في المقال السابق بدأنا الحديث عن منهجية اللغة، وتحدثنا بالفعل عن أول محور من المحاور وهو القراءة، وكذلك عن أهمية التكرار والاستمرارية. وفي مقال اليوم سنستكمل الحديث بإذن الله عن بقية المحاور، مع تفصيل في شرح المنهجية في كل محور لتيسير التطبيق.
2- الاستماع والمشاهدة:
أثناء الاستماع أو مشاهدة فيديو ما، فبالنسبة للمستوى المبتدئ نرشح استخدام الترجمة باللغة الأم لتحقيق أكبر استفادة ممكنة ، وفهم السياق العام واستخراج الكلمات، وتكرار الاستماع أو المشاهدة. أما بالنسبة للمستوى الأعلى (من يعرف في نفسه أنه يستطيع استيعاب الجمل والكلمات بكل أفضل)، فيمكنه استخدام الترجمة باللغة التي يتعلمها. وفي مستوى متقدم يمكن الاعتماد على الاستماع باللغة التي يتعلمها الإنسان مباشرة، واستخراج ما استعصى من الكلمات.كيفية التعلم من مشاهدة الفيديوهات:
يُفضَّل استخراج التعبيرات والمفردات، وعدم الاعتماد على الترجمة لأنها لا تكون دقيقة في أحيان كثيرة. فالأفضل استخراج التعبير والبحث عنه بنفسك. واستخدام القواميس يعتبر خيارًا أكثر فائدة لأن فيه أمثلة باللغة التي تتعلمها تعرض لاستخدام الكلمة، والاستخدامات الأخرى لها. في البداية، يُرجَّح الاكتفاء بفهم معنى الكلمة في السياق الحالي، وعدم قراءة جميع معاني الكلمة المذكورة في القاموس.
استمع عدة مرات للفقرة الواحدة قبل استخراج الكلمات. وحاول فهم المعنى من السياق أولًا لرفع مستوى التخمين والحس اللغوي. حيث قد يكون الإنسان في سياق لا يسمح له باستخراج المعنى الدقيق للكلمات، فسيعتمد على السياق بشكل أساسي.
استمع عدة مرات للفقرة الواحدة قبل استخراج الكلمات. وحاول فهم المعنى من السياق أولًا لرفع مستوى التخمين والحس اللغوي
استمع للفقرة كلها وليس لجملة جملة، وافهم موضوع الفقرة كله، وعلام يدور الكلام. فسياق الكلام يساعد في معظم الأحيان على معرفة معاني الكلمات والعبارت الجديدة غير المفهومة.
كرر العبارت والكلمات حتى يتم استيعاب النطق الصحيح. وحاول استخدامها في سياقات وجمل أخرى حتى تتقنها تمامًا.
وبالنسبة للكلمات استخرج معانيها فحسب. لكن إذا أردت تجميع شيء في دفتر والاحتفاظ به فلتكن العبارات. ذلك أن الإنسان حين يتكلم يستخدم عبارت وجمل وليس كلمات مفردة متفرقة. قم باستخراج جمل وعبارت كاملة (من الأكثر استخدامًا)، وبعد دراسة وفهم تركيبها، ابدأ في استخدامها في سياقات مختلفة.
إذا أردت تجميع شيء في دفتر والاحتفاظ به فلتكن العبارات. ذلك أن الإنسان حين يتكلم يستخدم عبارت وجمل وليس كلمات مفردة متفرقة
اسأل نفسك عن العبارة، وأضداد الكلمات، وإذا كنتَ تعرف كلمة أخرى استُخدمت بنفس المعاني راجعها واتطلع على الفروق بين الكلمتين ، وانظر إذا كان يمكن استبدال الكلمة الحالية بالكلمة التي تعلمتها سابقًا، أم أن لكل كلمة سياقها الخاص؟
ادرُس القواعد التي تمر عليك وتتبعها. وفي البداية بالذات لا داعي للتركيز على كل كلمة وتعبير سيما في الأزمنة. مثلًا إذا درستَ المضارع البسيط، تتبَّع تصريف الأفعال في هذا الزمن فحسب ومع كافة الضمائر أثناء الاستماع والقراءة، حتى تستوعبه وتفهم كيف يُستخدم في السياقات المختلفة.
كيف أعرف أن التعبيرات التي أستخرجها هي الأكثر استخدامًا فعلًا؟
1- ستجدها من العبارات المشهورة والموجودة في أي لغة حتمًا مثل: أين كنتَ؟ ماذا فعلتَ؟ هل أنت بخير؟
2- سترى أنها تتكرر في سياقات ومواقف مختلفة، وهذا سيتأتَّى بكثر الاستماع والتركيز في فهم السياق وكيفية استخدام العبارات.
