تحدثنا في المقال السابق عن كيفية اكتشاف تعرض الابن للتنمر أو البلطجة وعن مظاهرها وأسبابها، آثارها ومشاكلها ونتائجها، وسنتحدث في هذا المقال عن كيفية إصلاح ذلك سواء كان الابن ضحيّة للتنمر أو متنمراً وعنيفاً.
لا يجب أن تمر شكوى الابن من مضايقات زملائه أو رفقاء اللعب أو رفقة الطريق، خصوصاً إذا تكررت الشكوى؛ ففي السطور التالية سنشير إليك بمقترحات تساعدك في توعية ابنك وحمايته وتقوية شخصيته، للتصدي والتعامل مع هذه الممارسات المزعجة.
طرق تجنّب التنمر وما يجب أن تشرحه لابنك لكي توجهه:
1. اشرح لابنك وتحدث معه عن التنمر: لكي يستطيع الابن مواجهة شيء يجب أن يعرف كنهه ويعرف أنه خطأ؛ كي لا يظن أنه طبيعي ولكي يتفاعل معه كما يجب، ولو بإبلاغك عما يحصل!
2. علّمه التجاهل: يجب على الوالدين أن يعلما الطفل أن التجاهل والتسامح ليس ضعفاً بل حكمة!
3. انصحه بمصادقة شخص ما: انصح ابنك دوماً بالبقاء ضمن مجموعة أصدقاء، أو -على الأقل- مع صديق واحد؛ لكي يتقي شر الأطفال المتنمرين؛ فهم يتسلطون على من يجدونه وحيداً أكثر من غيره.
4. عزز ثقته بنفسه: دورك كأب / أم هو أن تبني نفسية طفلك، وتنشئه بطريقة ونمط يجعلانه قادراً على مواجهة المجتمع، زد ثقته بنفسه كلما وجدتها تتضاءل، ادعمها كلما تراجعت، أخبره بأنك تحبّه وتصدقه، وبأنك سعيد به، اسأله بين وقت وآخر: "كيف يعاملك زملاؤك؟"؛ لأنه – بما مثل أغلب الأطفال– سيخجل من الاعتراف بأن أحداً يخوّفه أو يتعرض له بالأذى، ولحل ذلك لا تتردد في إقحام طفلك منذ نعومة أظفاره في مجتمع التدريب على المهارات الاجتماعية المختلفة ومن بينها القدرة على التعبير عن الذات، وامنحه الحب والأمان ليثق بك ويخبرك بما يحصل معه أولاً بأول.
5. علمه أن يمشي باعتزاز منتصب القامة فارداً منكبيه؛ فلغة الجسد -بمشيته تلك- توصل رسالة قوية لمن ينوي التنمر بأن هذا الشخص لا يمكن أن يكون ضحيةً له!
6. درّبه على الردود الواثقة القوية المسكتة التي تأتي في محلها تماماً، فيرد على المتنمرين وهو يظهر لهم أنه راض عن نفسه (ولو لم يكن ذلك بنسبة 100%).
7. انصحه بأن يساعد أي شخص يتنمر عليه آخرون؛ ليكون قدوة إيجابية، ولكي يُطَمئن الضحية ويساعده وقد يوقف التنمر بشجاعته وثقته، واطلب منه أن يجرب التحدث إلى المتنمّر بطلب الكف عن البلطجة؛ لأنها سلوك خطير وضار وقد يُنَفّر الجميع منه، فالتنمر له ثلاثة أطراف: الجاني، الضحية، والمارّة، وبإمكان الطفل أن يوقف الاعتداء أو يمنعه إذا لم يكن ضحية له، سواء بحماية الضحية أو التحدث مع الجاني أو جمع المارة ليحولوا دون الأمر.
للتنمر ثلاثة أطراف: الجاني، الضحية، والمارّة، وبإمكان الطفل أن يوقف الاعتداء أو يمنعه سواء بحماية الضحية أو التحدث مع الجاني أو جمع المارة ليحولوا دون الأمر
8. كن أنت نظام الدعم الموثوق له: وجودك في حياة طفلك كوالد مساند وداعم، هو مهم جداً للتعامل مع آثار التنمر عليه، طمئنه وأخبره بأن الوضع سيكون غداً أفضل وبأنه يمكنه التحدث إليك في أي وقت وعن أي شيء.
9. تحدّث مع المعلم وإدارة المدرسة: فإنك لست ملزماً بمواجهة الموضوع مع طفلك (وحيدين) ومن باب أولى أن تحميه المدرسة وتتعامل مع الأطفال المتنمرين بسياستها السلوكية والأخلاقية، ولو لم يتعرض طلبك للبلطجة داخل المدرسة فاستعن بالمعلم أو المرشد الاجتماعي الطلابي ليساعدك في إيجاد حلول والتعامل مع المشكلة لحماية طفلك إذا تعرض للتنمر.
10. أعطه الأمان وأخبره دوماً بأنك تحبّه وتصدقه: أشعره بأنه مدعوم وبأنك تسانده وتحبّه وستكون سنداً له على الدوام، لا تبحث عن السبب قبل أن تخبره بأنه ليس مخطئاً، وتخبره أيضاً بأنك ستبذل قصارى جهدك لمساعدته.
11. يمكنك ضمه إلى برامج تساعد الأطفال في إيقاف العنف ومنعه، والوساطة بين الأقران والزملاء المتخاصمين، وبين المتنمر والضحية.
