كيف تحمي ابنك من التنمر؟ (1-2)

الرئيسية » بصائر تربوية » كيف تحمي ابنك من التنمر؟ (1-2)
التنمر عند الأطفال how do you can address and stop bullying التنمر البلطجة 1

الأسباب النفسية والمجتمعية والاقتصادية التي تؤدي إلى البلطجة –أو التنمر (وهذا هو اسمها الألطف) كما يسميها الكثيرون– تجعل الأمر غريباً جداً حين نتحدث عن الأطفال، لكن الجدير ذكره هو: أن التنمر يعدّ مشكلة أزلية أظهرتها التكنولوجيا –وإن كان المصطلح جديداً أو مستحدثاً- تحدث في المدارس والأسواق وخطوط سير السيارات وفي المواصلات العامة والمساجد –أيضاً للأسف- والمشافي والملاعب وفي كل مكان يمكن أن نتخيله ونذهب إليه!

وقد انتشرت تلك الظاهرة بشكل ملحوظ في مجتمع الأطفال وتجمعاتهم بنسبة وصلت إلى 28% بين تلاميذ الصفوف السادس إلى الثاني عشر -حسب دراسات أجريت أخيراً- فرضت نمطاً من التربية يجب على الوالدين أن يتبعاه مع طفلهما، وإضافات يضيفانها إلى الخطة التربوية التي يضعانها لتنشئة ابنهما؛ لأن المعلمين –والطاقم المدرسي والهيئة التدريسية عموماً– يسهمون كثيراً في تثبيط محاولات التنمر، وتقليل مقدار البلطجة أو التنمر، إلا أن التلميذ يقضي الوقت الأطول بين والديه وأهله.

وتترك البلطجة / التنمر آثاراً غاية في السوء على نفسيات الأطفال، مثل: الخوف، الإجهاد، الاكتئاب، القلق، التفكير في الانتحار والتخلص من الحياة، إيذاء الذات، تقلب المزاج، انخفاض الطاقة، مشاكل في النوم، توتر الشهية، مشاكل مدرسية وتراجع في أداء الواجبات... إلخ.

تترك البلطجة / التنمر آثاراً غاية في السوء وقد تؤدي إلى التفكير في الانتحار والتخلص من الحياة، إيذاء الذات، والتراجع في أداء الواجبات

ومظاهر التنمر كثيرة ومختلفة ولا تقتصر على المدارس، بل تتعداها إلى العمل؛ فالإساءات اللفظية والشكاوى الظالمة تنمّر وبلطجة، الموظف الذي يؤذي زميله في رزقه تنمر أو بلطجة، مثلهما المدير الذي يستخدم منصبه لقهر الموظف يدخل تحت مظلة التنمر... وغير ذلك.

ولعل من المهم الإشارة إلى أن نسبة النساء في التنمر تزيد عن نسبة الرجال بحوالي 20%؛ لأن النميمة والشتائم المتكررة والغيبة... وغيرها من مظاهر الإساءة تدخل ضمن إطار التنمر، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وانفتاح الأطفال عليها، بات من الضروري غرس قيم فيهم تجنبهم ذلك السلوك السيئ؛ فلا يفعلونه.

وقد تستهدف البلطجة / التنمر عدة أشياء، مثل: الدين أو العرق، المظهر، اللون، السلوك، الحالة الاجتماعية، الشهرة، الحالة الصحية.... وغيرها الكثير!

وتكون البلطجة/التنمر بعدة أشكال: جسديّ (بالضرب) لفظيّ (بالتنابز والشتيمة) نفسيّ (بالمقاطعة وترويج الشائعات) جنسي (بالتحرش والاعتداء) التسلط التكنولوجي (بالملاحقة والشتيمة والشائعة وكل ما سبق من أشكال ولكن عبر السوشيال ميديا).

ومن أسوأ عيوب البلطجة أو المتنمرين، أن الشخص غير المتمرّس لا يمكنه التعرف عليهم بسهولة؛ إذ يتخفّون في أكثر من ثوب : العدواني، الهادئ الخبيث، صاحب المودة المزيفة، الصديق الخائن، المتسلل للحياة بخبث، من يتقصّد التقاط أسرار الناس، ولأن المتنمرين لا يمكن تمييزهم بسهولة فيجب أخذ الحذر وتربية الطفل بطريقة تجعله في دائرة أمان.