3- الكتابة والمحادثة:
هما نتاج مجهود القراءة والاستماع. والشائع انتظار إتقان الاستماع والقراءة لبدء الكتابة والمحادثة، وهذا خطأ كبير. فلتبدأ المحادثة والكتابة بالقليل الذي تعلمته وهو سيتطور شيئًا فشيئًا مع كثرة الاستماع والقراءة.
المحادثة:
وهناك ثلاث طرق رئيسية يمكن من خلالها إجراء محادثة باستخدام اللغة الأجنبية:
التحدث مع النفس:
وهذه التقنية تعتمد على أنك ستفكر في موضوع ما ثم تبدأ التحدث فيه. ويمكن تجهيز الكلام بالعربية مع محاولة نقل الأفكار والمعاني لا الكلمات. وخطوة بخطوة سيتعلم الإنسان التفكير باللغة التي يتعلمها وليس باللغة الأم. أثناء الكلام ستخطر تعبيرات لا تعرف كيف تقال، فلا تقطع حديثك، وإنما اكتبها في ورقة للبحث عنها لاحقًا، واستمر في الكلام. ومن أفضل القواميس للبحث عن معاني أكثر العبارت والجمل المستخدمة هو "ريفيرسو" Reverso. فقاموس المعاني يتيح معاني الكلمات فحسب وبعض العبارت ولكن "ريفيرسو" متخصص في العبارات. فاكتب العبارة في القاموس وستظهر لك عدة عبارات (الأشهر استخدامًا) باللغة التي تتعلمها للعبارة العربية التي كتبتها.
تكرار ما تسمع:
في البداية قد لا يكون من السهل التعبير عما تريد وستفتقد في الغالب لكثير من الكلمات والتعبيرات . لذا من المُقترح أن تَقوم بتكرار ما تسمع من جمل وتعبيرات بصوت مرتفع. وهذا مع الإكثار من الاستماع، حتى وإن كان بدون تكرار شفهي، لأنه ـــ وإن لم ينتبه الإنسان ـــ فإن كثرة الاستماع تؤثر على المدى البعيد على جودة المحادثة وطريقة النطق.
في البداية قد لا يكون من السهل التعبير عما تريد وستفتقد في الغالب لكثير من الكلمات والتعبيرات . لذا من المُقترح أن تَقوم بتكرار ما تسمع من جمل وتعبيرات بصوت مرتفع
الحوار مع أحد أهل اللغة بغرض التعلم:
يفضل تجهيز موضوع للحديث عنه، واستخراج أبرز الكلمات التي سيتم استخدامها.
عدم التفكير كثيرًا قبل بدء صياغة الجملة.
الحرص على توصيل الرسالة أكثر من الدقة اللغوية. فمن الممكن أن يكون تصريف الأفعال صحيح من ناحية القواعد، ولكن مع ذلك قد لا يفهمكَ المُستَمع.
عدم الشعور بالإحباط عند عدم فهم الطرف الآخر لكلامك، ومحاولة استخدام تعبيرات مغايرة. وإذا كان هناك لغة مشتركة بين الطرفين فيمكن استخدامها للعثور على تعبير أدق: يعني مثلًا إذا كان كلا الطرفين يعرفان الإنجليزية، والطرف المُتعلِّم للغة فلنقل الأسبانية مثلًا يرغب في معرفة تعبير فيها، فليسأل عنه الطرف الآخر بالإنجليزية.
الكتابة:
ابدأ بترجمة شيء، أو اكتب في موضوع يروق لك، وانشره على مواقع تصحيح الكتابة ومن أبرزها وأفضلها "هاي نيتيف" Hi Native. واستخدم التعبيرات والكلمات التي تعلمتها ولا تؤلف في مرحلة البداية. وإذا أردت أن تعرف كيف يقال تعبير معين ابحث عنه أولًا مستخدمًا "ريفيرسو" أو "جوجل" Google، وإذا لم تجده اسأل حينها أهل اللغة على هذا موقع "هاي نيتيف". وأحد خيارات الأسئلة موجود فيه هو: كيف تُقال عبارة معينة بالشكل الصحيح (في لغة ما)؟
تعلم اللغة رحلة طويلة الأمد وتختلف صعوبتها بحسب اللغة التي يتم تعلمها ومدى تقاربها من اللغة الأم أو اللغات التي يعرفها الإنسان. ولكن بالتقنيات الصحيحة تسهل العملية التعليمية بإذن الله وتُؤتي ثمارها.