يقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "لو أصبت تسعاً وتسعين وأخطأت واحدة لترك النـاس ما أصبت وأسروها وأعلنوا ما أخطأت وأظهروها".
لقد سعى بعض خصوم حركة "حماس" "في الساحة لتشويه قيادات حركة حماس بتصيُّد بعض التصرفات الصادرة من أبنائهم، وتضخيمها بجعل الصغائر كبائر وموبقات، برغم أنّ أكثر أولئك الناقدين متوغّلون في وحل الفساد إلى آذانهم، مما قد يضرب إسفيناً في خاصرة الحاضنة الشعبية، ويوجِّه لَكَماتٍ تجاه صلابة الجبهة الداخلية، ويؤثر سلباً على الماضي الجهادي العريق لتلك الحركة وقياداتها، فكيف يمكن للحركات الإسلامية بوجهٍ عام وحركة "حماس" "بشكلٍ خاص جَبُّ الغِيبة عن أنفسهم وأتباعهم، وتفويت هذه الفرصة على العدوِّ وأذنابه؟ وما هو مدى خطورة وقوع قادة الحركات الإسلامية أو أبنائهم في الخطأ على النسيج الاجتماعي؟
الجانب التربوي أمر مركزي عند الحركة
من جهته، قال يوسف الشرافي (النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني) في حديثٍ خاص لـ"بصائر": "لقد حرصت الحركات الإسلامية بصفةٍ عامة وعلى رأسها الإخوان المسلمين، وحركة "حماس" "بشكلٍ خاص على مسألة التربية (أي تربية الجيل على تقوى الله)؛ لأن الله تعالى يقول: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109].
وأضاف: "إنّ قدوتنا في التربية هو رسولنا –صلى الله عليه وسلم- عندما استثمر العهد المكي ثلاثة عشر عاماً في التربية والدعوة إلى الله، ثُمّ خرّج جيل المدينة الناتج عن تلك التربية التي كانت في زمن الدعوة، ولستُ مُبالغاً إنْ قُلت بأنّ التربية مطلوبة حتى القبر، كيف لا؟ وهي من أعظم أنواع العبادة التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، فالله -عز وجل- يقول: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99].
وشدد الشرافي على أنّ: "الجانب التربوي عند حركة المقاومة الإسلامية: "حماس" "وعند الجماعات الإسلامية بصفةٍ عامة هو أمر مُهم ومركزي "، مستدركاً: "لكننا نعلم أيضاً أنّ (كل بني آدم خطاء، وخير الخطّائين التوابون) ونحن نتعامل في زمن الصحابة وفي زمننا هذا مع بشرٍ قابلين إلى التوجه للخطأ أو إلى الصواب".
المطلوب من قادة الحركات الإسلامية
ونوه الشرافي إلى أنّ: "المطلوب من قادة الحركات الإسلامية لجبّ الغيبة عن أنفسهم وأتباعهم، توثيق العلاقة مع الله -سبحانه وتعالى- فيصبح الإنسان ربانياً، ولأنّ توثيق العلاقة مع الله تجعل القلوب مُحِبّة لهذا الإنسان وليست متصيدة لأخطائه؛ لأن هذه القلوب تحركت بأمر الله لمحبته، ولهذا جاء في الحديث القدسي: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ" (رواه البخاري).
وشدّد على أنّ: "توثيق العلاقة مع الله تجعل المراقبة والخشية من الله سبحانه أمام أعيننا، ومهما كنت في موقع من مواقع المسؤولية وفي مواقع المعاملة مع الناس استحضر مراقبة الله لك، لا شك حينها ستعمل جاهداً بأن تكون قرآناً يمشي على الأرض".