ولعل أحد أهم الأسباب التي تدفع بالشخص إلى التنمر هو وجود مشاعر سلبية يشعر بها الطفل، كاليأس والإحباط، ولا يمكنه التعامل معها، فيغطي ضعفه تجاهها بالتنمر .

كيف نفرق بين البلطجة / التنمر ... وبين الأذى أو المضايقة العادية؟

الفرق بينهما يتحدد بعدد المرات وكيفيتها وفي نيّة المتنمر: فالأذى يمر مرة واحدة وقد لا يتكرر أبداً، أما التنمر أو البلطجة فيعززها التكرار وتقصّد الإيذاء، لذلك وجبت دراسة الموضوع بشكل متعمّق؛ لكي يستطيع الوالدان تهيئة الطفل لهذه الأجواء.

والتنمر / البلطجة لها ثلاث خصائص:

- القصد: البلطجة لا تأتي مصادفةً، أو خطأً؛ فالبلطجي أو المتنمر يتعمّد إلحاق الألم بالآخرين والتسبب بالأذى النفسي والجسدي لهم، بالكلمات أو الضرب أو السلوكيات المؤذية.

- التكرار: إذا لم يتكرر فعل الإيذاء النفسي أو الجسدي من المحيطين قد لا يدخل دائرة البلطجة؛ ففي هذه الحالة قد يكون انفعالياً عرضياً، وليس أصيلاً في نفس الفاعل .

- القوة: التنمر يتسبب بأذى قوي نفسياً أو جسدياً، ومن المرجّح أن الذكور يتعرضون للبلطجة/ التنمر الجسدي أكثر، بينما الإناث تجاربهن أكثرها نفسية، لكن الأمر لا يخلو من وجود البلطجة الجسدية لدى الإناث والنفسية لدى الذكور!

البلطجي أو المتنمر يتعمّد إلحاق الألم بالآخرين والتسبب بالأذى النفسي والجسدي لهم، بالكلمات أو الضرب أو السلوكيات المؤذية

والبلطجة هي نمط سلوكي وليس حادثاً معزولاً، أو طارئاً؛ لأن الأبحاث تكشف عن أن المتنمرين يكونون من فئات محددة في أغلب الأماكن والحالات  – حسب الدراسات المتخصصة أيضاً - مثل: الأطفال القادمين من عائلات ذات مراكز اجتماعية مهمة، أو الأطفال المدللين جداً، أو أبناء الأغنياء، وأبناء مهملين لأمهات وآباء مشغولين... للأسف!

أماالأطفال المعرضون للتنمر هم من أسر فقيرة أو مجتمعات مهمشة في الأغلب، أو أطفال ذوو إعاقات حركية، أو أطفال لديهم جنسيات وهوية مختلفة عن الآخرين، أو أطفال مهاجرون ولاجئون، وأطفال ذوو أعراق وألوان مختلفة أيضاً .

كيف تكتشف ما إذا كان طفلك يتعرض للتنمر؟

إذا كان طفلك لا يصارحك فعليك الانتباه إلى الكثير من العلامات والتصرفات ومراقبة سلوكه وحالته لكي تتخذ الإجراء اللازم في أسرع وقت، انظر بتمعّن، وراقب حالته العاطفية؛ لأن الأطفال لا يستطيعون التعبير عن مخاوفهم بسلاسة وسهولة، ويجب أن تقلق إذا لاحظت تكرر العلامات التالية:

1. وجود علامات غير طبيعية على جسم الطفل كالخدوش، الكسور، الكدمات غير المفسّرة.

2. فقد أو تدمير وإتلاف الممتلكات الخاصة به في المدرسة: كالقرطاسية والملابس والإلكترونيات.

3. القلق والعصبية والحذر الشديد الذي يجعله يرتعب مع أية مفاجأة أو لمسة وإن كانت حانية.