12. كن قدوة لابنك وجزءاً مهمّاً من تجربته في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي: احرص على أن تكون قدوة صالحة له أولاً في ردودك وتعاملك مع الناس، وتجنّب التنمر وحفظ حقوق الآخرين، وكيفية التعامل مع المتنمرين ومحاولة إسداء النصح بالإضافة إلى موافقة أقوالك لأفعالك في الواقع وعبر منصات التواصل الاجتماعي، كما أن الجانب الآخر من دورك في حمايته من التنمر الإلكتروني عبر السوشيال ميديا يكمن في توجيه النصائح والإرشادات متى طلب مشورتك، ولا تنس توجيهه إلى المنصات والأماكن التي تناسبه وكيفية استخدامها وخطورتها وكيفية مواجهة تلك الخطورة، وتطبيق جميع النقاط السابقة على التعاطي مع التكنولوجيا.
ماذا تفعل لو كان طفلك عنيفاً أو متنمراً؟
راقب سلوك طفلك، وحاول الاقتراب من أصدقائه وأبناء العائلة الذين يختلط بهم، واسأل بذكاء ولاحظ سير العلاقات، ولا تتردد في التدخل حال لاحظت أي شيء غريب!
واعلم بدايةً، أن الطفل المتنمر ليس سيئاً بطبيعته –كما أشرنا سابقاً– لكنه يعاني من شيءٍ ما، نقصٍ ما، ويحتاج لتحقيق الانتماء والاستقرار النفسي، ونيل اهتمام الوالدين والمحيطين في أي مجتمع يدخله، وهو بالتنمر أو البلطجة يحاول تعويض هذا النقص؛ وفي الحقيقة إن المجرمين والمستبدين يكونون شهوداً أو ضحايا للعنف في منازلهم أو مجتمعاتهم، غالباً!
الطفل المتنمر ليس سيئاً بطبيعته لكنه يعاني من نقصٍ ما، ويحتاج لتحقيق الانتماء ونيل اهتمام الوالدين والمحيطين؛ لتعويض هذا النقص
إليك الخطوات التالية لضبط سلوك ابنك وتجنيبه اللجوء للتعبير عن احتياجاته بإيذاء الآخرين:
1. كن القدوة الأولى، والمثال الذي يحتذى لابنك، والمعلّم الأول، بسلوكياتك، أخلاقك، أقوالك وردود أفعالك؛ لأنك البطل الأول في عينه وهو يقلّدك بشكل تلقائي غير واعٍ.
2. تحدث لطفلك بصراحة عمّا يدور في عقله، وما يعتقد بأنه سلوك صحيح، أو سلوك خاطئ، أو أنه جيد وسيئ، حاول دوماً أن تترك جسور وقنوات التواصل بينك وبين أطفالك مفتوحة؛ كي يشعروا بالراحة ويلجؤوا إليك قبل تراكم المشاكل وانحدارهم نحو الخطر.
3. اقض مع طفلك أكبر وقت تستطيع قضاءه معه، أخبر طفلك على الدوام أنه لطيف وجميل، أنك تحبه وتثق به وتصدقه، وبأنك ستكون أسعد الناس به إذا كان صديقاً لك وصارحك بما يشعر به تجاه الناس والأشياء، بادره بمصارحتك إياه بأشياء لا تشكل خطورة وحساسية ولا تؤذي شخصيته، وتحدث مع مختص ليساند جهدك حتى تتخلص من تلك المشكلة تماماً.
يمكنك اللجوء – بالطبع – إلى متخصص في الصحة العقلية والنفسية أو مرشد نفسي خبير؛ للتعامل المباشر مع ابنك، أو لمساعدتك في التعامل مع المشكلة ودرّب الطفل كما يلي:
1. اطلب من طفلك شرح السيناريو والتعبير بحرية عن أفكاره وما دفعه للتصرف بهذا السلوك، وقدّم حلولاً أخرى منطقية ولطيفة وبناءة كان بإمكانه فعلها بدلاً من العنف.
2. شجع طفلك على وضع نفسه مكان الآخرين، واسأله إذا ما كان هو الضحية فهل سيرضى بأن يتنمر عليه الآخرون؟
3. فهّم طفلك دوماً بالتجربة أن التخويف والإرهاب هو أسلوب مرفوض مجتمعياً ودينياً وقد يعود عليه بكراهية الجميع لصحبته ومرافقته.
4. ذكر طفلك على الدوام أن التنمر التكنولوجي هو شيءٌ مؤلم جداً مثل التنمر في الواقع.
5. امنحه فرصة لتعديل سلوكه، وحذره من العقاب – غير العنيف - إن لم يلتزم.
6. شجّع الطفل على الاعتذار للآخرين إن أخطأ بحقهم، ودرّبه بشكل شخصي ومباشر؛ ليكون أفضل مستقبلاً.
أخيراً،
أقترح عليك فتح قنوات ومدّ جسور دائمة للتواصل مع المدرسة والمسجد والأقارب وجميع المجتمعات التي يختلط بها طفلك؛ لكي تحاول تعديل سلوكه كما يجب.
وإذا كان لديك ما تقدمه للقضاء على مثل تلك الظواهر فلا تتردد بالكتابة عنها وتكرار المشاركة في منصات التواصل الاجتماعي، شارك في الحملات التوعوية والمناهِضة للبلطجة والتنمر؛ لإيصال الصوت إلى صناع القرار المحليين والوطنيين؛ بهدف فرض سياسات تعاقب الإجرام والبلطجة والتنمر، وتعالج المرضى منهم؛ لكي تكون جزءاً أصيلاً في توفير السلام والاستقرار للمجتمع.
كتب ذات صلة بالموضوع
معلومات الموضوع
مراجع ومصادر
- https://www.unicef.org/end-violence/how-talk-your-children-about-bullying
- https://www.medicinenet.com/bullying/article.htm
- https://kidshealth.org/en/teens/bullies.html
- https://www.psychologytoday.com/us/basics/bullying