وأردف قائلاً: "يجب أن أنظر لنفسي على أنّني قدوة، وأنّ الله مُطّلع عليّ، وأن الناس يقتدون بي ، وأن أتذكر أنه: "من سنّ في الإسلام سُنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"، وعندما أكون سُنّة حسنة في المجتمع لا شك أنني أتشجع إلى المزيد؛ لأنني أعلم أنني أكسب أجراً في كل من يقتدي بي من أبناء الأمة، أما إذا كنت سنة سيئة لا بد وأن أُراجع حساباتي".
احذروا تربص العدو الصهيوني
وأوضح الشرافي أنّ: "هناك أمراً أمنياً يلزم شعوبنا العربية بشكلٍ عام، وأبناء شعبنا في قطاع غزة بشكلٍ خاص وهو أنّ العدو الصهيوني ينظر إلينا اليوم، وإلى قيادات حركة "حماس" "بالذّات على أنّها صمدت خلال 3 حروب وما كُسِرت لها عزيمة، وما زال الشعب يلتف حولها، وأنه فشل برغم حصاره للشعب الفلسطيني في كسر إرادته، وفي أن ينفض الشعب عن قيادته، والآن قالوا: لا بُد من قضية الإشاعات، فباتوا يُجنّدون المنافقين وضعاف النفوس وقد يُجندون العملاء لبث الشائعات ضد القيادات وأبنائهم، وهذا يعدّ إنجازاً للعدو الصهيوني" على حد تعبيره.
وأكد الشرافي على أن المجتمع الإسلامي مبنيّة علاقاته على حُسن الظن، لا على إساءته؛ يقول: "فالقرآن عابَ من استعجل أن يتكلم بشأن عائشة -رضي الله عنها- عندما طُعنت في عِرضها، فقال: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: 15]، والمعلوم أنّ التلقي يكون بالأذن، لذلك فإن المطلوب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6]، والإمام الشافعي يقول: "مَنْ وَعَظَ أَخَاهُ سِرًّا فَقَدْ نَصَحَهُ وَزَانَهُ، وَمَنْ وَعَظَهُ عَلانِيَةً فَقَدْ فَضَحَهُ وَخَانَهُ".
وتابع: "إذا أردتُ تصويب مسيرة أحد الأخوة، الأفضل لي والأكثر قبولاً عند هذا الأخ أو القائد أن أرسل له رسالة أو أكلمه بيني وبينه، أمّا أن أتكلم على الملأ فهذا لن يدخل إلى قلبه ، وهذا إن دلّ فإنما يدل على مرض في قلوب هؤلاء الناس الذين يتجرؤون على القيادات التي ضحّت وقدمت الشهداء، لكن نحن وإياهم نبقى في إطار البشرية ولمْ نرتقِ إلى إطار الملكية".
وذكر الشرافي أنّ: "ديننا دين السِتر بصفةٍ عامة، لكن أقول لكل قائد أو مسؤول: "رحم الله امرءاً جبّ الغيبة عن نفسه"، وأؤكد على أننا عندما جعل الله رقيباً علينا في كل صغيرة وكبيرة؛ خوفاً من الله تعالى واستعداداً للقائه، لا شك أننا لا نحتاج لشيء بعدها، وأقول إذا كُنّا نتحسس من قضية البشر فهناك: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18]، وهناك: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4]، وهناك: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا ۖ وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا ۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47]".
تشريعي مقاومة
وأوضح الشرافي أنّ: "المؤسسة في حركة حماس وقّافة إلى حدٍ كبير، ونحن مُطّلعون على القيادات وأبنائهم، وأقول إن أعضاء المجلس التشريعي في قطاع غزة قُطعت رواتبهم منذ العام 2007 ونتقاضى رواتبنا من حكومة غزة وبنسبة ما يأخذه الموظفون، أما بالنسبة للأمور التشغيلية فالأخوة في غزة لا يأخذون منها سوى للسولار أو البنزين لسياراتهم، لكن تصليح السيارات فهو على حِسابنا"، مضيفاً أنّ قضية الجلسات كانت سابقاً يؤخذ عليها أموال، "لكن الآن وبفضل الله نقولها ونعتز بها أننا نعمل ونحن نتضامن بقلوبنا وبدمائنا مع الشعب الذي قدم الشهداء والدماء والأشلاء وهذا ليس كثيراً على أبناء شعبنا".
