كلما غادر الطفل المنزل -للعب أو لأمر ما- يشعر الأهل بالحاجة لحماية سلامته، ويبادرونه بشكل غريزي: "كن حذرا"، يفعل الأهل ذلك لغرس شعور بالحرص لدى الطفل؛ لكي لا يتعرض للأذى، وهي ردُّة فعل انعكاسية لإخبار الطفل "بالحذر" عندما يخرج للعب، سواء كان ذلك عندما ينضم لأصدقائه لركوب الدراجة، أو أثناء اللعب في الفناء الخلفي، عندما يركضون أو يتسلقون الأشجار، أو مهما كانت النشاطات التي يمارسونها، فإن ردة الفعل الغريزية للآباء هي أن يطلبوا من الطفل أن يكون حذراً.
الآباء والأمهات حُماة، يحاولون منع الأطفال من إيذاء أنفسهم، ويحاول الآباء استخدام اللغة الاحترازية؛ للحفاظ على سلامة أطفالهم، ولكن المشكلة هي أن كلمة "توخّي الحذر" غامضة وشائعة الاستخدام لدرجة أن الأطفال أصبحوا مُحصّنين من هذه العبارة.
يحاول الآباء استخدام اللغة الاحترازية؛ للحفاظ على سلامة أطفالهم، ولكن المشكلة هي أن كلمة "توخّي الحذر" غامضة وشائعة الاستخدام لدرجة أن الأطفال أصبحوا مُحصّنين من هذه العبارة
أصبحت عبارة "كن حذراً" عادةً
إن الواجب الفطري من الآباء تجاه أبنائهم هو حمايتهم منذ كانوا رُضّعاً، لكن مع نمو الأطفال، سيحتاجون إلى مزيد من الحرية، ولن يتمكن الوالدان من مراقبة كل تحركاتهم، لذلك يبحث الآباء عن طرق أخرى لمراقبتهم.
بعض الآباء يغرسون الحذر عند الأطفال من خلال اقتراح البدائل، قد يطلبون من أطفالهم المشي بدلاً من الركض في الشارع، أو النظر دائماً في كلا الاتجاهين؛ للوقوف والسماح للسيارات بالمرور بدلاً من محاولة الركض أمامها.
بعض الآباء يختصر الأمر ويطلب من طفله -فقط- أن يكون حذراً!
هناك سبب يدعو الوالدين لدعوة أطفالهم في العادة بضرورة توخي الحذر، منذ صغرنا نسمع الطريقة العادية والروتينية للتحذير "كن حذرا"، ويبدو أنه لا يوجد خطأ في ذلك، إذ تمرر العبارة دائماً بنوايا حسنة، هذا هو السبب في أننا نطلب من الأطفال عادة توخي الحذر عند الانخراط في أنشطة قد تكون خطرة.
لكنّ اللغة الوقائية مثل "توخي الحذر" تكون مفيدة فقط عندما نشرّحها بدقة ، بالتالي فإن المصطلح البسيط "كن حذرا" لا يمكن أن يفي بالغرض.
"كن حذراً" تعني الكثير من الأشياء لدرجة أنها قد تفقد معناها
العبارة تحمل الكثير من المعنى، لدرجة أن تصبح بلا معنى، بدون أية تفاصيل أو إرشادات محددة، لا يعرف الأطفال ما يجب أن يكونوا حذرين منه، يجب تزويدهم بشرح لكل ما يحتاجون إلى توخي الحذر منه ولماذا، وإخبارهم بما سيحدث إذا لم يكونوا حذرين؟
بدون توضيحات دقيقة، قد يبدأ الأطفال في تصور كل شيء على أنه تهديد، الغموض في عبارة "كن حذراً" يُمكن أن يُترجَم ليكون حذراً في كل شيء من حوله، كل شيء خطر، و مع زرع هذه القيمة في سن مبكرة، قد يكبرون مع الاعتقاد بأن لا شيء آمن.
قد يتسبب ذلك في زرع المخاوف والضعف لديهم، وقد يرفضون المشاركة في الأنشطة البدنية؛ بسبب احتمال الإصابة الوشيك، كما أنهم لن يخرجوا عن منطقة الراحة الخاصة بهم؛ لأن كل شيء سيصبح مخيفاً للغاية بالنسبة إليهم.
