كيف تشن الحرب علينا يومياً؟ (2)

الرئيسية » بصائر تربوية » كيف تشن الحرب علينا يومياً؟ (2)
brain-psychology-mind-ss-1920

ما بين استيقاظك صباحاً ونومك ليلاً تشن عليك حروب عديدة باستراتيجيات وتقنيات كثيرة، لكل منها غرضه ولكل منها هدفه، ويقف خلف كل منها مصدر مختلف، ولذا وجب عليك أن تكون على وعي كامل بكل ما يدور حولك كي تحفظ وتحافظ على نفسيتك ومن تحب من نتائج تلك الحروب.

وفي هذه السطور سوف نعمل على توضيح أسس وركائز الحرب النفسية.

أسس وركائز الحرب النفسية:

- الهجوم خير من الدفاع: يعتمد قادة الحرب النفسية على هذه الركيزة في تحقيق أسرع وأفضل نتائج لها؛ فبمبدأ الهجوم خير من الدفاع تشن عليك يومياً هجمات تلو هجمات، تستهدفك كمواطن داخل أحد المجتمعات، أو كفرد من مؤسسة، أو كمشاهد لإعلان، في النهاية أنت معرض للهجوم المتتالي للحروب النفسية، وهذا المبدأ لا يقاوم، ويضاد إلا بمبدأ (رد الفعل القوي والمفاجئ أقوى من الفعل نفسه) وعليه إذا ما وجهت إليك هجمة فلا بد أن تكون رد فعلك أقوى من الهجمة نفسها، ولذا فإن الأمر لا يعتمد على الفعل فقط، بل على رد الفعل السريع والمؤمن والقوي.

- سرعة تقديم الحقائق: وهذا يعني المبادرة في تقديم تلك الحقائق، وبناء على هذه المبادرة تتاح لك فرصة نسج أو تكييف الطريقة التي تقدم بها تلك الحقائق للجمهور، ولهذا قد تقدم لنا الكثير من الحقائق ولكن بالكيفية التي يريدها أعداؤنا، أو المصدر الذي قدم تلك الحقائق وبادر بها، فليس معنى تلقيك للحقيقة أنك خارج دائرة الاستهداف النفسي لأعدائك، ولكن ما هو الشكل الذي استُخْدِم في تقديم تلك الحقائق، وما هو الكم الآخر المصاحب للحقائق من معلومات أخرى قد تكون زائفة وغير حقيقية، لكنها استقبلت تحت وطأة تلقي الحقيقة.

- المنطق الرصين والبعد عن الغوغاء: فالعشوائية في قيادة الحرب النفسية أمر سيئ للغاية، وقد يكون كارثياً وغير مفيد لمن يقودها بهذا، ولكن التخطيط الجيد وحسن إدارة الحرب النفسية يعدّ من أهم الأسس التي تقوم عليها الحروب النفسية، وهذا لا يمنع من الارتجالية والعشوائية المدروسة بتخطيط واحترافية عالية.

التخطيط الجيد وحسن إدارة الحرب النفسية يعدّ من أهم الأسس التي تقوم عليها الحروب النفسية، وهذا لا يمنع من الارتجالية والعشوائية المدروسة بتخطيط واحترافية عالية

- التوازن ما بين الميدان و(النفسية): فعلى القائمين على إدارة الحروب النفسية تحقيق التوازن ما بين العمل الميداني (والذي يستخدم كأحد أدوات الضغط النفسي) وبين الحروب النفسية بأنواعها: كدعايات أو شائعات أو غسيل أدمغة، فكي أبرهن على صحة ما أقول، لا بد أن يكون هناك صدى فعلياً للأمر.

- مساحة الغموض وحالة الفضول: وهنا يعتمد القادة المحترفين للحرب النفسية على إيجاد مساحة من الغموض وإنشاء حالة من الفضول لدى المجتمع أو الأفراد المستهدفين، ومثل هذه المساحة أو الحالة من الفضول والغموض تساعد في انتشار وإحداث أكبر قدر من التأثير النفسي والذي يساعد في تحقيق النتائج المطلوبة من الحرب النفسية.

