أطفالنا والعناد.. الأسباب والحلول

الرئيسية » بصائر تربوية » أطفالنا والعناد.. الأسباب والحلول
child11

كثيرا ما يشكو الآباء والأمهات من عناد أطفالهم بشيء من الألم والتعب وأحيانا المدح، وبالرغم من أن هذا الأمر طبيعي جدا، فهو طفل والعناد في ذاته من خصائص هذه المرحلة وليس هناك أي سبب للقلق أو الخوف بل ربما يكون أمراً إيجابياً مستقبلا، لكن في الوقت نفسه لا يجب الاقتصار على شكواهم دون العمل، فالأمر مهم في تأسيس الطفل وتقلباته المزاجية، وعليهم أن يقوموا بدور قوي لتقليل عناده ولو جزئيا إن لم يكن كليا، والوسائل كثيرة في ذلك لكن أهمها يقينا هو السرد القصصي، والمعنى اختلاق قصص لتحويله من عنيد لمرن أو قراءة قصص أو حتى شراء كتب وما أجمل أن تقرأ الأم وينشط الأب ثقافياً من أجل أبنائه وسعياً في تغيير صفاتهم للأفضل والأجمل.

ونحن كعادتنا سنذكر أسباب العناد ونسعى في حلها بالشكل السلس بعيدا عن تعقيدات الأمور والمصطلحات لكن بعد ذكر بعض مظاهر العناد حتى يكون الوالدان على بينة ورؤية واضحة.

من مظاهر العناد

1- عدم الانصياع للوالدين
والمعنى هو الإصرار على الرأي والعصيان، فتجد الطفل في حالة من التصلب في الكلام ورفض أي توجيه أو مجرد إقناعه بشيء عكس ما يراه هو؛ معتقدا أنه صواب، وفي حال مناقشته فإنه يعرض عن ذلك يذهب لغرفته لينهي هذا النقاش في دهشة من الوالدين.

2- التمرد البسيط
يقيناً الطفل لا يعي هذا المصطلح لكن خطابنا للوالدين، والتمرد المقصود هنا هو عدم فعل الأمور الطبيعية التي كان يفعلها في وقت سابق من عمره، فتجده مثلاً يرفض مساعدة أخته، أو يضربها، وتجده غير مهتم بنظافته، فلا يهم أن يذهب للمدرسة نظيفا أو لا.

من أسباب العناد

1- الخلافات الأسرية
إن الوالدين هما المسؤولان عن تنشئة الأولاد سواء كانت سليمة أو لا، والنشأة الطيبة تأتي من حسن التبعل للزوجة وحسن قيام الزوجة بواجبها بالشكل المطلوب وعدم حدوث أي مشكلات بينهم "يراها الأطفال" فلا صوت عالٍ وشجار أمام الأطفال فضلاً عن الضرب والعنف، فكل هذه المصائب تجعل العناد شيئاً طبيعياً لأي شخصية رأت العنف والإهانات والخلافات المتفاقمة بين أحب اثنين إلى قلبه، وعليه فالعاقبة وخيمة. لذلك على الوالدين أن يتفهما دورهما في تنشئة الأبناء وماذا يريدان لهم اليوم ومستقبلاً.

2- ضرب الأولاد
إن العنف والقسوة والعقاب الدائم يعجل بالعناد عند الطفل خصوصاً لو كان الأب نفسه عنيداً، عندها ستحدث مشكلات كبرى، ولذلك فالضرب يورّث مزيداً من الصفات التي يرفضها الآباء، ربما يكون العناد أقلهم ضرراً، لذلك فالنهي عن الضرب والقسوة واستبدالهم بالحب والتسامح والعقلانية في التعامل والحوار البناء والإحاطة العاطفية للطفل تجعل من العناد عند الطفل ماضياً ذهب ولن يعود.