4. تكرار السؤال عن الوضع المالي وسبب الفقر أو قلة المال، وطلب المزيد من المال بالقدر الذي يزيد عن احتياجه.

5. الخوف من الذهاب للمدرسة، ورفض المشاركة في الأنشطة المدرسية.

6. تراجع المستوى التحصيلي في المدرسة.

7. تكرار التغيّب عن المدرسة أو الاتصال بك خلال الدوام وطلب قطع الدوام الدراسي والعودة للبيت.

8. قلة الأصدقاء في المدرسة وخارجها، أو التخلي عن الأصدقاء وفقدانهم فجأة.

9. الشكوى الدائمة من صداع، أو آلام في المعدة، أو أمراض جسدية أخرى متكررة.

10. الكوابيس وقلة النوم أو النوم القلِق وغير المريح.

11. الشعور المفاجئ بالأسى بدون مبرر مقبول ومعقول، سواء لاحظت هذا الشعور بعد عودته من الخارج أو بعد قضاء وقت على الإنترنت.

12. السرية غير المنطقية، ومحاولة إغلاق كل شيء عنك، بالذات هاتفه المحمول وحساباته عبر منصات التواصل الاجتماعي، وخوفه من انكشاف شيءٍ ما.

13. العدوانية المفاجئة، والعنف الذي ليس في أصل شخصيته وسلوكه، والغضب بدون أسباب منطقية.

14. التغيّر المفاجئ تجاه إخوته أو أحد والديه ورفض التعرف على أناس جدد، أو مقابلة الأقارب ومشاركة الزيارات العائلية.

15. العزلة وكثرة الشكوى من الصوت المرتفع وطلب التعاطف في أشياء بسيطة ولم يكن يشكو منها سابقاً، وعلى العكس أيضاً قد يرفض بشدّة الاختلاط والاحتضان والتلامس الجسدي مع الأهل والأقارب والتعاطف المعنوي بعد أن كان يقبلها ويسعد بها.

السلامة النفسية والعقلية والجسدية، تعتمد على ما يعيشه الطفل بين أسرته وتتطلب الأجواء الهادئة والمحبّة والاحتضان الحقيقي جسدياً ونفسياً

السلامة النفسية والعقلية والجسدية، تعتمد على ما يعيشه الطفل بين أسرته أولاً، وتتطلب الأجواء الهادئة والمحبّة والاحتضان الحقيقي جسدياً ونفسياً، وتحقق المستقبل الباهر للأطفال، ولذلك فإن من واجب الوالدين مراعاة حاجة الأطفال للاستقرار وتحقيقه عائلياً؛ لأجل سلامتهم .

معلومات الموضوع

مراجع ومصادر

  • https://www.unicef.org/end-violence/how-talk-your-children-about-bullying
  • https://www.medicinenet.com/bullying/article.htm
  • https://kidshealth.org/en/teens/bullies.html
  • https://www.psychologytoday.com/us/basics/bullying
اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة فلسطينية من قطاع غزة، تحمل شهادة البكالوريوس في علوم المكتبات والمعلومات، وعدة شهادات معتمدة في اللغات والإعلام والتكنولوجيا. عملت مع عدة قنوات فضائية: الأقصى، القدس، الأونروا، الكتاب. وتعمل حالياً في مقابلة وتحرير المخطوطات، كتابة القصص والسيناريو، و التدريب على فنون الكتابة الإبداعية. كاتبة بشكل دائم لمجلة الشباب - قُطاع غزة، وموقع بصائر الإلكتروني. وعضو هيئة تحرير المجلة الرسمية لوزارة الثقافة بغزة - مجلة مدارات، وعضو المجلس الشوري الشبابي في الوزارة. صدر لها كتابان أدبيان: (وطن تدفأ بالقصيد - شعر) و (في ثنية ضفيرة - حكائيات ورسائل).

شاهد أيضاً

لا تنظيم بلا التزام: كيف نحمي صفنا من الداخل؟

لا يمكن لأي مؤسسة أو شركة أو حتى جمعية صغيرة أن تحقق النجاح والاستمرارية ما …