الحرية وعدم وجود قواعد وقيود تجعل الأمور -في معظم الأحيان- تخرج عن السيطرة، ولا ريب أن كثيرين يعانون بسبب تبديد الوقت، وخصوصاً خلال العمل من المنزل، وقضاء كثير من الشباب والشابات المتخرجين -الذين لم يجدوا وظائف بعد– لوقت فراغ، والأمهات العاملات من المنازل، أو غير العاملات -واللاتي يرعين أطفالهن– لذا سنعرض في هذا المقال عدة نصائح لمساعدة هؤلاء على تنظيم أوقاتهم بشكل أفضل:
1. اجعل لنفسك دافعاً:
في الوظائف النظامية، والتي تخضع لساعات عمل، يجد الإنسان نفسه منظماً وملتزماً بساعات العمل بشكل تلقائي، بدون وجود دافع، وكذلك طالب العلم في المدرسة أو الجامعة، ومن التحق بدورة تعليمية ما، أما من يعمل من المنزل أو يعلّم نفسه تعليماً ذاتياً، فهو يفتقد إلى الجانب التنظيمي والإداري الذي يدفعه لتنظيم وقته وتأدية العمل ، فيجد الإنسان نفسه يؤجل العمل والدراسة بالأسابيع والشهور، فاحرص أن تجعل لنفسك دافعاً، وذلك بأن تسأل نفسك عن الهدف الذي ستحققه بعمل ما، أو تحصيل علم معين أو لغة بعينها، ولا بأس في تجديد النية من حين لآخر؛ كي يقوى الدافع ويستمر.
2. احرص على الترفيه:
إذا لم يتيسر لك الخروج من المنزل إلا نادراً، فاحرص على عمل استراحات بين ساعات العمل والدراسة، وهذا غير استراحات الوجبات اليومية ، خصص استراحة لذكر الله، وأخرى لممارسة الرياضة -إن كان الأمر متيسراً في المنزل- أو مشاهدة فيلم، أو قراءة كتاب؛ فهذا التجديد والتنويع في الأنشطة يقلل من الشعور بالملل ويدفعك لمزيد من الإنجاز والإنتاج.
3. لا تَضِق من التأجيل:
قضاء الوقت في المنزل يدفعنا كثيراً للاستجابة لأهوائنا، وكما أن لهذا الأمر جانب سلبي لكثرة تأجيل الأعمال، فهو كذلك له جانب إيجابي، وهو حريتك في عمل ما يروق لك -طالما لم تؤجل عملاً أكثر عجلة وأهمية- منه، وطالما أنك -خلال اتباعك لهواك- لم تمل الأولويات، كذلك فتأجيل بعض الأعمال لا ضرر فيه طالما أنك مدرك لهذا التأجيل، وما دام لهذا العمل المؤجل وقت محدد تخطط لإنجازه فيه، فمثلاً، إذا كان في خطتك تعلم لغة ما، ولكنها ليست من أولوياتك الآن وأنت مشغول بعمل آخر، فلا بأس بالتأجيل حتى موعد معين -حبذا لو حددته- فهذا النوع من التأجيل لا بأس به، ويُفضل تأديته تبعاً للأولويات، أما التأجيل من باب الكسل والتسويف فهذا هو ما يجب التخلص منه.
تأجيل بعض الأعمال لا ضرر فيه طالما أنك مدرك لهذا التأجيل وما دام لهذا العمل المؤجل وقت محدد تخطط لإنجازه فيه
4. كن مرناً في جدولك:
قضاء الوقت في المنزل يختلف عن جو العمل تماماً؛ ففي مكان العمل لن يمنعك شيء عن تأدية عملك ومهامك طَوَال الوقت، أما في المنزل فقد تطرأ ظروف، مثل: زيارة مفاجئة، أو "مشوار" مستعجل، أو انقطاع للكهرباء... إلخ، فاجعل لديك دوماً خططاً بديلة؛ إذا لم يتيسر الاتصال بالإنترنت، لتكن لديك بعض الكتب للقراءة؛ كي لا يضيع الوقت هباءً ، وإذا ضاق الوقت في يوم حددت فيه دراسة اللغة بالقراءة في كتاب للقواعد، فاستبدله بسماع محاورة أو فيديو بتلك اللغة، ولا يَحْزُنك استبدال الخطط طالما كانت كلها في خطة أعمالك في الفترة الحالية، المهم هو استغلال الوقت قدر الإمكان بغض النظر عن نوعية النشاط.
لا يَحْزُنك استبدال الخطط طالما كانت كلها في خطة أعمالك في الفترة الحالية، المهم هو استغلال الوقت قدر الإمكان بغض النظر عن نوعية النشاط
5. نوع الأنشطة:
احرص على تنويع الأنشطة؛ لكسر حاجز الملل، فخاصة مع الجلوس الطويل في المنزل قد لا تكفي الاستراحات اليومية القصيرة لكسر هذا الحاجز، فسيكون من الأفضل تنويع النشاطات، فإذا كنت تتعلم لغة ما، فاحرص على قراءة كتاب في موضوع مختلف تماماً للتنويع، وإذا كنت تعمل في الترجمة أو الكتابة، فنوّع نشاطك بالاستماع لفيديو مفيد في موضوع مختلف عما تقرأ وتترجم، وهذا التنويع في الأنشطة لا يكسر حاجز الملل فحسب ولكنه كذلك يوسع المدارك ويزيد النشاط ويشحذ الدافع، كما قد يجعل الإنسان يكتشف مواهب أخرى عن نفسه لم يعرفها من قبل .
يخشى الكثيرون البقاء الطويل في المنزل لئلا تضيع أوقاتهم وأعمارهم، والحقيقة أن البقاء في المنزل سواء للعمل أو الدراسة قد يكون خيراً وأكثر فائدة من العمل النظامي إذا اتبع الإنسان التقنيات الصحيحة لاستغلال وقته وطاقته، وبالتالي لن يغدو المنزل مكاناً للمكتئبين والكسالى والعاطلين عن العمل -كما هو الحال مع الغالبية العظمى للأسف- وإنما سيصير كذلك ملجأ لمستغلي أوقاتهم والمثابرين والعاملين والدارسين.