بدون توضيحات دقيقة، قد يبدأ الأطفال في تصور كل شيء على أنه تهديد، الغموض في عبارة "كن حذراً" يُمكن أن يُترجَم ليكون حذراً في كل شيء من حوله
اللعب بأمان يعني المشاهدة من الخطوط الجانبية
يحتاج الأطفال إلى الحرية في ارتكاب بعض الأخطاء من تلقاء أنفسهم والتعلم منها، إذا جعلتهم يعتقدون أنّ لا شيء آمن، فإنهم سيعتقدون أن الطريقة الوحيدة للبقاء سالمين والبقاء على قيد الحياة هي تجنب المخاطرة بكل الوسائل الممكنة.
ولكن في حين أن السلامة مهمة، فإن تجنب المخاطر يمكن أن يضر بتطورهم، وعندما تحيطهم بالتحذير الدائم فقد يفقدون الكثير من الفرص.
من خلال التشديد على توخي الحذر دائماً، سيرغب الأطفال في المشاركة فقط في الأنشطة التي يعرفون أنها مؤكدة تماماً وخالية من المخاطر، لكن الحقيقة هي أنه لا يوجد شيء مؤكد، هناك دائماً مستوًى من المخاطرة بغض النظر عن مستوى الحذر الذي تفرضه.
من أجل المضي قدماً في الحياة، عليك تحمل المخاطر، الفرص ملازمة بشكل أساسي للمخاطر، هناك محاولات لن تنجح، ولكن هناك أيضاً محاولات ستنجح، أن تُعلّم طفلك أن يكون: "حذراً جداً" سيؤدي به التنازل عن استغلال الفرص، وهذا يمكن أن يمنعه من تحقيق النجاح، لن يأتي النجاح أبداً لأولئك الذين كانوا خائفين جداً من السعي خلفه.
إذا تربى الأطفال على الخوف دائماً من المجهول ولم يخاطروا إطلاقاً، فقد يُحكم عليهم بأن يعيشوا حياة متواضعة، لن يكون لديهم الطموح في السعي لتحقيق العظمة ، وبدلاً من ذلك، سيقضون حياتهم متمنين لو أنهم كانوا أكثر تصميماً، وسيأسفون على كل الفرص التي لم ينتهزوها.لن يأتي النجاح أبداً لأولئك الذين كانوا خائفين جداً من السعي خلفه
إذن كيف يمكن أن نحمي أطفالنا من المخاطر دون الإضرار بهم؟
قُد ولا تُحذّر
دع الطفل يتعلم كيف يكون حذراً، ولكن لا تجعله يخشى أن يسقط ، يحتاج إلى تعلم كيف ينهض مرة أخرى، كيف يزيل الغبار عن نفسه، ويمضي قدماً.عند تذكيره بالحذر، كن أكثر تحديداً، اشرح الموقف بوضوح، وما الذي يحتاج إليه بالضبط، لا تمنحه إحساساً غامضاً ومعيباً بالخطر، أخبره عن سبب خطورة النشاط، ولكن لا تحدّ من اختياراته، اسمح له بالانخراط في النشاط، اسمح له باكتشاف الحدود بنفسه وتطوير شعوره بالحذر.
لا حرج في عبارة "كن حذراً" ولكنها عبارة غامضة جداً، سيكون طفلك بحاجة إلى مزيد من المعلومات، يجب أن يعرف بالتحديد ما الذي يجب أن يكون حريصاً عليه، وما الذي قد يحدث إذا لم يكن حذراً.
إليك ما يمكنك قوله؛ لإعطاء أطفالك المزيد من الشرح:
كلمات ذات معنى أكبر
• استمر في التركيز على ما تفعله.
• احترس من الغرباء وامنحهم مساحة كبيرة.
• تحقق ممن حولك، تأكد من أن الجميع يستمتع.
• يرجى التحرك ببطء وبعناية بالقرب من ____.
• هذه الصخرة تبدو ثقيلة، هل يمكنك التعامل معها؟
• انظر حولك قبل رمي الأشياء!
• أثناء التسلق، هل تشعر بالأمان؟
• تأكد من وجود مساحة قبل الركض بعصاك.
• لا تركض بالقرب من حافة حمام السباحة.
• إذا تدحرجت لعبتك على الطريق، اتصل بشخص بالغ.
• أخبر أصدقاءك إذا كنت لا تحب طريقة اللعب.
• انتبه أثناء التسلق؛ كي لا تنزلق.
• خذ وقتك.
امنحه الحرية
إن الأطفال لن يستمعوا إليك دائماً، يحتاجون مساحة من الحرية للتعلم من بعض الدروس بأنفسهم، امنحهم حرية تجريب ذلك، أولئك الذين هم على استعداد لتحمل المخاطر هم الذين يسعون لتحقيق النجاح في وقت لاحق في الحياة.