يقال بأن "المرأة نصف المجتمع وتربي النصف الآخر"، لكني أقول "أن المرأة هي كل المجتمع" ، المرأة هي الأم، الزوجة، الأخت، الابنة، وكلاً لها دورها النضالي، لا شك أن المرأة لها دور بارز في جميع الميادين المختلفة، ولا أسمى من الأمومة.
ولكن مع احترامي لجميع نساء الكون بلا استثناء، إلا إني أعي وأدرك أن من تستحق اللقب الأسطوري (المرأة الحديدية) هي الفلسطينية، فتضحياتها رائعة، فلم نرها يوماً رغم ما تعانيه، مهزومة أو مكسورة ،بل تخرج من كل محنة بطاقة إيجابية كبيرة، وتستمر بعطائها الذي لا ينضب.
المرأة الفلسطينية فقدت الكثير، فقدت زوجها، ابنها، والدها، أخاها، مصدر دخلها، بيتها ... وفقدت الراحة وحُرمت من أبسط حقوقها، ولكن لم تفقد إصرارها وعزيمتها لمواجهة أي تهديد لكيانها وكيان أسرتها، واستطاعت التكيف مع الظروف، وتربية أولادها وتنافس نساء العالم في العلم والعمل والاختراعات وإخراج جيل مثقف متعلم، وظهر هذا في مستوى التعليم العالي ونسبة المتعلمين، مقارنة مع الدول المتقدمة.
وأيضاً يُضاف لرصيد المرأة الفلسطينية أن نسبة البكالوريوس لآخر إحصائية 22%مقابل 13%%للذكور، ولم يتوقف عملها على التربية والتعليم، بل كانت المرأة العاملة حيث شكلت النساء العاملات 27،6 %حسب معطيات الجهاز المركزي للإحصاء. وايضاً يفوق نسبة المتعلمات الذكور ب42،2مقابل 37،3 % فتمكنت من إدارة بيتها بجدارة بأقل الإمكانيات.
فهي تلك المرأة التي تحملت سنين عجاف، هي الأم التي احتوت أبناء نشؤوا في ظل حصار وفقر وانقسام مدمر، وهي الزوجة التي كانت تسند زوجها الذي قيدهُ واقع أليم فكانت دوماً هي من تحل وثاقه بالأمل والتحفيز، وهي الأرملة التي عاشت دورين وحافظت على بيتها من الانهيار ، وغيرها من نماذج مشرفة لتلك المضحية وما زالت مستمرة بالبناء مهما حاول الاحتلال أن يهدم ويشتت الأسر، فالحروب التي توالت على غزة وهي صامدة جعلتها في حالة طوارئ مستمرة، ولم يتوقف مخزونها الاستراتيجي التي جعلها تقدم فلذة كبدها لإبقاء جذوة المقاومة الفلسطينية مشتعلة في وجه العدو الصهيوني، فكانت خنساوات فلسطين أعظم مثال،(أم محمد فرحات، أم محمد الشيخ خليل، وأم أبو الوليد الدحدوح)، اللواتي قدمن ما لم تستطيع غيرهن تقديمة ، فتحية إجلال لأولئك العظيمات، لذلك يجب دعم حقها ووضع خطة للنهوض بالمرأة ومساندتها لتخطي المرحلة المأساوية الراهنة نفسياً وصحياً، واجتماعياً، واعطائها حقها بالمشاركة وليس بالتبعية، وأيضاً إنصافها في فرص التوظيف، وعدم هدر طاقتها بإدخالها لسوق العمل للتخفيف من حدة الفقر والوضع الكارثي الراهن، كما أن حملات التوعية والتثقيف في مجال حقوقها وتوجيهها إلى المبادرة لتكون حجر أساس في المجتمع، وأن يكون لها دور في وضع القرارات وليس تنفيذها فقط، ستكون لها وقع إيجابي، هل من حق تلك المرأة المضحية أن تكون على كرسي لوضع القرارات؟؟؟