وقال: "نحن جئنا لنكون تشريعي مقاومة، وبفضل الله أنّ المقاومة ما ارتقت في تاريخ القضية الفلسطينية كما ارتقت في وجود المجلس التشريعي الفلسطيني الذي انتخبه هذا الشعب العظيم، ونتشرف عندما نقول بأن حكومتنا تُشرِف على المقاومة وترعاها، وبينهما انسجام تام، وليس تنسيقاً أمنياً مع العدو ضدها كما يفعل غيرنا".
وختم الشرافي حديثه بالقول: "وصيتي للجميع أنّنا تحت المجهر، ولا شك أنّ أبناء شعبنا يعانون من ضنك العيش، وفي حصار يمثل جريمة إبادة جماعية بحق أكثر من مليوني شخص لفترة تزيد عن 12 عاماً وفق أهل القانون الدولي، والعالم الظالم صامت، لكن إذا كان مجهر البشر قد يسجل ويصيب -أو قد لا يسجل- لكننا نتذكر الرقابة الربانية التي لا تخفى عليها خافية، والقيادة تؤكد على أنها تتشرف بأن تكون خدماً لهذا الشعب الذي ضحّى بالشهداء والجرحى والأسرى".
كيف يمكن جبّ الغيبة عن الحركة وأتباعها؟
ومن ناحيته، قال يونس الأسطل (عضو البرلمان الفلسطيني وعضو رابطة علماء فلسطين) لـ"بصائر": "إنّ بعض خصومنا في الساحة سعوا لتشويه قيادات حركة حماس بتصيُّد بعض التصرفات الصادرة من أبنائهم، وتضخيمها -سواء كان أصل الخبر صحيحاً أم لا- غير أنهم لا يتورعون أن يصنعوا قُبَّةً من حبة، وأن يجعلوا الصغائر كبائر أو موبقات"، مضيفاً: "ومن عجبٍ أن أكثر أولئك الحاقدين، أو أن كثيراً من الناقدين، متوحّلون في الفساد إلى آذانهم، لكنها الحرب القذرة التي يُنَفِّسون فيها بعض أحقادهم، أو يتقربون بها إلى أسيادهم من بني إسرائيل الغزاة المحتلين".
وأوضح الأسطل أنه يمكن جَبُّ الغيبة عن حركة حماس وغيرها من الحركات الإسلامية وأبنائهم وأتباعهم في هذه المرحلة بالخطوات الست التالية:
1. التوكل على الله، والضراعة إليه بأن يصرف عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، وما تعلق منها بالآخرة والدنيا، وأن يذهب عنهم رجس المنافقين، وكيد الخائنين، وإفك الحاقدين.
2. الحرص على مرضاة الله في الأقوال والأفعال، وطلب رحمته ومغفرته وجنته؛ ليكونوا أسوة حسنة في ذلك، مع المبادرة إلى التوبة والاستغفار إذا صدر منهم ما يستوجب الإثم عند الله، أو الازدراء عند الناس.
3. الالتزام بالتصرف القانوني الذي يصعب معه إدانة السلوك، أو التشويش بالشائعات ونحوها.
4. معالجة الأخطاء أولاً بأول؛ كي لا تتراكم، فيستعصي علاجها، وتعطي الذريعة لذوي الألسنة الحِداد أن يسلقوا القيادة وأبناءها بذلك.
5. المبالغة في تحقيق العدالة بين سائر الناس وأبناء حماس، سواء كان ذلك في الحقوق أو الواجبات، أو التعزير والغرامات، وما شابه ذلك.
6. إيلاء أبناء القادة المزيد من التربية والتوعية بمخاطر مجمل سلوكهم على مقام آبائهم، خاصة وأن أولئك الآباء ليسوا متفرغين لمتابعة أبنائهم كسائر الناس، فهم يغيبون عن البيت سحابةَ النهار، وزُلَفاً، من الليل، وربما غابوا لياليَ وأياماً في السفر والالتقاء بالعالم الخارجي، وقد يغيبون في السجون بضع سنين، أو عقوداً من الأعوام والحِجَج، فوجب أن نَخْلُفَهم في أهلهم خيراً.
خطورة وقوع القادة أو أبنائهم على النسيج الاجتماعي
وحول مدى خطورة وقوع القادة أو أبنائهم في الخطأ على النسيج الاجتماعي في هذه الحقبة التي يُقاومون فيها المحتل، قال الأسطل: "لا شك في أن صلابة الجبهة الداخلية، والحاضنة الشعبية، أحد أهم أسباب الصمود في وجه المؤامرات الصهيونية، والعربية، والفلسطينية؛ فإذا استهدفت القيادة بالتشويه من خلال سلوكها المضخَّم عمداً، أو البهتان المزوَّر، أو بتناول أبنائهم بسهام الاتهام بكثيرٍ من سوء الخصال خدمة للاحتلال، فإن كل ذلك يضرب إسفيناً في خاصرة الحاضنة الشعبية، ويوجِّه لَكَماتٍ لصلابة الجبهة الداخلية، وقد يضعضع مقاومتنا المُرهِبة لعدوِّنا، وهو الذي يتربص بنا الدوائر؛ ليهجم علينا على حين غفلةٍ منا".
وأكد على أن تلك الشبهات تؤثر سلباً على الماضي الجهادي العريق لتلك القيادات، وقد كان سبباً في الْتفاف الجماهير من حولهم؛ قناعةً بمنهجهم، ورضاً بأشخاصهم، أن يكونوا قادة المجتمع في معركة الحرية والتحرير، فوجب تفويت هذه الفرصة على العدوِّ وأذنابه.
خير الخطَّائين التوابون
وشدد الأسطل على أن: "القادة وأبناءهم ليسوا ملائكة، وليسوا معصومين، وقد يقعون في الخطأ، وليس ذلك عيباً ابتداءً؛ فكل ابن آدم خطاء، إنما العيب في الإصرار على الخطأ، والمكابرة بنفي أن يكون سلوكهم خاطئاً ، وإلَّا فخير الخطَّائين التوابون".
وأشار إلى أن: "الاعتراف بالخطأ، والعودة عنه، وترميم آثاره، يجلو نتائجه السيئة إلى حدٍ كبير، ويجعل الجمهور أكثر الْتفافاً حول قيادة تعتذر حين تُخطئ شخصياً، أو يصدر ذلك الخطأ من أحد أبنائهم أو المقرَّبين منهم من العَصَبة، أو الأرحام، أو الحراسات، أولئك الذين يعتقد الناس أن جرأتهم على الفعل الخاطئ إنما كان بسبب شعورهم أنهم في منأىً عن الملاحقة القانونية والعقاب"، مضيفاً أنه إذا جاء الاعتذار، ورُدَّ الاعتبار للمُسَاءِ إليهم كان أثره إيجابياً آنياً ومستقبلاً، فإذا دفعوا بالتي هي أحسن أصبح الذي بينه وبينهم عداوةٌ كأنه وليٌّ حميم".
حرص السلف الصالح على المال العام
وذكر الأسطل أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- رفض أن تُسْنَدَ الخلافة من بعده لولده عبد الله (وهو من هو علماً وورعاً) بل إنه أخبر حين حمل أمانة الخلافة أنه قد أنزل نفسه من المال العام منزلة الوليِّ من مال اليتيم؛ إذا استغنى استعفف، وإذا افتقر أكل بالمعروف، فأخذ لذلك بمبدأ الزهد، وفي عام الرمادة حرّم على نفسه أن تذوق اللحم حتى يشبع منه عامة المسلمين.
وأردف قائلاً: "كما حدث أن أعطى قائد الجيش في إحدى معارك فارس عبدَ الله بنَ عمرَ طائفةً من أموال الغنيمة؛ ليشتري بها تجارةً، فإذا عاد بها إلى المدينة باعها، وردَّ أصل المال إلى بيت المال، فلما بلغ ذلك عمر –رضي الله عنه- أمر ولده أن يُودِعَ رأس المال، وجميع الأرباح، في بيت المال، بحجة أن أمير الجيش قد حابى له فأعطاه؛ لأنه ابن الخليفة، ولم يُعْطِ مثل ذلك لآحاد المجاهدين".
أسباب تصيّد أخطاء أبناء القادة
وفيما يخص حرص بعض المغرضين على تصيُّد أخطاء أبناء القادة أكد الأسطل على أنّ: "الحسد المقيت للقادة أن يكونوا على تلك الدرجة من الوجاهة، والتأييد الشعبي، والتقلب في البلاد، هو الذي يدفع بعض مَنْ في قلوبهم مرض لتشويههم والإساءة إليهم ، وأشدُّ الحاسدين من يرى أنه أحق بتلك الحظوظ الدنيوية من القادة، فيكون أَلَدَّ الخصام".
وتابع: "إن صعود بعض القادة يكون على حساب قادة سابقين، ولذلك فإنّ أولئك الذين جرت تنحيتهم، وتنصيب هؤلاء مكانهم، لن يستسلموا للتهميش، لاهم، ولا أنصارهم -المنتفعون في زمنهم- وهم يحرصون على عودتهم لتعود لهم مصالحهم بحق أو بباطل، وهم المنعوتون بوصف: الدولة العميقة -بل العقيمة بتعبيرٍ أولى- ومن وسائلهم في ذلك أن يلطخوا عرض القادة الجدد، ولو بتوجيه الحرب الباردة إلى أبنائهم، ليبدو انتفاء الفرق بينهم وبين السابقين في الفساد، مع أن البون بين الفريقين شاسع".
واسترسل: "كما ارتبط بعض الناس بجريمة الولاء للأعداء بما اشتهر بلقب التنسيق الأمني، وهو في الحقيقة خيانة للأمانة، وعمالة للاحتلال، ومن مصلحتهم أن يبرهنوا على صدق ذلك الولاء بشنِّ حرب على القادة الذين يقفون كالشوكة القتادة في وجه من يُبَيِّتون لنا الإبادة؛ لعلهم بتشويه أبناء القيادة أن يخدموا الاحتلال بما يحدثون من اختلال في العلاقة المتينة بين القادة والجند من ناحية، وبينهم وبين القاعدة الشعبية من ناحيةٍ أُخرى".
رسالة لأبناء القيادات
ووجه الأسطل رسالة لأبناء القيادات قائلاً: "إنّكم لستم كآحاد الناس، فأنتم تحت المجهر أمام الكرام الكاتبين الذين يستنسخون ما كنتم تعملون، ثم أمام الناس، ومثلكم كمثل الثوب الأبيض الذي تظهر فيه النقطة السوداء وتشوِّه جماله، مهما كانت صغيرة، كما أن أخطاءكم ليست قاصرة عليكم، فإنها تسيء إلى آبائكم وذويكم، وتنعكس سلباً على المجتمع كلِّه الذي يمسي رافضاً السمع والطاعة للقيادة، وقد يصبح مهيَّأً للتمرد والفلتان تحت شعارات خادعة، ودعاية مغرضة، وقد يعصف هذا بالبلاد والعباد، وبالإنسان والأوطان، لو هجم العدو علينا، وظلَّ الأكثرون يتفرَّجون، وقد تحملون من أوزار القوم ما لا تطيقون، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فلا يراكم حيثُ نهاكم، ولا يفتقدكم حيث أمركم".