3- تجاهل رغباته
إن الطفل له رغبات حقيق أن تحترم، فلا يجب تجاهلها بدعوى أنه لا يفهم، لكن يجب إفهامه وتوضيح الأمور له والتخلي عن سياسة العصا والجزرة معه؛ لأنها سياسة فاشلة لا تضيف للطفل شيئاً يذكر، غير أنه ينظر للوالدين نظرة فيها شيء كبير من عدم الحب، فالأصل هو العطاء دون انتظار مقابل، فضلا عن أن التواصل الدائم يجعل الطفل عطوفاً ليناً فهو لا يطلب المستحيل، و هناك الكثير من الآباء والأمهات الذين يستغربوا وضع أبنائهم رغم أنهم لا يتأخرون عليهم، وعندما تسألهم هل تسمعون لطلباتهم أم تفرضون عليه ما ترغبون به، فيكون الرد نحن من نختار له، ونحن من يحدد له، وتلك طامة فالواجب أن نسمع ثم نصحح لهم المسار إن كان خطأ.

من وسائل العلاج

1- الرفق واللين
إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه، وعليه فالخطاب الرقيق المتسامح الغير متضاد مع عناد الطفل يحوله لإنسان لين سلس في التعامل، منصاع للأوامر ملبياً للتوجيهات بشيء من الفرح، بل ربما يكون ذلك إعلاناً لعلاقة جديدة مع الوالدين.

2- الاعتدال في التربية
إن الإفراط في الشيء في الحياة يتحول لعكسه، والاعتدال في كل شيء باب أمن وأمان، والتربية هي أصل الاعتدال، وعليه فعلى الوالدين أن يكونا على وعي كامل بمتطلبات طفلهم بشكل دائم، بحيث يلبون له ما يخدم على استقامة سلوكه ولا يفرطون في إحضار كل ما يريده؛ لأن هناك من التدلل ما يصيب الأولاد بالخيبة وضعف الشخصية، ونحن يقينا لا نتمنى لأطفالنا ذلك ولذلك نحن نحذر.

3- البعد عن المقارنات
على الوالدين أن لا يضعا أطفالهم في أي مقارنة مع أي شخص من أقرانهم سواء من الأقارب أو زملاء الدراسة فتلك مصيبة، والأخطر هو عرض تلك المقارنة والتذكير بها من حين لآخر فتلك مصيبة أكبر من أختها؛ لأن الناتج على الطفل مزيد من العناد والفتور، وكراهية الأقران والأصحاب والأقارب.

4- العدل الأسري
والمعنى هو عدم تفضيل طفل عن الآخر، فهذا الأمر يدفع الطفل لمزيد من العناد والعصيان بل وسوء الأخلاق، وكثيرا ما سمعنا من شباب أن مشكلتهم كانت في الصغر حيث كان الأب يفضل أحد الأبناء على الآخر، وعليه فإن علاج الأمر في مهده متروك لحسن فهم الوالدين في المساواة بين الجميع ومدحهم كثيراً أمام بعضهم بشيء من العدل؛ حتى يشعر كل واحد منهم بأنه الأقرب لقلب والديه.

ختاما
أطفالكم أطفالكم هم العون والسند لكم بعد الله، فأحسنوا التنشئة وأحسنوا رعاية الثمرة بالشكل السليم حتى تنضج وتضيف لكم كل خير، وتنشئ هي مستقبلا، بيتاً سليم البنيان بلا عناد أو عصيان.

 

معلومات الموضوع

اضغط لنسخ رابط مختصر لهذا المقال
كاتب وباحث مصري الجنسية، مؤلف عدة كتب فى التربية والتنمية "خرابيش - تربويات غائبة- تنمويات". مهتم بقضية الوعي ونهضة الأمة من خلال التربية.

شاهد أيضاً

“بروباجندا” الشذوذ الجنسي في أفلام الأطفال، إلى أين؟!

كثيرًا ما نسمع مصطلح "بروباجاندا" بدون أن نمعن التفكير في معناه، أو كيف نتعرض له …