كي نجعلَ المعلِّمَ يؤمنُ بأهميةِ التَّخطيطِ للحصةِ التَّدريسية، لا بد أن نُشعرهُ أو أن يشعرَ هو بأهميةِ التَّخطيطِ في إطار أسرتهِ وحياته ككل، فكيف نطلب منه التَّمييز بين الهدفِ المعرفي والمهاري والوجداني، وهو لم يكتب ولا يعرف هدفًا شخصيًا واحدًا له في هذه الحياة؟
وكيف نبين له أهمية مهارة إدارة وقت الحصة وهو لا يعرف شيئًا عن إدارة وقتهِ هو أو كيفيَّة التعامل مع الرزنامة والأجندة اليومية والأسبوعية والشهرية والسَّنوية؟
وكيفَ نسردُ له استراتيجيات وطرقَ وأساليب التَّدريس المختلفة وهو لا يعرف كيف يتواصل مع أبنائهِ وزوجتهِ ويعرض أفكارهُ لمحيطه في المجتمع المحلي والعالم؟
وكيف نطلب منهُ التأمل في حصتهِ وتقييمها وتقييم طلابهِ وأخذ التغذية الراجعة، والتحسين والتطوير في أدائهِ، وهو لا يمارس ذلكَ في بيتهِ؟
وكيفَ نطالبه بكتابة ملاحظاته عن الحصة وتوثيق أعماله الورقية وغيرها، وهو لا يعرف التعامل مع الأدوات المكتبية كالملفات والعلامات الورقية (Notes marker) ومشابك الورق والقلم الفسفوري وغيرها . . .؟
وكيف يطالبُ هو طلابهُ بالقراءة وكتابة الأبحاث، وهو لا يمارس البحث والقراءة خارج إطار المؤسسة التعليمية؟
وكيفَ يُطالبُ بأن يكونَ نشيطًا وهو لا يمارس رياضة المشي في أحد شوارع منطقة سكناه؟
.
للأسف تتعذَّر بعض المؤسسات بعدم مسؤوليتها عن هذه الأمور، وأن دورها محصور فقط بالمهارات المباشرة اللازمة للمهنة. وإن سلمنا بذلكَ فعلى الأقل لابدَّ من التنويه للمعلمين ولو بالقليل عن هذه المهارات.
يمكن للمؤسسة التعليمية أن تقومَ بذلكَ أيضًا من خلالِ دوراتٍ وورشات عمل في إدارة المنزل وكتابة الأهداف بأفرعها الثلاث: الشخصية، الأسرية، والمهنية.
فعندما يشعرُ المعلم بأن المؤسسة التي يعمل بها يهمها مصلحتهُ وسعادتهُ وصحتهُ وإنارة الطريق له في حياته الأسرية كما المهنيَّة، بالتأكيدِ سيكونُ هذا أكبر حافزٍ له كي يثقَ بها ويعمل بجد وحب وهدف وبدونِ رقابة تجعلهُ يشعر بالتَّبعية والعبوديَّة.
لا بد أن يعرف المعلم كإنسان هدفهُ ورسالتهُ في هذه الحياة، وأن يؤمن بضرورةِ وجود معنى لحياتهِ، وهذا المعنى لا يكونُ في الأخذ، بل في العطاء. وبهذا العطاء سيأخذ دون أن يسعى لذلكَ، بقانون الطبيعة الأزلي المسمى بقانون الاستحقاق أو الجذب.
في المقابل، هناكَ من يخرج من إطار تحميل المسؤولية للمؤسسة التي يعمل بها، ويتبنى المسؤولية الشخصية عن كل ما يحدث له، هذه الفئة من المهنيين، نادرة جدا للأسف. لذلكَ ينبغي التَّدخل. وما ينطبق على مهنة التعليم هنا ينطبق على كل المهن.