- البعد عن العقائد والثوابت: وكذلك يحذر المهاجمين من اللعب أو المساس بالعقائد أو الثوابت لدى المجتمعات المستهدفة، إلا في نطاق خطة ودراسة هادفة وفق مدة زمنية طويلة ، وفترة زمنية طويلة؛ لكي يستطيعوا تحويل الثابت إلى متحرك، ومن ثم القدرة على تغيير هذه الأفكار والعقائد بعدما تحولت إلى متحرك، ولكن يصعب عليهم المساس بها أو الاقتراب منها ما دامت ثابتة؛ فمثل هذه الخطوة تسبب للمهاجم متاعب كثيرة ومقاومة عتيدة لما يقوم به ومن أمثلة العقائد الثابتة: (الدين وما يتعلق به – العادات والتقاليد الراسخة – الحقائق العلمية المجربة داخل المجتمع).

- امتلاك أدوات التأثير المختلفة والمتنوعة: وهذه من أهم الركائز والأسس؛ فلا أفكار تنتشر ولا آثار دون أدوات تساعد على انتشارها، ومثل هذه الأدوات لا بد أن تمتلك المصداقية وسط تلك المجتمعات، ومن أمثلة تلك الأدوات: (المساجد – الشخصيات العامة – أدوات ومواقع التواصل المختلفة – المدارس والجامعات – النوادي – التلفاز والإذاعة - الصحف).

- الحديث عن الشأن الاقتصادي: وبطبيعة الحال فإن الحاجيات الفسيولوجية تأتي في مقدمة الحاجيات الإنسانية الأساسية والضرورية فلا حديث مشوق يسبقها ولا كلام ولا موضوع أهم منها في أحاديث الناس ومجالسهم؛ فمن يمتلك القدرة على إثارة الشأن الاقتصادي قادر على قيادة حرب نفسية شرسة ضد المجتمع أو الأفراد المستهدفين .

- الخطاب الجماهيري العاطفي: فنحن تحت الضغط العاطفي نفقد كل شيء قد كان من المستحيل فقدانه في حالتنا الواعية أو الإدراكية، ولهذا فإن الحرب النفسية تعتمد في الأساس على إثارة الجانب العاطفي والحسي لدينا كمجتمعات، وتستخدم في هذا الخطابات الملتهبة والكلمات الحماسية والشعارات الرنانة والصورة المؤثرة والأغنية الوطنية الدافئة، وبهذا تصبح الفريسة جاهزة لكي يستولي عليها المهاجم في حالتها التي وصلت لها بالعاطفة.

الحرب النفسية تعتمد في الأساس على إثارة الجانب العاطفي والحسي لدينا كمجتمعات، وتستخدم في هذا الخطابات الملتهبة والكلمات الحماسية والشعارات الرنانة والصورة المؤثرة والأغنية الوطنية الدافئة

- إثارة الفزع والخوف والرعب: وإن من أهم الحالات التي يستطيع فيها المهاجم السيطرة على المستهدف (الفريسة) هي: وضعها تحت حالة الخوف والفزع، وأن تظل في هذه الحالة؛ ففي هذه الوضعية تتخلى المجتمعات والشعوب المستهدفة عن صندوق أولوياتها في سبيل حالة الاستقرار والهدوء والأمان - التي يوهمها بها المهاجم - فيكون التجاوب، وتكون الاستجابة للمهاجم رد فعل طبيعي وضروري؛ كي تزول حالة الفزع والارتباك والخوف من المستهدف، وعليها تكون حالة النجاح للمهاجم.

- تلميع الصورة الذهنية للمهاجم لدى الفريسة المستهدفة: وهذا يعدّ أساساً من أسس الحرب النفسية، وهي إظهار صورة المهاجم بشكل برّاق ومظهر حسن لدى المجتمع المستهدف، وفي صورة المنقذ والمخلص أو الحمل الوديع لدى المستهدف ، أو إظهار قوة المهاجم وعظمته وسطوته وجبروته، مما يعني ضرورة استسلام الضحية.

على من يدير الحرب النفسية أن يراعي كل تلك الأسس والركائز التي ذكرناها أعلاه، كما أنه من الضروري علينا -كمجتمعات عربية وإسلامية- إدراك حجم الحرب التي تدار حولنا وفي محيطنا، سواء كانت حرباً داخليةً (من المستبدين والأنظمة الفاسدة المفسدة) أو حروباً خارجية من الأعداء الذين يستهدفوننا ليل نهار؛ للإيقاع بنا في فخهم وليحققوا ما يرمون إليه من أهداف.

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب مصري ومستشار اجتماعي وإعلامي .. مهتم بمجال تربية الأبناء

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …