لا تُعادوا أبناءكم!

الرئيسية » بصائر تربوية » لا تُعادوا أبناءكم!
father-son

قد يستغرب بعض الآباء نهياً كهذا، وقد يبدأ البعض الآخر الهجوم بأسئلة من قبيل: وهل يكره الآباء أبناءهم قط؟ وكيف يعد الأب ابنه عدواً له؟ والإجابة -مع الأسف– هي أن هذا الأمر واقع بالفعل، وقد لا يكون شعوراً في القلب من الآباء تجاه الأبناء، ولكن تلك العداوة للأسف تظهر في كثير من التصرفات والأقوال وبرفع الصوت والصراخ، والتي يترجمها الأبناء على أنها دليل كره من الآباء، وإن أدلى الآباء بعكس ذلك في أقوالهم، وإليكم بعض هذه التصرفات مع ذكر أهمية وكيفية تفاديها:

1. النقد اللاذع:

تجد الكثير من الآباء يكثر من انتقاد أبنائه بعبارات جارحة سواء وحدهم أو أمام الآخرين، فإذا كان الطفل سميناً، يناديه الأب أو الأم صراحة بذلك، ويبدؤون بالتنابز بالألقاب، دون مراعاة مشاعره، أو إذا كان الطفل كثير الحركة أو غير نبيه، أو غير مجتهد في دراسته... إلخ، فإنك للأسف تجد أول معقب على هذا "القصور" -من وجهة نظرهم- هم الآباء أو الأمهات في كثير من الأحيان، وهذا دون محاولاتهم للبحث أو اقتراح أي حلول.

فينتهي الأمر بأن يفهم الطفل كونه غير محبوب بل وأحياناً منبوذ، لذلك وجب تفادي مثل هذه التصرفات في حق الأبناء، واستبدالها بألقاب تُظهر مميزات الأبناء ونقاط قوتهم مع الحرص على إيجاد حلول للعيوب مع الوضع في الاعتبار ألا أحد كامل، فيكبر الإنسان وهو ما يزال بحاجة لإصلاح نفسه وقلبه وحياته، لكن هذا لا يجب أن يمنع شعور الثقة بنفسه لما يملكه من الصفات الحسنة بالفعل.

يكبر الإنسان وهو ما يزال بحاجة لإصلاح نفسه وقلبه وحياته، لكن هذا لا يجب أن يمنع شعور الثقة بنفسه لما يملكه من الصفات الحسنة بالفعل

2. افتراض سوء النية:

فالكثير من الآباء قد يعاملون طفلهم وكأنه ندٌ لهم ويفكر ويتصرف مثلهم بالضبط، فيتعاملون مع الطفل على أنه خبيث أو لئيم أو كذاب أو يخفي أمراً ، وإذا حزن أو غضب فإنه يفعل ذلك لاستفزاز أبويه لا لأنه حزين أو غاضب بالفعل، وناهيكم عن ذكر أن هذه التصرفات غير صائبة أبداً من قبل الآباء، فهي تُحزن الطفل كثيراً، وتثير حيرته وغضبه تجاه الآباء، فالطفل كثيراً ما يرتكب الأخطاء بحسن نية، ويغضب لأن أمراً أزعجه، وبدلاً من أن يُكسِبُه هذا تعاطف أبويه وتفهمهم وحرصهم على معرفة ما يحزنه، أو تفادي حدوثه مرة أخرى، أو إيجاد حل له، فإنهم يعادونه ويعاملونه كند لهم.

كذلك حين لا يفهم الطفل أمراً وُجه إليه، أو يفعل عكس ما طُلب منه، أو لا ينفذه بالضبط، فهنا يغضب الكثير من الآباء، ويظنون أنه يقوم بهذا عمداً ليستفزهم أو يثير غضبهم، ولا يدركون أنه في مرحلة عمرية لا يستوعب فيها الأمور بنفس درجة فهم الكبار واستيعابهم، هذا مع الوضع في الاعتبار أن الكبار أنفسهم قد لا يلتزمون بما يأمرون به أبناءهم طوال الوقت أو ربما على الإطلاق، والأطفال يقلدون التصرفات أكثر من استجابتهم للأوامر الشفهية المباشرة.
قد يقول البعض إن هناك من الأطفال سيما في سن المراهقة من يفعلون مثل هذه الأمور والبعض قد يستفز الآباء، وإن كان هذا صحيحاً، فالحل قطعاً ليس بالعدائية وإظهار الندية، فهو في النهاية طفل وفي سن يحتاج فيه للدعم والمساعدة لا للعدائية والرفض والهجوم.

الكبار أنفسهم قد لا يلتزمون بما يأمرون به أبناءهم طوال الوقت أو ربما على الإطلاق، والأطفال يقلدون التصرفات أكثر من استجابتهم للأوامر الشفهية المباشرة

3. المقارنة وتعويض الفرص الضائعة في الأبناء:

وهذه من أخطر الأمور على الإطلاق، فالمقارنة بين الأبناء تؤدي في غالب الأحيان -إن لم يكن كلها- إلى شعور الشخص في الجانب السلبي من المقارنة بالنقص ، وكثيراً ما تُتَوَّج العلاقة بين هؤلاء الإخوة بالتوتر والكره، أما المقارنة بين الآباء والأبناء فهي قطعاً ظالمة، وللأسف كثيراً ما تعبر عن عقد نقص لدى الآباء، ورغبة منهم في أن يحقق أبناؤهم ما عجزوا هم عن تحقيقه، وإن خالف هذا رغبات الأبناء.

فلا بد أن يحرص الآباء على الإنصاف في التعامل مع جميع أبنائهم دون تمييز، سواء في إظهار مشاعر المحبة حديثاً أو تصرفاً، وفي إبداء الاحترام، وإعطاء الهدايا، إن عجزوا عن الإنصاف القلبي والذي لا سلطة لهم عليه.

4. عدم التعاطف والرحمة:

بعض الآباء - للأسف - أساتذة في اللوم والعتاب وإسداء النصائح في الوقت الذي يحتاج فيه الكثير من الأبناء إلى التعاطف والرحمة ، ولا مانع قطعاً من إسداء النصائح بالمعروف، ولكن لكل مقام مقال، فحين يقع الطفل، أو يؤذيه أحدهم، أو يرسب في امتحان، أو لا يتمكن من تحقيق هدف ما، فالأولى في هذه المواقف هو إظهار الدعم والحب للطفل، وتأجيل النصح، كذلك عدم العتاب مطلقاً، وإن لزم الأمر فحبذا تغليفه في شيء من النصح اللطيف.

الابن الصالح هو في حد ذاته بذرة عمل صالح، وإذا نويت واحتسبت تربيته لله كبرت الثمرة وأينعت وشكرت لك معروفك ، وحين مماتك ستغدو شجرة يانعة تلهج بالدعاء لك ليل نهار، فاستوصوا بثماركم خيراً تغدو شجراً تستظل الناس في ظله وتدعو لمن زرعه ورعاه.

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتبة ومترجمة من مصر، مهتمة بقضايا التعليم والأسرة والتطوير الذاتي

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …