً بنفس القدر الذي يعامل فيه ماله وملكه الخاص.

الدرس الرابع/ درّب طفلك على المشاركة المجتمعية وتحمّل المسؤولية ناحية أسرته، وإدراك حقوقه وواجباته والالتزام بها:

يمكنك الانطلاق من احتياجات الأسرة في تعليمه حقوقه وواجبته كفرد يعيش بين أفراد أسرة وإطار مجتمعي، عليه أن يعيش بينهم مسؤولاً عارفاً بالتزاماته تجاههم وحقوقه عليهم.

وخلال التجريب والتدريب لا تغفل المرور بطفلك ومعه على أهم المفاهيم التي تجعله يميّز بين احتياجاته كفرد وبين إمكانات الأسرة وما يمكنها تقديمه ، فتربّي فيه القناعة والعطاء والإيثار، شرط ألا يضغط على نفسه ويحترق لأجل الإيثار بمعنى أن يكون عقلانياً ويزن الأمور بعدل، فلا ينسى حقه الشخصي وستطيع التمييز بين مواقف الإيثار المختلفة.

ثم ينتقل إلى الدائرة المجتمعية الأوسع، فيتعلم كيفية التعاطف من خلال الشعور بالفقراء والمحتاجين ومن لا يملكون المال أو الذين شحَّت مواردهم وضاقت بهم سبل العيش أو صعُب عليهم تحصيل المال لأسباب منطقية.

وهنا سيتعلم التصدق والتبرع وضوابطهما وأخلاقهما، وبعد أن يتعرف على أوجه التبرع والصدقة والعمل الخيري حفزه لتخصيص جزءٍ من مدخراته وموارده الخاصة لها؛ تطبيقاً لركن الزكاة، ثم طلباً لتطهير المال والبركة والنمو، ودعما للتكافل الاجتماعي والعمل الخيري والإحساس بالآخرين.

الدرس الخامس/ درّب طفلك على مهارات التدبير والإدارة اللازمة للكفاءة المالية، وطبّق معه كل ما تعلّمه إلى الحين الذي تثق فيه من قدرته على الاستمرار بالاعتماد على نفسه:

كلما اكتشفت القدرات الفردية الشخصية لطفلك أسرَع، وبدقة أكبر، استطعت تمكينه مالياً أسرَع، وتدريبه على المهارات الحياتية المختلفة التي تساند الإدارة المالية، بعد أن يدرك معنى وأهمية هذه القدرات.

والقدرات الذاتية تشمل: تحديد الهدف، وبناء الخطة، تنظيم الوقت، إدارة النفقات والصرف، أفكار الاستثمار وتنمية الأرباح المالية، استغلال كل نقاط القوة في شخصيته، أهمية تنمية القدرات الذاتية... وغيرها.

وأخيراً يأتي الدور على التطبيق الأولي الذي يضع طفلك على أول سلّم التنفيذ الناجح، إليك هذه المقترحات لتنفيذ مشروع تطبيقي معه:

- اطلب من طفلك أن يحدد مَهَمّة مالية من تفكيره الخاص، وتصوراته وضمن حدود قدراته؛ ليستطيع تنفيذها، ثم يدونها.

- أعطه المجال لتقسيم المهمة إلى مهمات صغيرة تنجَزُ في أوقات متقاربة؛ ليسهل عليه تنفيذها مجزأة بدل أن يضيع وقته في لملمة ما فعل وما لم يفعل.

- امنح طفلك الفرصة ليكون قائداً يكوّن فريقاً يثق به ويقسّم المهمات التي تحتاج تخويل الفريق لتنفيذها وتحقيق الهدف العام.

- علم طفلك أن يكون واقعياً ويطمح ويحلم شرط أن يميّز جدياً بين ما هو ممكن، وما هو متاح وما هو معقد .

- عوّده على استشارة أهل الخبرة فيما تعسّر عليه، أو استشكل.

- أشرِف على متابعته وتنظيمه للنفقات والدخل والمصروفات بشكل دائم.

- حفّزه ليمارس دوره كقائد أو كعضو في الفريق بالتزام وليتحلى بروح المنافسة الإيجابية.

أبشرك، بأنك إن نفذت ذلك تبعاً لمهاراته وتعاطيه معك وانطباعاتك عن استيعابه، سوف تصنع طفلاً يقود حياته وشؤونه المالية ويدبر أموره، بل انتظر أيضاً منه أن يبني مستقبلاً ماليا متميزاً يغبطه الكثيرون عليه.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …